Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب): https://arabiclexicon.hawramani.com/?p=19876&book=21#55b81c
(صَرَا)
(هـ) فِي حَدِيثِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ «مَا يَصْرِينِي مِنْكَ أَيْ عَبْدِي» وَفِي رِوَايَةٍ:
«مَا يَصْرِيك منَيّ» أَيْ مَا يَقْطَعُ مسْأَلَتَك ويمنَعُك مِنْ سُؤالي: يُقَالُ صَرَيْتُ الشيءَ إِذَا قَطعْته وصَرَيْتُ الماءَ وصَرَّيْتُهُ إِذَا جَمَعتَه وحَبَسته.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَنِ اشتَرَى مُصَرَّاةً فَهُوَ بخَير النَّظَرين» المُصَرَّاة: النَاقَةُ أَوِ البقَرَةُ أَوِ الشَّاةُ يُصَرَّى اللّبنُ فِي ضَرْعها: أَيْ يُجْمَع ويُحْبَس. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ المُصَرَّاة وَفَسَّرَهَا أنَّها الَّتِي تُصَرُّ أخلافُها وَلَا تُحلَبُ أَيَّامًا حَتَّى يجتمعَ اللبنُ فِي ضَرْعها، فَإِذَا حلَبها المُشْتري اسْتَغْزَرَها. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: جائزٌ أَنْ تكونَ سُمّيَت مُصَرَّاة مِنْ صَرِّ أخلافِها، كَمَا ذُكِرَ، إِلَّا أَنَّهُمْ لَمَّا اجتمعَ لَهُمْ فِي الْكَلِمَةِ ثلاثُ رَاآتٍ قُلبت إحْدَاها يَاءً، كَمَا قَالُوا تَظنَّيتُ فِي تَظَنَّنْت. وَمِثْلُهُ تَقَضى الْبَازِي فِي تَقَضَّض، والتّصدِّي فِي تَصَدَّدَ. وكثيرٌ مِنْ أمْثَال ذلكَ أبدَلُوا مِنْ أَحَدِ الْأَحْرُفِ الْمُكَرَّرَةِ يَاءً كَرَاهِيَةً لِاجْتِمَاعِ الْأَمْثَالِ. قَالَ: وَجَائِزٌ أَنْ تكونَ سُمَيّت مُصَرَّاةً مِنَ الصَّرْيِ، وَهُوَ الجمعُ كَمَا سبقَ. وإِليه ذهبَ الأكثرُونَ.
وَقَدْ تَكَرَّرَتْ هَذِهِ اللفظةُ فِي الْأَحَادِيثِ، مِنْهَا، قولهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ «لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ والغَنم» فَإِنْ كَانَ مِنَ الصَّرَّ فَهُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الصَّادِ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الصَّرْي فيكونُ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ.
وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهُ لِأَنَّهُ خِداعٌ وغِشٌّ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى «أنَّ رجُلاً استَفْتاهُ فَقَالَ: امْرَأتِي صَرِيَ لبنُهَا فِي ثَدْيِها، فَدَعَتْ جَارِيَةً لَهَا فمصَّته، فَقَالَ: حَرِمتُ عَلَيْكَ» أَيِ اجْتَمَعَ فِي ثَدْيِها حَتَّى فَسَد طَعْمُه. وتحريمُها عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّ رَضَاع الْكَبِيرِ يُحرّم.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ مَسح بِيَدِهِ النَّصْل الَّذِي بَقي فِي لَبَّةِ رَافِعِ بْنِ خَدِيج وتَفَل عَلَيْهِ فَلَمْ يَصِرْ» أَيْ لَمْ يَجْمع المِدَّة.
(س) وَفِي حَدِيثِ الإسْراء فِي فَرْضِ الصَّلاة «علمتُ أَنَّهَا أَمْرُ اللَّهِ صِرَّى» أَيْ حَتمٌ واجبٌ وعَزيمة وَجِدّ. وَقِيلَ هِيَ مُشْتَقَّة مِنْ صَرَى إِذَا قَطَع. وَقِيلَ هِيَ مُشْتقَّة مِنْ أَصْرَرْت عَلَى الشَّيْءِ إِذَا لَزِمْتَه، فَإِنْ كَانَ مِنْ هَذَا فَهُوَ مِنَ الصَّادِ وَالرَّاءِ المشدَّدة. وَقَالَ أَبُو مُوسَى: إِنَّهُ صِرِّيٌّ بِوَزْنِ جِنْيٍ.
وصِرِّيُّ العَزْم: أَيْ ثَابِتُهُ ومسْتَقِرُّة.
وَمِنَ الْأَوَّلِ حَدِيثُ أَبِي سَمّال الأسَدِي، وَقَدْ ضلَّت ناقتُه فَقَالَ «أَيْمُنُكَ لَئن لَمْ تردَّها علَيَّ لَا عَبَدْتُك، فأصابَها وَقَدْ تَعَلَق زِمَامُها بعَوسَجَة فَأَخَذَهَا وَقَالَ: عَلِمَ ربَيّ أَنَّهَا مِنّي صِرَّى» أي عَزِيمة قاطِعةٌ، ويمينٌ لازِمة.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَرْض نَفْسه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْقَبَائِلِ «وَإِنَّمَا نَزلْنَا الصَّرَيَيْنِ، اليَمَامةَ والسَّمَامَة» هُمَا تَثْنِيَةُ صَرَّى وَهُوَ الماءُ المجتمعُ. ويَرْوى الصِّيرَيْن.
وسيَجيءُ فِي موضِعِه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الزُّبير وَبِنَاءِ الْبَيْتِ «فأَمر بصَوَارٍ فنُصِبَت حولَ الْكَعْبَةِ» الصَّوَارِي جَمْعُ الصَّارِي، وَهُوَ دَقَل السَّفِينة الَّذِي يُنْصب فِي وَسَطِهَا قَائِمًا وَيَكُونُ عَلَيْهِ الشِّراع.