ع: هذا الحرف قدّمه جماعة من اللغويين في كتبهم وابتدأُوا به في
مصنفاتهم؛ حكى الأَزهري عن الليث ابن المظفر قال: لما أَراد الخليل بن أَحمد
الابتداء في كتاب العين أَعمل فكره فيه فلم يمكنه أَن يبتدئ من أَوّل ا ب ت
ث لأَن الأَلف حرف معتل، فلما فاته أَوّل الحروف كره أَن يجعل الثاني
أَوّلاً، وهو الباء، إِلا بحجة، وبعد استِقْصاء تَدَبَّر ونظَر إلى الحروف
كلها وذاقَها فوجد مخرج الكلام كلّه من الحلق، فصيَّر أَوْلاها بالابتداء
به أَدخلها في الحلق، وكان إِذا أَراد أَن يذوق الحرف فتح فاه بأَلف ثم
أَظهر الحرف نحو أَبْ أَتْ أَحْ أَعْ، فوجد العين أَقصاها في الحلق
وأَدخلها، فجعل أَوّل الكتاب العينَ، ثم ما قَرُب مَخرجه منها بعد العين
الأَرفعَ فالأَرفعَ،
حتى أَتى على آخر الحروف، وأَقصى الحروف كلها العين، وأَرفع منها الحاء،
ولولا بُحَّة في الحاء لأَشبهت العين لقُرْب مخرج الحاء من العين، ثم
الهاء، ولولا هَتَّةٌ في الهاء، وقال مرة هَهَّةٌ في الهاء، لأَشبهت الحاء
لقرب مخرج الهاء من الحاء، فهذه الثلاثة في حَيِّز واحد، فالعين والحاء
والهاء والخاء والغين حَلْقِيّة، فاعلم ذلك. قال الأَزهريّ: العين والقاف
لا تدخلان على بناء إِلا حَسَّنتاه لأَنهما أَطْلَقُ الحُروف، أَما العين
فأَنْصَعُ الحروف جَرْساً وأَلذُّها سَماعاً، وأَما القاف فأَمْتَنُ
الحروف وأَصحها جَرْساً، فإِذا كانتا أَو إِحداهما في بناءٍ حَسُن
لنصاعتهما. قال الخليل: العين والحاء لا يأْتلفان في كلمة واحدة أَصلية الحروف
لقرب مخرجيْهما إِلا أَن يؤلف فعل من جمع بين كلمتين مثل حيّ على فيقال منه
حَيْعَلَ، والله أَعلم.