Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: قرآن

الغريب

Entries on الغريب in 3 Arabic dictionaries by the authors Aḥmad Aḥmad al-Badawī, Min Balāghat al-Qurʾān, Al-Munāwī, al-Tawqīf ʿalā Muhimmāt al-Taʿārīf and Al-Tahānawī, Kashshāf Iṣṭilāḥāt al-Funūn wa-l-ʿUlūm
الغريب: في الحديث: ما تفرد بروايته شخص واحد في أي موضع وقع التفرد به من السند. ثم الغرابة في أصل السند أولا، فالأول الفرد المطلق، والثاني الفرد النسبي.
الغريب
نقصد بالغريب ما قل دورانه على الألسنة، فلم يستعمله الخطباء ولا الشعراء استعمال غيره من الألفاظ، ويحوى الــقرآن الكريم عددا منه، فكان العرب في عصر نزول الــقرآنــ، يمضون إلى كبار الصحابة، يسألونهم عن معانى هذه الألفاظ الغريبة، فيجيبونهم ويقربون لهم هذه المعانى، مستشهدين بأبيات الشعر، والواقع أن قدرة الصحابة على فهم نصوص الــقرآن لم تكن في درجة واحدة: فكان منهم المثقف ثقافة أدبية ممتازة، ولم يكن ما نسميه الآن غريبا، بغريب عند هؤلاء الذين تحداهم الــقرآنــ، فلم يكن استخدامه حينئذ معيبا ولا مستكرها، ومثال ذلك استعمال عباقرة الشعراء ألفاظا يعرفها جمهور المتأدبين، ويتذوقون جمالها، وإن كانت غير دائرة على ألسنة العامة، فلا يعاب الشاعر على هذا الاستخدام، ولا ينقص ذلك من قدر كلامه، بل يضع أدبه في مستوى الأدب الرفيع، الذى هدره وتدرك قيمته الصفوة الممتازة من الأدباء.
ومما يدل على أن الــقرآن يؤثر رفعة الأسلوب أنه يفضل أحيانا كلمة أدبية، على أخرى شائعة عامية، فتراه يستخدم إِلْحافاً فى قوله تعالى: يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً (البقرة 273). مكان «إلحاحا» وربما كان لتكرير الحاءين في الكلمة أثر في الإعراض عنها، وليس ذلك بعجيب على كتاب نزل، ليتحدى أبلغ البلغاء، مستخدما أجمل وأرقى ما يعرفونه من الألفاظ.
وينبغى أن نقرر أن ما نسميه اليوم غريب الــقرآنــ، قد برئ من الثقل على اللسان، والكراهة على السمع، والــقرآن الكريم لا يستخدم هذا النوع من الألفاظ إلا قليلا، وليس كل ما ذكره المؤلفون في الــقرآن مما يندرج في هذا النوع، بل يضعون فيه كل ما يرتفع قليلا عن مستوى العام الشائع، فتجد السجستانى مثلا يعد منه كلمات «انفصام، وإسرافا، وادرءوا، وإعصار» ، وليس ذلك بغريب.
أما ما نعده اليوم غريبا فعدد محدود من الكلمات، مثل قَضْباً و (أبا) فى قوله تعالى: أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا وَعِنَباً
وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلًا وَحَدائِقَ غُلْباً وَفاكِهَةً وَأَبًّا
(عبس 25 - 31).
والقضب: القث، والأب ما ترعاه الأنعام، ويقال: الأب للبهائم كالفاكهة للناس ، وقد جاءت الكلمتان فاصلتين محافظتين أقوى محافظة على النغم الموسيقى، كما أن الكلمة الثانية استخدمت في معناها الدقيق.
وعلى هذا الوجه جاءت إِدًّا فى قوله تعالى: لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا (مريم 89).
بمعنى الأمر العظيم.
وقد يكون ما يحيط بالكلمة دالا على معناها، كما نجد ذلك في «أركس» فى قوله تعالى: كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها (النساء 91). وفي أَكِنَّةً فى قوله تعالى:
وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً (الأنعام 25). وأَمْتاً بمعنى ارتفاعا وهبوطا من قوله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً (طه 105 - 107). و (ألتنا) بمعنى نقصنا، من قوله تعالى: وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ (الطور 21).
ويكاد يكون هذا الأمر مبدأ عاما في معظم ما نسميه اليوم بالغريب، فهو مع قلته يحاط بما يشير إلى معناه، وقد يتولى الــقرآن نفسه تفسير ما يرد من تلك الألفاظ، ويكون ذلك في موضع الترهيب والزجر، أو الوعد بالخير، فيكون النطق بهذه الكلمة الغريبة، مثيرا في نفس سامعها السؤال عنها، والتنبه القوى لمعناها، حتى إذا جاء هذا المعنى استقر في النفس، فملأها خوفا، أو غمرها بالبهجة والحبور، ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا (المدثر 26 - 31). وقوله تعالى: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (المطففين 7 - 11). ومثله قوله سبحانه: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (المطففين 18 - 21).
ولعل من وجوه بلاغة استخدام هذه الألفاظ الأدبية التى لم تشع على الألسنة إلّا قليلا، ما نراه من اختيار ما حسن وقعه على الأذن، وجريه على اللسان منها، ثم في وضعه حيث لا يغنى غيره من الألفاظ غناءه، لتناسب موسيقاه، أو لأنه يؤدى المعنى الدقيق دون سواه، وفي ذلك من براعة الاستعمال ما لا نجده في الألفاظ المستعملة الشائعة.
وإذا أردت أن تعرف ما عده العلماء من غريب الــقرآنــ، فارجع إلى مؤلف السجستانى، وإلى كتاب الإتقان (ج 1 ص 115) وفيهما تفسير هذا الغريب، وفي الإتقان أبيات الشعر، التى استشهد بها على معانى ما ورد في الــقرآن من هذه الألفاظ.
الغريب:
[في الانكليزية] lntruder ،odd ،unusual ،strange
[ في الفرنسية] lntrus ،bizzarre ،insolite ،etrange
هو فعيل من الغرابة بالراء المهملة وهو يطلق على معان. منها الكوكب الواقع في موضع لا حظّ له فيه، وهذا مصطلح المنجّمين.
ومنها ما هو مصطلح أهل العروض وهو البحر الذي وزنه فاعلن ثماني مرات ويسمّى بالمتدارك أيضا كما في عروض سيفي. ومنها ما هو مصطلح أهل المعاني قالوا الغرابة كون الكلمة غير ظاهرة المعنى ولا مأنوسة الاستعمال، سواء كانت بالنظر إلى الأعراب الخلّص أو بالنظر إلينا، وتلك الكلمة تسمّى غريبا ويقابله المعتاد ويرادفه الوحشي. فالغريب منه ما هو غريب حسن وهو الذي لا يعاب استعماله على الأعراب الخلّص لأنّه لم يكن غير ظاهر المعنى ولا غير مأنوس الاستعمال عندهم، وذلك مثل شرنبث واشمخر واقمطر وهي في النظم أحسن منها في النشر، ومنه غريب الــقرآن والحديث، وهذا غير مخلّ بالفصاحة، ومنه غريب قبيح وهو الذي يعاب استعماله مطلقا أي عند الخلّص من الأعراب وغيرهم سواء كان كريها على السمع والذوق أو لم يكن، فمنه ما يسمّى الوحشي الغليظ وهو أن يكون مع كونه غريب الاستعمال ثقيلا على السّمع كريها على الذوق ويسمّى المتوعّر أيضا وذلك مثل جحيش للفريد واطلخم الأمر وأمثال ذلك، ويجب الخلوص عن مثل هذا الغريب في الفصاحة إلّا أنّ الخلوص عن التنافر يستلزم الخلوص عن الوحشي الغليظ. ومن الغريب المخلّ بالفصاحة ما يحتاج في معرفته إلى أن ينقر ويبحث عنه في كتب اللغة المبسوطة كتكأكأتم وافرنقعوا في قول عيسى بن عمر ما لكم تكأكأتم عليّ كتكأكئكم على ذي جنّة افرنقعوا عنّي، أي اجتمعتم تنحّوا عنّي كذا ذكره الجواهري في الصحاح. ومنه ما يحتاج إلى أن يخرّج له وجه بعيد نحو مسرّج في قول العجاج: وفاحما ومرسنا مسرّجا.
أي كالسيف السريجي في الدقّة والاستواء، وسريج اسم قين ينسب إليه السيوف. وبالجملة فالغريب الغير المخلّ بالفصاحة هو الذي يكون غير ظاهر المعنى وغير مأنوس الاستعمال لا بالنسبة إلى الأعراب الخلّص بل بالنسبة إلينا، والغريب المخلّ بالفصاحة هو الذي يكون غير ظاهر المعنى وغير مأنوس الاستعمال بالنسبة إليهم كلّهم لا بالنسبة إلى العرب كلّه، فإنّه لا يتصوّر إذ لا أقلّ من تعارفه عند قوم يتكلمون به، فإنّ الغرابة مما يتفاوت بالنسبة إلى قوم دون قوم كالاعتياد الذي يقابله هكذا يستفاد من الأطول والمطول والچلپى وغيرها. ومنها ما هو مصطلح الأصوليين وهو وصف ثبت اعتبار عينه في عين الحكم بمجرّد ترتّب الحكم على وفقه، وهذا قسم من المناسب قسيم للمرسل. وقد يطلق أيضا عندهم على قسم من المرسل ويجيء في لفظ المناسبة. ومنها ما هو مصطلح المحدّثين وهو حديث يتفرّد بروايته شخص واحد في أي موضع وقع التفرّد من السّند سواء كان التفرّد في أصل السّند أي الموضع الذي يدور الإسناد عليه ويرجع إليه وهو طرفه الذي فيه الصحابي ويسمّى غريبا مطلقا، أو في أثناء السّند ويسمّى غريبا نسبيا، ويرادف الغريب الفرد.
اعلم أنّ ما تفرّد به الصحابي ثم كثر الرواية عنه لا يسمّى فردا فإنّ الصحابة كلهم عدول على الإطلاق صغيرهم وكبيرهم ممن خالط الفتن وغيرهم لقوله تعالى: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً أي عدولا. وقوله عليه الصلاة والسلام: (خير الناس قرني) وهو الصحيح. وحكى الآمدي وابن الحاجب قولا إنّهم كغيرهم في لزوم البحث عمّن ليس ظاهر العدالة. فقولهم طرفه أرادوا به التابعي فإنّ الصحابة وإن كانوا من رجال الإسناد إلّا أنّهم لم يعدوا لما ذكرنا أنّهم عدول كلهم لا يبحث عن أحوالهم. وقولهم فيه الصحابي أي في ذلك الطرف من تسامحاتهم أي ينتهي ذلك الطرف إلى الصحابي ويتصل به. وبالجملة فالغريب المطلق هو ما رواه تابعي واحد مثلا عن صحابي ولم يتابعه غيره رواية عن ذلك الصحابي سواء تعدّد الصحابي في تلك الرواية أو لا، وسواء كان الصحابي واحدا أو أكثر كحديث النهي عن بيع الولاء وعن هبته، تفرّد به عبد الله بن دينار عن ابن عمر. وقد يتفرّد به راو عن ذلك المتفرّد كحديث شعب الإيمان تفرّد به أبو صالح عن أبي هريرة، وتفرّد به عبد الله بن دينار عن أبي صالح. وقد يستمرّ التفرّد في جميع رواته أو أكثرهم. والغريب النسبي هو ما وقع التفرّد في أثناء سنده أي قبل التابعي كما يروي عن الصحابي أكثر من واحد ثم يتفرّد بالرواية منهم شخص واحد، سمّي نسبيا لكون التفرّد فيه حصل بالنسبة إلى شخص معيّن وإن كان الحديث مشهورا من وجه آخر لم يتفرّد فيه راو، هكذا في شرح النخبة وشرحه.

وفي مقدّمة شرح المشكاة: الحديث صحيح لو أنّ راويه كان واحدا. ويسمّونه الغريب أو الفرد. والمراد مع كون راويه واحدا هو: إذا وقع هكذا في أحد المواضع فهو غريب. ولكن يقولون له الفرد النسبي. وإذا كان في كلّ مكان هكذا يأتي فهو الفرد المطلق. انتهى. فهذا يدلّ على أنّ ما تفرّد به الصحابي ثم كثر عنه الرواية يسمّى غريبا. وعلى أنّه يشترط تفرّد جميع الرواة في الغريب المطلق.
اعلم أنّ الغريب كما ينقسم إلى مطلق ونسبي كما عرفت كذلك ينقسم إلى غريب متنا وإسنادا، وهو ما تفرّد بروايته واحد وإلى غريب إسنادا لا متنا وهو ما تفرّد بروايته واحد عن صحابي ومتنه معروف عن جماعة من الصحابة بطريق آخر، ومنه قول الترمذي غريب من هذا الوجه. ولا يوجد ما هو غريب متنا لا إسنادا إلّا إذا اشتهر الحديث الفرد بأن رواه عمّن تفرّد جماعة كثيرة فإنّه يصير غريبا متنا لا إسنادا بالنسبة إلى آخر الإسناد، فإنّ إسناده متّصف بالغرابة في طرفه الأول وبالشهرة في الآخر كحديث إنما الأعمال بالنيات، ونسمّيه غريبا مشهورا كذا في خلاصة الخلاصة.
فائدة:
قولهم ما يتفرّد بروايته شخص واحد يعمّ ما تفرّد فيه الراوي بزيادة في المتن أو الإسناد، ولذا وقع في شرح شرح النخبة في بحث المتابعة الغريب جمعه الغرائب، وهو الحديث الذي تفرّد به بعض الرواة أو الحديث الذي تفرّد فيه بعضهم بأمر لا يذكر فيه غيره إمّا في متنه أو في إسناده انتهى. وقال القسطلاني: الغريب ما تفرّد راو بروايته أو برواية زيادة فيه عمّن يجمع حديثه في المتن أو السّند.
فائدة:
إنّما يحكم بالتفرّد إذا لم يوجد له شاهد ولا متابع، فإن وجدا لا يحكم بالفردية.
فائدة:
الغرابة لا تنافي الصّحة فالحديث الغريب الصحيح يوجد إذا كان كلّ واحد من رجال الإسناد ثقة.
فائدة:
الغريب والفرد مترادفان لغة واصطلاحا إلّا أنّ أهل الاصطلاح تمايزوا بينهما من حيث كثرة الاستعمال وقلته. فالفرد أكثر ما يطلقونه على الفرد المطلق والغريب أكثر ما يطلقونه على الفرد النسبي، وهذا من حيث إطلاق الاسمية عليهما، وأمّا من حيث استعمالهم الفعل المشتقّ فلا يفرّقون فيقولون في المطلق والنسبي تفرّد به فلان وأغرب به فلان كذا في شرح النخبة.
اعلم أنّه قد يطلق الغريب بمعنى الشاذ الذي ذكر في أقسام الطّعن في الضبط وهو ما كان سوء الحفظ لازما لراويه في جميع حالاته، وهذا هو مراد صاحب المصابيح حيث يقول في بعض الأحاديث بطريق الطّعن هذا حديث غريب كذا في مقدمة شرح المشكاة.

الأحكام

Entries on الأحكام in 2 Arabic dictionaries by the authors Aḥmad Aḥmad al-Badawī, Min Balāghat al-Qurʾān and Al-Barakatī, al-Taʿrīfāt al-Fiqhīya
الأحكام
تقترن الأحكام في الــقرآن بما يدفع إلى العمل بها، أو ينهى عن اقترافها، فإلى جانبها مغريات تدفع النفس وتحثها، أو تخوفها وتحذرها، معتمدة على التوضيح للسبب، أو الترغيب، والترهيب، وهذه بعض آيات عرضت بعض الأحكام، لنرى المنهج الــقرآنــى في هذا العرض. قال تعالى: وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (البقرة 221). ألا تراه قد قرن النهى عن الزواج من المشرك بما ينفر منه فمن هذا الذى يرضى أن يقاد إلى جهنم بينما الله يدعو إلى الجنة والغفران. وهاك حكما آخر، قال سبحانه: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (البقرة 222 - 223)، فحذرنا من قربان النساء في ذلك الحين، بأننا نؤذى أنفسنا إن فعلنا، ثم ذكرنا بأن ذلك نهى من الله الذى يجب تقواه، ولجأ إلى الإرهاب والترغيب، فأكد أننا سنلقى الله الذى نهانا، فكيف يكون المصير إن جئنا إليه، وقد فعلنا ما كان قد نهانا عنه، أما من أطاع واتقى، فبشره بمغفرة من الله ورضوان.
واقرأ قوله تعالى: وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (البقرة 228 - 232)، فتأمل مزج الأحكام بهذه الإثارات الوجدانية، الدافعة إلى العمل أو المسببة للإحجام.
وقف عند نهيه للمطلقات أن يكتمن ما في بطونهن من أجنة فقال: وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ (البقرة 228)، فانظر كيف عبر عن الأجنة بأنها ما خلق الله في الرحم، وكأنما كتمها معاندة لله ومكابرة لا تليق، وكيف أثارهن إلى الاعتراف، موحيا بأن هذا الإنكار لا يتناسب مع الإيمان بالله واليوم الآخر، وكيف قرن الإمساك بالمعروف والتسريح بالإحسان، وسمى المتعدى لحدود الله ظالما، وجعل تبين حدود الله للقوم العالمين، ووصف الإمساك ضرارا بأنه اعتداء، وفاعله بأنه ظالم لنفسه، وختم الحديث عن هذه الأحكام بأن الذى يؤمن بالله واليوم الآخر، يتعظ ويعمل بتلك القوانين، والعمل بها طهر وفلاح.
وختم الــقرآن أحكام المواريث بقوله: وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ (النساء 12 - 14)، أو لا ترى أن الوصية من الله جديرة أن تسمع وتطاع، وأنه إذا كان الوقوف عند حدود الله يؤدى إلى الخلود في جنات تجرى من تحتها الأنهار، والخروج على الحدود يخلد في النار، فجدير بالعاقل أن يقف عند تلك الحدود ولا يتعداها.
وبعد أن تحدث عن محرمات النساء في الزواج، وما أحل زواجهن، قال: يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيماً يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً (النساء 26 - 28)، وإذا كان الله يبين لنا، ليهدينا سواء السبيل، وليتوب علينا، ويميل بمن يتبعون الشهوات إلى الرشد والخير، هذا مع أنه ليس فيما فرض عنت ولا مشقة، لعلم الله بما خلق عليه الإنسان من الضعف، إذا كان ذلك حقا، أفلا يجدر بالمرء أن يتقبل ما أباحه قبولا حسنا، وينتهى عما نهى عنه.
وتأمل التوعد الشديد لمن يقتل مؤمنا عمدا، إذ يقول: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً (النساء 93).
ولما تحدث عن بعض أحكام الوضوء والتيمم، ختم ذلك بقوله: ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (المائدة 6).
وإن عملا يطهر المرء، وبه تمام النعمة، جدير أن يؤديه المرء شاكرا نعمة ربه.
وأصغ إليه يصور أسواء الخمر والميسر فيقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (المائدة 90 - 91)، وهكذا صور تلك الرذائل مفسدة لعلاقة المرء بالناس ولعلاقته بالله، فلم يقترفها وهى تقلب الحياة هكذا شقاء.
وبعد أن نهى عن قتل الصيد والمرء محرم بالحج قال: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (المائدة 95). وتأمل ما يثيره في النفس ذكر انتقام الله وعزته، ممن يعود فيفعل ما نهى عنه. تلك أمثلة قليلة نتبين منها النهج الــقرآنــى في عرض الأحكام، وكيف تصطحب هذه الأحكام بما يدفع النفس إلى قبولها والاطمئنان إليها، وإذا كان الغالب في الإنسان أن يقبل على العمل رغبة أو رهبة، فقد عمد الــقرآن إلى ذلك، فيعد ويوعد، ويبشر وينذر، يثير في النفس غريزة حب الذات التى تدفع المرء إلى عمل ما يعود عليها بالخير والفلاح، ويثير غريزة الخوف من مصير مظلم شقى، وهكذا اعتمد الــقرآن على الغرائز الثابتة في الإنسان، كى يقوده إلى ترك الشر وفعل الخير، وكل ذلك في أسلوب متسق موسيقى تتخير فيه اللفظة الموحية بالمعنى المراد، وتأمل لذلك اختيار كلمة أمّ عند عد المحرمات من النساء، وكلمة والدة عند عد من يرضع الطفل، وبذلك كله اكتسبت الأحكام في الــقرآن حياة وقوة، وكان لها تأثيرها في النفس في ناحية صياغتها ومنهجها، وبذلك كله امتاز الــقرآن من كتب القوانين الجافة، وكان له من الأثر في النفوس ما ليس لهذه الكتب في هداية الناس وقيادتهم إلى الخير.
الأحكام: واحدُه الحكم وسيأتي، والأحكام الشرعيةُ النظرية ما يكون المقصودُ منها النظرُ ويقابلها العملية التي يكون المقصود منها العمل، والأحكام الشرعية تثبت بوجوه أربعة، الأول: الاقتصارُ، والثاني: الانقلابُ، والثالث: الاستنادُ، والرابعِ: التبيينُ. راجع معانيها في مواضعها في الكتاب.

العقد

Entries on العقد in 2 Arabic dictionaries by the authors Aḥmadnagarī, Dastūr al-ʿUlamāʾ, or Jāmiʿ al-ʿUlūm fī Iṣṭilāḥāt al-Funūn and Al-Tahānawī, Kashshāf Iṣṭilāḥāt al-Funūn wa-l-ʿUlūm
العقد: بِالْفَتْح بِالْفَارِسِيَّةِ (كره بستن) وَفِي الشَّرْع ربط أَجزَاء التَّصَرُّف أَي الْإِيجَاب وَالْقَبُول وبالكسر (رشة مر واريد) وَالْعقد الَّذِي مِمَّا يتَّصل بالسرقات الشعرية أَن ينظم نثرا قُرْآنًــا كَانَ أَو حَدِيثا أَو مثلا أَو غير ذَلِك لَا على طَرِيق الاقتباس كَقَوْلِه:
(مَا بَال من أَوله نُطْفَة ... وجيفة آخِره يفخر)

وَهَذَا الشَّاعِر عقد قَول عَليّ كرم الله وَجهه وَمَا لِابْنِ آدم وَالْفَخْر وَإِنَّمَا أَوله نُطْفَة وَآخره جيفة، وَقَوله كرم الله وَجهه وَالْفَخْر على تَقْدِير النصب يكون الْوَاو فِيهِ بِمَعْنى مَعَ وَاعْلَم أَن مُحَصل مَفْهُوم الْقَضِيَّة يرجع إِلَى عقدين. أَحدهمَا:
العقد:
[في الانكليزية] Contract ،pact
[ في الفرنسية] Contrat ،pacte
بالفتح وسكون القاف في الأصل الجمع بين أطراف الجسم. وشرعا الإيجاب والقبول مع الارتباط المعتبر شرعا كذا في جامع الرموز، فهو شامل لأمور ثلاثة: الإيجاب والقبول والارتباط كما في العارفية حاشية شرح الوقاية في كتاب النكاح. وعند البلغاء أنّ ينظم نثر قرآنــا كان أو حديثا أو مثلا أو غير ذلك لا على طريق الاقتباس. فالنثر الذي قصد نظمه إن كان غير الــقرآن أو الحديث فنظمه عقد على أيّ طريق كان إذ لا دخل فيه للاقتباس، وإن كان قرآنــا أو حديثا فإنّما يكون عقدا إذا غيّر تغييرا كثيرا لا يتحمل مثله في الاقتباس، أو لم يغيّر تغييرا كثيرا ولكن أشير إلى أنّه من الــقرآن أو الحديث وحينئذ يكون لا على طريق الاقتباس. فمثال العقد من الــقرآن قوله:
أنلني بالذي استقرضت خطأ وأشهد معشرا قد شاهدوه فإنّ الله خلّاق البرايا عنت لجلال هيبته الوجوه يقول إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمّى فاكتبوه ومثال العقد من الحديث قول الإمام الشافعيّ:
عمدة الخير عندنا كلمات قالهن خير البريّة اتّق الشّبهات وازهد ودع ما ليس يعنيك واعملن بنيّة
عقد قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: (الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات)، وقوله عليه السلام: (ازهد في الدنيا يحبّك الله)، وقوله عليه السلام: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)، وقوله عليه السلام: (إنّما الأعمال بالنيات). ومثال العقد من غير الــقرآن والحديث قول أبي العتاهية.
ما بال من أوّله نطفة وجيفة آخره يفخر عقد قول عليّ رضي الله عنه: وما لابن آدم والفخر وإنّما أوله نطفة وآخره جيفة.

غَنَا

Entries on غَنَا in 2 Arabic dictionaries by the authors Ibn al-Athīr al-Jazarī, al-Nihāya fī Gharīb al-Ḥadīth wa-l-Athar and Sultan Qaboos Encyclopedia of Arab Names
غَنَا
من (غ ن ي) مقصور غَنَاء.
(غَنَا)
فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى «الغَنِيّ» هُوَ الَّذِي لَا يَحْتاج إِلَى أحَد فِي شَيْءٍ، وكُلّ أحَدٍ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الغَنِيُّ المُطْلَق، وَلَا يشارِك اللهَ تَعَالَى فِيهِ غَيْرُهُ.
وَمِنْ أَسْمَائِهِ «المُغْنِي» وَهُوَ الَّذِي يُغْنِي مَن يَشَاءُ مِنْ عبِادِه.
(هـ) وَفِيهِ «خَيْرُ الصَّدَقة مَا أبقَت غِنًى» وَفِي رِوَايَةٍ «مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى» أي مَا فَضَل عَنْ قُوت العِيال وكِفايَتِهم، فَإِذَا أعْطَيَتها غَيْرَكَ أبقَت بَعْدها لَكَ ولَهُم غِنًى، وَكَانَتْ عَنِ اسْتِغْنَاء مِنْكَ وَمِنْهُمْ عَنْهَا.
وَقِيلَ: خَير الصَّدقة مَا أَغْنَيْتَ بِهِ مَن أعْطَيْتَه عَنِ الْمَسْأَلَةِ.
وَفِي حَدِيثِ الْخَيْلِ «رجُل رَبَطها تَغَنِّياً وتَعَفُّفا» أَيِ اسْتِغْنَاء بِهَا عَنِ الطَّلَب مِنَ النَّاسِ.
(هـ س) وَفِي حَدِيثِ الْــقُرْآنِ «مَن لَمْ يَتَغَنَّ بِالْــقُرْآنِ فَلَيْسَ مِنَّا» أَيْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ.
يُقَالُ: تَغَنَّيْت، وتَغَانَيْت، واسْتَغْنَيْت.
وَقِيلَ: أَرَادَ مَنْ لَمْ يَجْهَر بِالْقِرَاءَةِ فَلَيْسَ مِنَّا. وَقَدْ جَاءَ مُفَسَّرا.
(هـ س) وفي حَدِيثٍ آخَرَ «مَا أذِنَ اللَّهُ لشيءٍ كأذَنِه لنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بالــقرآنِ يَجْهُر بِهِ» قِيلَ إنَّ قَوْلَهُ «يَجْهَر بِهِ» تَفْسير لِقَوْلِهِ «يَتَغَنَّى بِهِ» .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَعْنَاهُ تَحْسِين الْقِرَاءَةِ وتَرْقِيقُها، ويَشْهد لَهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «زَيِّنُوا الــقرآنَ بأصْواتِكم» وَكُلُّ مَنْ رَفَع صَوْته ووالاَه فصَوْته عِنْدَ الْعَرَبِ غِنَاء.
قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: كَانَتِ الْعَرَبُ تَتَغَنَّى بالرّكبانيِّ إِذَا رَكِبَت وَإِذَا جَلَستْ فِي الأفْنِيَة.
وَعَلَى أَكْثَرِ أَحْوَالِهَا، فَلَمَّا نَزَلَ الْــقُرْآنُ أحَبَّ النبي صلى الله عليه وسلم أَنْ تَكُونَ هِجِّيراهُم بِالْــقُرْآنِ مَكَانَ التَّغَنِّي بالرُّكْبانيِّ.
وَأَوَّلُ مَنْ قَرأ بِالْأَلْحَانِ عُبَيدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرة، فَورِثَه عَنْهُ عُبَيْد اللَّهِ بْنُ عُمَر، وَلِذَلِكَ يُقال:
قِراءة العُمَرِيّ . وَأَخَذَ ذَلِكَ عنه سَعِيد العَلَّاف بالإباضيّ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْجُمُعَةِ «مَن اسْتَغْنَى بِلَهْوٍ أَو تجارةٍ اسْتَغْنَى اللَّهُ عَنْهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَميد» أَيِ اطَّرَحَه اللَّهُ ورَمَى بِهِ مِنْ عَيْنه، فِعْل مَن اسْتَغْنَى عَنِ الشَّيْءِ فَلَمْ يَلْتَفت إِلَيْهِ.
وَقِيلَ: جَزاه جَزَاءَ اسْتِغْنَائِه عَنْهَا، كقوله تعالى: «نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ» . (س) وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَان بِغِنَاء بُعَاث» أَيْ تُنْشِدان الأشْعار الَّتِي قِيلت يَوْمَ بُعاث، وَهُوَ حَرْب كَانَتْ بَيْنَ الْأَنْصَارِ، وَلَمْ تُرِد الغِنَاء الْمَعْرُوفَ بَيْنَ أهْل اللَّهو واللَّعِب. وَقَدْ رخَّص عُمَرُ فِي غِنَاء الْأَعْرَابِ، وَهُوَ صَوْتٌ كالحُداء.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «أَنَّ غُلاما لأناسٍ فُقراء قطعَ أُذُن غُلَامٍ لأَغْنِيَاء، فأتى أهلُه النبي صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَجْعل عَلَيْهِ شَيْئًا» . قَالَ الخطَّابي: كَان الْغُلَامُ الْجَانِي حُرّاً، وَكَانَتْ جِنَايته خَطأ، وَكَانَتْ عاقِلتُهُ فُقَراء فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ لِفَقْرِهِمْ.
ويُشْبه أَنْ يَكُونَ الْغُلَامُ المَجْنِيُّ عَلَيْهِ حُرّاً أَيْضًا، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عبداَ لَمْ يَكُنْ لاعْتذار أَهْلِ الْجَانِي بالفقْر مَعْنىً، لَأَنَّ العاقِلة لَا تَحْمِلُ عَبْدًا، كَمَا لَا تَحْمِلُ عَمْدًا وَلَا اعترِافا. فَأَمَّا الْمَمْلُوكُ إِذَا جَنَى عَلَى عَبدٍ أَوْ حُرٍّ فجِنايَتُه فِي رقَبَتِه. وللفُقهاء فِي اسْتيفائها منْه خِلَافٌ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ «أَنَّ عَلِيًّا بَعَث إِلَيْهِ بصَحيفَة فَقَالَ للرَّسول: أَغْنِهَا عَنَّا» أَيِ اصْرِفْهَا وكُفَّها كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ
أَيْ يَكُفُّهُ وَيَكْفِيهِ. يُقَالُ:
أَغْنِ عَنِّي شَرَّكَ: أَيِ اصْرِفْهُ وكُفَّه. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «وَأَنَا لَا أُغْنِي لَوْ كَانَتْ لِي مَنَعَة» أَيْ لَوْ كَانَ مَعي مَنْ يَمنَعُني لَكَفَيْتُ شَرَّهم وصَرَفْتُهم.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «ورَجُلٌ سَماه النَّاسُ عَالمِاً وَلَمْ يَغْنَ فِي العلْمِ يَوْمًا سَالِمًا» أَيْ لَمْ يَلْبث فِي الْعِلْمِ يَوْمًا تامَّا، مِنْ قَوْلِكَ: غَنِيتُ بِالْمَكَانِ أَغْنَى: إِذَا أَقَمْتَ بِهِ.

الحُكْم وَالحِكْمَة 

Entries on الحُكْم وَالحِكْمَة  in 1 Arabic dictionary by the author Hamiduddin Farahi, Mufradāt al-Qurʾān
الحُكْم وَالحِكْمَة
"الحكم": فعل للقضاء المطلق حقاً أو باطلاً. قال تعالى: {ما لكم كيف تحكمون}
أيضاً:
{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} .
ويطلق على القوة التي هي منشأ القضاء، وحينئذٍ يراد به الفهم. وسيأتيك شواهده .
وأما "الحِكْمَة" فهي اسم للقوة التي منها ينشأ القضاء بالحق. قال تعالى في نعت داود عليه السلام:
{وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} .
فذكَر الأثر بعد القوة التي هي مصدر ذلك الأثر.
وكما أن القول الفصل من آثار الحكمة، فكذلك طهارة الخلق وحسن الأدب من آثارها. ولذلك كانت العربُ تطلِق اسمَ الحكمة على قوة جامعة لرَزانةِ العقل والرأي، وشَرافةِ الخلق الناشئة منها. فسَمَّوا الرجلَ العاقلَ المهذبَ "حكيما".
وكذلك يطلقون اسم الحكمة على فصل الخطاب، وهو: القول الحق الواضح (*) عند العقل والقلب .
................................
(*) والآن انظر في نظم قوله تعالى: = وكل هذه الوجوه من معاني الحكمة جاء فى كلام العرب. فاستعملها الــقرآن والنبي - صلى الله عليه وسلم - بما عرفوه. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن مِنَ الشَعْرِ لَحِكْمَة"
....................................
= { ... ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].
فاعلم أن المخاطب على ثلاث مدارج: خالي الذهن، ومعترف، ومنكر. وبعبارة أخرى: تخاطب أولاً، أو بعد اعتراف، أو بعد إنكار. فأولاً تخاطبه بما يتقبل عقله من الحق الواضح والخير المعروف. فهذا هو الدعوة بالحكمة. فإذا رأيت أنه مقِرّ بحسن ما تدعو إليه، ولكنه لا يوافق عمله علمه، فتحثّه على العمل بالموعظة الحسنة. وإذا رأيت أنه يخالف دعوتك فتجادله بالطريق التي هي أحسن. فالأول: إلقاء العلم، وهذا يكفي للسابقين. والثاني: جذب إلى العمل. وهذا ينفع الصالحين الذين جاء فيهم:
{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55].
والثالث: إزالة العوائق، وبهذا هُدِي خلقٌ، وتمت الحجة على الآخرين. كما جاء في قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [النحل: 36].
وبعبارة أخرى: الدعوة بالحكمة عامة للناس، ثم هم يفترقون: فمنهم من يستمع ويميل، ومنهم من يجادل. فللأول "الموعظة"، وللثاني "حسن المجادلة" [حاشية المؤلف]. أي ليس كل شعر غواية، بل منه ما يتضمن على الحق والحث على الخير.
هذا. ثم استعملها الله تعالى في أكمل أفرادها، فسمى الوحي "حكمةً" كما سماه "نوراً"، و "برهاناً"، و "ذِكراً" و "رحمةً". ومن هذه الجهة سَمَّى الــقرآنَ "حكيماً" أي ذا حكمة، كما سمَّى نفسه حكيماً وعليماً. فهذه وجوه.
فإذا سمّى الــقرآن "كتاباً" و "حكمة" معاً، فذلك من جهتين: سمى "كتاباً" من [جهة] كونه مشتملاً على الأحكام المكتوبة، و "حكمة" من جهة اشتماله على حكمة الشرائع من العقائد الصحيحة والأخلاق الفاضلة. واستدللنا على هذا الفرق من تتبع استعمال الكلمتين معاً، ومما علمنا من استعمال "الكتاب" للأحكام و "الحكمة" لأصولها.
وتسامح بعض أهل العلم في هذا المقام، وتبعه الإمام الشافعي رحمه الله، وتبعه أكثر المحدثين، فظنوا أن "الحكمة" أريد بها الحديث ، فإنّ ............................ الكتاب كتاب الله. ومثار الخطأ أنهم أخطأوا معنى "الكتاب" حيث جاء مع الحكمة. والدليل على ما قلنا آيات: فمنها قوله تعالى:
{وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} .
وهكذا قوله تعالى:
{وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} .
وكلمة (يتلى) و (أنزل) لم يستعملها الــقرآن للحديث.
نعم إن الحديث ربما يتضمن الحكمةَ، ولا شك أن الحديث ربما يبيّن ما في الــقرآن من الحكمة. ولعل مراد الذين تبعهم الإمام رحمه الله كان هذا. ولكن الحديث يشتمل على الأحكام، كما أنه يشتمل على الحكمة، فلا وجه لتخصيصه باسم (الحكمة). وجاء أوضح من ذلك حيث قال تعالى بعد ذكر ما قضى من أصول الدين:
{ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ} .
وقال تعالى في صفة عيسى عليه السلام:
{وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} .
فسمى التوراة "كتاباً"، لأن معظمها الأحكام، والإنجيلَ "حكمة" لما كثر فيه الدلائل والمواعظ، كما قال تعالى:
{وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} .
فكان الإنجيل مشتملاً على هدى ونور، وهدى وموعظة، وعلى قليل من الأحكام وتصديق التوراة. ولغلبة الأمر الأول سمي "حكمة". ويؤيد هذا التأويل قوله تعالى:
{وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ} .
فاتضح أن تأويل "الحكمة" إلى الأَحاديث غير صحيح، وأن اسمَ "الكتاب" إذا يُتبَع بالحكمةِ فالمراد منه الأحكام. فلا تنسَ هذا الفرق.
رجعنا إلى بيان معنى "الحكم"، فاعلم أنه أيضاً مثل "الحكمة" يُطلق على القولِ المشتملِ على القضاء الحقِ الواضحِ الذىِ قُضي بالعلم. وهذا من استعمال الكلمة العامّة في أحسن أفرادها . قال تعالى:
{وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ} .
وهكذا استعمال "الحكم" في معنى القوة، إذا أريد به الفهم الصائب. قال تعالى:
{يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا} .
أي آتيناه صفاتٍ ثلاثاً: الفهمَ، والمحبةَ، وطهارةَ الأخلاق. فاتَّصَفَ حسبَ ذلك، فصار تقياً: فاجتنب ما يَضر، وأحبَّ والدَيه، وحسن خلقه: فلم يَظلم مَن دونه، ولم يُسخِط مَن فوقه.
وقال تعالى:
{وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ} الآية.
فذكر "العلم" بعد "الحكم" ليعلم أن "الحكم" هاهنا هو الحكم المطلق، فإنه لا يكون إلا بالعلم. وهكذا قوله تعالى في موسى عليه السلام:
{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} .
وأيضاً:
{وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ {شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} .
وأما "الحكم" بمعنى الأمر فكثير. ومنه قوله تعالى:
{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} .

علم الكلام

Entries on علم الكلام in 2 Arabic dictionaries by the authors Al-Tahānawī, Kashshāf Iṣṭilāḥāt al-Funūn wa-l-ʿUlūm and Ṣiddīq Ḥasan Khān, Abjad al-ʿUlūm
علم الكلام:
[في الانكليزية] Kalam (islamic rational or dogmatic theology)
[ في الفرنسية]
Le Kalam( theologie dogmatique ou rationnelle musulmane )
ويسمّى بعلم أصول الدين أيضا، هو اسم علم من العلوم الشرعية المدونة وقد سبق في المقدمة.
علم الكلام
قال أبو الخير في الموضوعات: هو علم يقتدر به على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج عليها ودفع الشبه عنها وموضوعه ذات الله سبحانه وتعالى وصفاته عند المتقدمين. وقيل: موضوعه الموجود من حيث هو موجود.
وعند المتأخرين موضوعه المعلوم من حيث ما يتعلق به من إثبات العقائد الدينية متعلقا قريبا أو بعيدا أو أرادوا بالدينية المنسوبة إلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم انتهى ملخصاً.
والكتب المؤلفة فيه كثيرة ذكرها صاحب كشف الظنون.
وللسيد الإمام العلامة محمد بن الوزير كتاب ترجيح أساليب الــقرآن لأهل الإيمان على أساليب اليونان وبيان ذلك بإجماع الأعيان بأوضح التبيان وكتاب البرهان القاطع في إثبات الصانع وجميع ما جاءت به الشرائع رد في هذين الكتابين على المتكلمين والكلام وأثبت أن جميع مسائل هذا العلم تثبت بالسنة والــقرآن ولا يحتاج معهما إلى قوانين المتكلمين وقواعد الكلام وهما نفيسان جدا وما أحسن ما قال الغزالي في الإحياء.
وحاصل ما يشتمل عليه علم الكلام من الأدلة التي ينتفع بها فالــقرآن والأخبار مشتملة عليه وما خرج عنهما فهو إما مجادلة مذمومة وهي من البدع وإما مشاغبة بالتعلق بمناقضات الفرق وتطويل بنقل المقالات التي أكثرها ترهات وهذيانات تزدريها الطباع وتمجها الأسماع وبعضها خوض فيما لا يتعلق بالدين ولم يكن شيئا منها مألوفا في العصر الأول وكان الخوض فيه بالكلية من البدع انتهى.
قال ابن خلدون: علم الكلام هو علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية والرد على المبتدعة المنحرفين في الاعتقادات عن مذاهب السلف وأهل السنة وسر هذه العقائد الإيمانية هو التوحيد فلنقدم هنا لطيفة في برهان عقلي يكشف لنا عن التوحيد على أقرب الطرق والمآخذ ثم نرجع إلى تحقيق علمه وفيما ينظر ويشير إلى حدوثه في الملة وما دعا إلى وضعه.
فنقول إن الحوادث في عالم الكائنات سواء كانت من الذوات أو من الأفعال البشرية أو الحيوانية فلا بد لها من أسباب متقدمة عليها بها تقع في مستقر العادة وعنها يتم كونه وكل واحد من هذه الأسباب حادث أيضا فلا بد له من أسباب أخر ولا تزال تلك الأسباب مرتقية حتى تنتهي إلى مسبب الأسباب وموجدها وخالقها سبحانه لا إله إلا هو وتلك الأسباب في ارتقائها تتفسح وتتضاعف طولا وعرضا ويحار العقل في إدراكها وتعديدها فإذا لا يحصرها إلا العلم المحيط سيما الأفعال البشرية والحيوانية فإن من جملة أسبابها في الشاهد المقصود والإرادات إذ لا يتم كون الفعل إلا بإرادته والقصد إليه والقصود والإرادات أمور نفسانية ناشئة في الغالب عن تصورات سابقة يتلو بعضها بعضا وتلك التصورات هي أسباب قصد الفعل وقد تكون أسباب تلك التصورات تصورات أخرى وكل ما يقع في النفس من التصورات مجهول سببه إذ لا يطلع أحد على مبادئ الأمور النفسانية ولا على ترتيبها إنما هي أشياء يلقيها الله في الفكر يتبع بعضها بعضا والإنسان عاجز عن معرفة مباديها وغاياتها وإنما يحيط علما في الغالب بالأسباب التي هي طبيعية ظاهرة يوقع في مداركها على نظام وترتيب لأن لا طبيعة محصورة للنفس وتحت طورها.
وأما التصورات فنطاقها أوسع من النفس لأنها للعقل الذي هو فوق طور النفس فلا تدرك الكثير منها فضلا عن الإحاطة بها وتأمل من ذلك حكمة الشارع في نهيه عن النظر إلى الأسباب والوقوف معها فإنه واد يهيم فيه الفكر ولا يحلو منه بطائل ولا يظفر بحقيقة {قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} وربما انقطع في وقوفه عن الارتقاء إلى ما فوقه فزلت قدمه وأصبح من الضالين الهالكين نعوذ بالله من الحرمان والخسران المبين ولا تحسبن أن هذا الوقوف أو الرجوع عنه في قدرتك واختيارك بل هو لون يحصل للنفس وصبغة تستحكم من الخوض في الأسباب على نسبة لا نعلمها إذ لو عملناها لتحرزنا منها فلنتحرز من ذلك بقطع النظر عنها جملة وأيضا فوجه تأثير هذه الأسباب في الكثير من مسبباتها مجهول لأنها إنما يوقف عليها بالعادة لاقتران الشاهد بالاستناد إلى الظاهر. وحقيقة التأثير وكيفية مجهولة {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً} فلذلك أمرنا بقطع النظر عنها وإلغائها جملة والتوجه إلى مسبب الأسباب كلها وفاعلها وموجدها لترسخ صفة التوحيد في النفس على ماعلمنا الشارع الذي هو أعرف بمصالح ديننا وطرق سعادتنا لاطلاعه على ما وراء الحس قال صلى الله عليه وآله وسلم:
"من مات يشهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة" فإن وقف عند تلك الأسباب فقد انقطع وحقت عليه كلمة الكفر وإن سبح في بحر النظر والبحث عنها وعن أسبابها وتأثيراتها واحدا بعد واحد فأنا الضامن له أن لا يعود إلا بالخيبة فلذلك نهانا الشارع عن النظر في الأسباب وأمرنا بالتوحيد المطلق {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} ولا تثقن بما يزعم لك الفكر من أنه مقتدر على الإحاطة بالكائنات وأسبابها والوقوف على تفصيل الوجود كله وسفه رأيه في ذلك.
واعلم أن الوجود عند كل مدرك في بادئ رأيه منحصر في مداركه لا يعدوها والأمر في نفسه بخلاف ذلك والحق من ورائه ألا ترى الأصم كيف ينحصر الوجود عنده في المحسوسات الأربع والمعقولات ويسقط من الوجود عنده صنف المسموعات وكذلك الأعمى أيضا يسقط عنده صنف المرئيات
ولولا ما يردهم إلى ذلك تقليد الآباء هذه الأصناف لا بمقتضى فطرتهم وطبيعة إدراكهم ولو سئل الحيوان الأعجم ونطق لوجدناه منكرا للمعقولات وساقطة لديه بالكلية فإذا علمت هذا فلعل هناك ضربا من الإدراك غير مدركاتنا لأن إدراكاتنا مخلوقة محدثة وخلق الله أكبر من خلق الناس والحصر مجهول الوجود أوسع نطاقا من ذلك {وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ} فاتهم إدراكك ومدركاتك في الحصر واتبع ما أمرك الشارع به من اعتقادك وعملك فهو أحرص على سعادتك واعلم بما ينفعك لأنه من طور فوق إدراكك ومن نطاق أوسع من نطاق عقلك وليس ذلك بقادح في العقل ومداركه بل العقل ميزان صحيح فأحكامه يقينية لا كذب فيها غير أنك لا تطمع أن تزن به أمور التوحيد والآخرة وحقيقة النبوة وحقائق الصفات الإلهية وكل ما وراء طوره فإن ذلك طمع في محال ومثال ذلك: مثال رجل رأى الميزان الذي يوزن به الذهب فطمع أن يزن به الجبال وهذا لا يدرك على أن الميزان في أحكامه غير صادق لكن العقل قد يقف عنده ولا يتعدى طوره حتى يكون له أن يحيط بالله وبصفاته فإنه ذرة من ذرات الوجود الحاصل منه وتفطن في هذا الغلط من يقدم العقل على السمع في أمثال هذه القضايا وقصور فهمه واضمحلال رأيه فقد تبين لك الحق من ذلك إذا تبين ذلك فلعل الأسباب إذا تجاوزت في الارتقاء نطاق إدراكنا ووجودنا خرجت عن أن تكون مدركة فيضل العقل في بيداء الأوهام ويحار وينقطع فإذا التوحيد هو العجز عن إدراك الأسباب وكيفيات تأثيرها وتفويض ذلك إلى خالقها المحيط بها إذ لا فاعل غيره وكلها ترتقي إليه وترجع إلى قدرته وعلمنا به إنما هو من حيث صدورنا عنه وهذا هو معنى ما نقل عن بعض الصديقين العجز عن الإدراك إدراك.
ثم إن المعتبر في هذا التوحيد ليس هو الإيمان فقط الذي هو تصديق حكمي فإن ذلك من حديث النفس وإنما الكمال فيه حصول صفة منه تتكيف بها النفس كما أن المطلوب من الأعمال والعبادات أيضا حصول ملكة الطاعات والانقياد وتفريغ القلب عن شواغل ما سوى المعبود حتى ينقلب المريد السالك ربانياً.
والفرق بين الحال والعلم في العقائد فرق ما بين القول والاتصاف.
وشرحه أن كثيرا من الناس يعلم أن رحمة اليتيم والمسكين قربة إلى الله تعالى مندوب إليها ويقول بذلك ويعترف به ويذكر مأخذه من الشريعة وهو لو رأى يتيما أو مسكينا من أبناء المستضعفين لفر عنه واستنكف أن يباشره فضلا عن التمسح عليه للرحمة وما بعد ذلك من مقامات العطف والحنو والصدقة
فهذا إنما حصل له من رحمة اليتيم مقام العلم ولم يحصل له مقام الحال والاتصاف ومن الناس من يحصل له مع مقام العلم والاعتراف بأن رحمة المسكين قربة إلى الله تعالى مقام آخر أعلى من الأول وهو الاتصاف بالرحمة وحصول ملكتها فمتى رأى يتيما أو مسكينا بادر إليه ومسح عليه والتمس الثواب في الشفقة عليه لا يكاد يصبر عن ذلك ولو دفع عنه ثم يتصدق عليه بما حضره من ذات يده وكذا علمك بالتوحيد مع اتصافك وليس الاتصاف ضرورة هو أوثق مبني من العلم الحاصل قبل الاتصاف وليس الاتصاف بحاصل عن مجرد العلم حتى يقع العمل ويتكرر مرارا غير منحصرة فترسخ الملكة ويحصل الاتصاف بحاصل عن مجرد العلم حتى يقع العمل ويتكرر مرارا غير منحصرة فترسخ الملكة ويحصل الاتصاف والتحقيق ويجيء العلم الثاني النافع في الآخرة فان العلم الأول المجرد عن الاتصاف قليل الجدوى والنفع وهذا علم أكثر النظار والمطلوب إنما هو العلم الحالي الناشئ عن العادة.
واعلم أن الكمال عند الشارع في كل ما كلف به إنما هو في هذا فما طلب اعتقاده فالكمال في العلم الثاني الحاصل عن الاتصاف وما طلب عمله من العبادات فالكمال فيها في حصول الاتصاف والتحقق بها ثم إن الإقبال على العبادات والمواظبة عليها هو المحصل لهذه الثمرة الشريفة قال صلى الله عليه وسلم في رأس العبادات: "جعلت قرة عيني في الصلاة" فإن الصلاة صارت له صفة وحالا يجد فيها منتهى لذته وقرة عينه وأين هذا من صلاة الناس ومن لهم بها {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} اللهم وفقنا واهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.
فقد تبين لك من جميع ما قررنا أن المطلوب في التكاليف كلها حصول ملكة راسخة في النفس يحصل عنها علم اضطراري للنفس هو التوحيد وهو: العقيدة الإيمانية وهو: الذي تحصل به السعادة وإن ذلك سواء في التكاليف القلبية والبدنية ويتفهم منه أن الإيمان الذي هو أصل التكاليف وينبوعها هو بهذه المثابة ذو مراتب: أولها: التصديق القلبي الموافق اللسان.
وأعلاها: حصول كيفية من ذلك الاعتقاد القلبي وما يتبعه من العمل مستولية على القلب فيستتبع الخوارج وتندرج في طاعتها جميع التصرفات حتى تنخرط الأفعال كلها في طاعة ذلك التصديق الإيماني.
وهذا ارفع مراتب الإيمان وهو الإيمان الكامل الذي لا يقارف المؤمن معه صغير ولا كبيرة إذ حصول الملكة ورسوخها مانع من الانحراف عن مناهجه طرفة عين قال صلى الله عليه وسلم:
"لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" وفي حديث هرقل لما سأل أبا سفيان بن حرب عن النبي صلى الله عليه وسلم وأحواله فقال في أصحابه: هل يرتد أحد منهم سخطة لدينه؟ قال: لا قال: وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب.
ومعناه: أن ملكة الإيمان إذا استقرت عسر على النفس مخالفتها شأن الملكات إذا استقرت فإنها تحصل بمثابة الجبلة والفطرة وهذه هي المرتبة العالية من الإيمان وهي في المرتبة الثانية من العصمة لأن العصمة واجبة للأنبياء وجوبا سابقا وهذه حاصلة للمؤمنين حصولا تابعا لأعمالهم وتصديقهم وبهذه الملكة ورسوخها يقع التفاوت في الإيمان كالذي يتلى عليك من أقاويل السلف وفي تراجم البخاري رضي الله عنه في باب الإيمان كثير منه مثل: أن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص وأن الصلاة والصيام من الإيمان وإن تطوع1 رمضان من الإيمان والحياء من الإيمان والمراد بهذا كله الإيمان الكامل الذي أشرنا إليه وإلى ملكته وهو فعلي.
وأما التصديق الذي هو أول مراتبه ومن اعتبروا آخر الأسماء وحمله على هذه الملكة التي هي الإيمان الكامل ظهر له التفاوت وليس ذلك بقادح في اتحاد حقيقته الأولى التي هي التصديق إذ التصديق موجود في جميع رتبه لأنه أقل ما يطلق عليه اسم الإيمان وهو المخلص من عهدة الكفر والفيصل بين الكافر والمسلم فلا يجزى أقل منه وهو في نفسه حقيقة واحدة لا تتفاوت وإنما التفاوت في الحال الحاصلة عن الأعمال كما قلناه فافهم.
واعلم أن الشارع وصف لنا هذه الإيمان الذي في المرتبة الأولى الذي هو تصديق وعين أمورا مخصوصة كلفنا التصديق بها بقلوبنا واعتقادها في أنفسنا مع الإقرار بألسنتنا وهي العقائد التي تقررت في الدين قال صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الإيمان فقال: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره" وهذه هي العقائد الإيماينة المقررة في علم الكلام.
ولنشر إليها بجملة لتتبين لك حقيقة هذا الفن وكيفية حدوثه فنقول.
اعلم أن الشارع لما أمرنا بالإيمان بهذا الخالق الذي رد الأفعال كلها إليه وأفرده به كما قدمناه وعرفنا أن في هذا الإيمان نجاتنا عند الموت إذا حضرنا لم يعرفنا بكنه حقيقة هذا الخالق المعبود إذ ذاك متعذر على إدراكنا ومن فوق طورنا فكلفنا أولا اعتقاد تنزيهه في ذاته عن مشابهة المخلوقين وإلا لما صح أنه خالق لهم لعدم الفارق على هذا التقديم ثم تنزيهه عن صفات النقص وإلا لشابه المخلوقين ثم توحيده بالاتحاد وإلا لم يتم الخلق للتمانع ثم اعتقاد أنه عالم قادر فبذلك تتم الأفعال شاهد قضيته لكمال الاتحاد والخلق.
ومريد وإلا لم يخصص شيء من المخلوقات.
ومقدر لكل كائن وإلا فالإرادة حادثة.
وأنه يعيدنا بعد الموت
ثم اعتقاد بعثة الرسل لنجاة من شقاء هذا المعاد لاختلاف أحواله بالشقاء والسعادة وعدم معرفتنا بذلك وتمام لطفه بنا في الإيتاء بذلك وبيان الطريقين وأن الجنة للنعيم وجهنم للعذاب.
هذه أمهات العقائد الإيمانية معللة بأدلتها العقلية وأدلتها من الكتاب والسنة كثيرة وعن تلك الأدلة أخذها السلف وأرشد إليها العلماء وحققتها الأئمة إلا أنه عرض بعد ذلك خلاف في تفاصيل هذه العقائد أكثر مثارها من الآي المتشابهة فدعا ذلك إلى الخصام والتناظر. والاستدلال بالعقل زيادة إلى النقل فحدث بذلك علم الكلام ولنبين لك تفصيل هذا المجمل وذلك.
أن الــقرآن ورد فيه وصف المعبود بالتنزيه المطلق الظاهر الدلالة من غير تأويل في آي كثيرة وهي سلوب كلها وصريحة في بابها فوجب الإيمان بها ووقع في كلام الشارع صلوات الله عليه وكلام الصحابة والتابعين تفسيرها على ظاهرها.
ثم وردت في الــقرآن آي أخر قليلة توهم التشبيه مرة في الذات وأخرى في الصفات.
فأما السلف فغلبوا أدلة التنزيه لكثرتها ووضح دلالتها وعلموا استحالة التشبيه وقضوا بأن الآيات من كلام الله فآمنوا بها ولم يتعرضوا لمعناها ببحث ولا تأويل وهذا معنى قول الكثير منهم اقرؤوها كما جاءت أي: آمنوا بأنها من عند الله ولا تتعرضوا لتأويلها ولا تفسيرها لجواز أن تكون ابتلاء فيجب الوقف والإذعان له.
وشذ لعصرهم مبتدعة اتبعوا ما تشابه من الآيات وتوغلوا في التشبيه.
ففريق أشبهوا في الذات باعتقاد اليد والقدم والوجه عملا بظاهر وردت بذلك فوقعوا في التجسيم الصريح ومخالفة آي التنزيه المطلق التي هي أكثر موارد وأوضح دلالة لأن معقولية الجسم تقتضي النقص والافتقار وتغليب آيات السلوب في التنزيه المطلق الذي هي أكثر موارد وأوضح دلالة أولى من التعلق بظواهر هذه التي لنا عنها غنية وجمع بين الدليلين بتأويلهم ثم يفرون من شناعة ذلك بقولهم جسم لا كالأجسام وليس ذلك بدافع لأنه قول متناقض وجمع بين نفي وإثبات إن كان بالمعقولية واحدا من الجسم وإن خالفوا بينهما ونفوا المعقولية المتعارفة فقد وافقونا في التنزيه ولم يبق إلا جعلهم لفظ الجسم اسما من أسمائه ويتوقف مثله على الأذن.
وفريق منهم ذهبوا إلى التشبيه في الصفات كثبات الجبهة والاستواء والنزول والصوت والحرف وأمثال ذلك وآل قولهم إلى التجسيم فنزعوا مثل الأولين إلى قولهم وصوت لا كالأصوات جهة لا كالجهات، ونزول لا كالنزول يعنون من الأجسام واندفع ذلك بما اندفع به الأول ولم يبق في هذه الظواهر إلا اعتقادات السلف ومذاهبهم والإيمان بها كما هي لئلا يكر النفي على معانيها بنفيها مع أنها صحيحة ثابتة من الــقرآن ولهذا تنظر ما تراه في عقيدة الرسالة لابن أبي زيد وكتاب المختصر له وفي كتاب الحافظ ابن عبد البر وغيرهم فإنهم يحومون على هذا المعنى ولا تغمض عينك عن القرائن الدالة على ذلك في غصون كلامهم.
ثم لما كثرت العلوم والصنائع وولع الناس بالتدوين والبحث في سائر الأنحاء وألف المتكلمون في التنزيه حدثت بدعة المعتزلة في تعميم هذا التنزيه في آي السلوب.
فقضوا بنفي صفات المعاني من العلم والقدرة والإرادة والحياة زائدة على أحكامها لما يلزم على ذلك من تعدد القديم بزعمهم وهو مردود بأن الصفات ليست عين الذات ولا غيرها.
وقضوا بنفي السمع والبصر لكونهما من عوارض الأجسام وهو مردود لعدم اشتراط البينة في مدلول هذا اللفظ وإنما هو إدراك المسموع أو المبصر.
وقضوا بنفي الكلام لشبه ما في السمع والبصر ولم يعقلوا صفة الكلام التي تقوم بالنفس فقضوا بأن الــقرآن مخلوق بدعة صرح السلف بخلافها وعظم ضرر هذه البدعة ولقنها بعض الخلفاء عن أئمتهم فحمل الناس عليها وخالفهم أئمة السلف فاستحل لخلافهم أيسار كثير منهم ودماءهم كان ذلك سببا لإنتهاض أهل السنة بالأدلة العقلية على هذه العقائد دفعا في صدور هذه البدع وقام بذلك الشيخ أبو الحسن الأشعري ما المتكلمين فوسط بين الطرق ونفي التشبيه وأثبت الصفات المعنوية وقصر التنزيه على ما قصره عليه السلف وشهدت له الأدلة المخصصة لعمومه فأثبت الصفات الأربع المعنوية والسمع والبصر والكلام القائم بالنفس بطريق النقل والعقل ورد على المبتدعة في ذلك كله وتكلم معهم فيما مهدوه لهذه البدع من القول بالصلاح والأصلح والتحسين والتقبيح وكمل العقائد في البعثة وأحوال الجنة والنار والثواب والعقاب وألحق بذلك الكلام في الإمامة لما ظهر حينئذ من بدعة الإمامية من قولهم: أنها من عقائد الإيمان وأنه يجب على النبي تعيينها والخروج عن العهدة في ذلك لمن هي له وكذلك على الأمة وقصارى أمر الإمامة أنها قضية مصلحية إجماعية لا تلحق بالعقائد فلذلك ألحقوها بمسائل هذا الفن وسموا مجموعة علم الكلام.
أما لما فيه من المناظرة على البدع وهي كلام صرف وليست براجعة إلى عمل.
وأما لأن سبب وضعه والخوض فيه هو تنازعهم في إثبات الكلام النفسي.
وكثر اتباع الشيخ أبي الحسن الأشعري واقتفى طريقته من بعده تلميذه كابن مجاهد وغيره وأخذ عنهم القاضي أبو بكر الباقلاني فتصدر للأمة في طريقتهم وهذبها ووضع المقدمات العقلية التي تتوقف عليها الأدلة والأنظار وذلك مثل إثبات الجوهر الفرد والخلاء وإن العرض لا يقوم بالعرض وأنه لا يبقى زمانين وأمثال ذلك مما تتوقف عليه أدلتهم وجعل هذه القواعد تبعا للعقائد الإيمانية في وجوب اعتقادها لتوقف تلك الأدلة عليها
وإن بطلان الدليل يؤذن ببطلان المدلول وجملت هذه الطريقة وجاءت من أحسن الفنون النظرية والعلوم الدينية إلا أن صور الأدلة تعتبر بها الأقيسة ولم تكن حينئذ ظاهرة في الملة، ولو ظهر منها بعض الشيء فلم يأخذ به المتكلمون لملابستها للعلوم الفلسفية المباينة للعقائد الشرعية بالجملة فكانت مهجورة عندهم لذلك.
ثم جاء بعد القاضي أبي بكر الباقلاني إمام الحرمين أبو المعالي فأملى في الطريقة كتاب الشامل وأوسع القول فيه ثم لخصه في كتاب الإرشاد واتخذه الناس إماما لعقائدهم ثم انتشرت من بعد ذلك علوم المنطق في الملة وقرأه الناس وفرقوا بينه وبين العلوم الفلسفية بأنه قانون ومعيار للأدلة فقط يسير به الأدلة منها كما يسير من سواها.
ثم نظروا في تلك القواعد والمقدمات في فن الكلام للأقدمين فخالفوا الكثير منها بالبراهين التي أدلت إلى ذلك وربما أن كثيرا منها مقتبس من كلام الفلاسفة في الطبيعيات والإلهيات فلما سيروها لمعيار المنطق ردهم إلى ذلك فيها ولم يعتقدوا بطلان المدلول من بطلان دليله كما صار إليه القاضي فصارت هذه الطريقة من مصطلحهم مباينة للطريقة الأولى وتسمى طريقة المتأخرين وربما أدخلوا فيها الرد على الفلاسفة فيما خالفوا فيه من العقائد الإيمانية وجعلوهم من خصوم العقائد لتناسب الكثير من مذاهب المبتدعة ومذاهبهم.
وأول من كتب في طريقة الكلام على هذا المنحى الغزالي رحمه الله وتبعه الإمام ابن الخطيب وجماعة قفوا أثرهم واعتمدوا تقليدهم ثم توغل المتأخرون من بعدهم في مخالطة كتب الفلسفة والتبس عليهم شأن الموضوع في العلمين فحسبوه فيها واحدا من اشتباه المسائل فيهما.
واعلم أن المتكلمين لما كانوا يستدلون في أكثر أحوالهم بالكائنات وأحوالها على وجود الباري وصفاته وهو نوع استدلالهم غالبا والجسم الطبيعي ينظر فيه الفيلسوفي في الطبيعيات وهو بعض من هذه الكائنات إلا أن نظره فيها مخالف لنظر المتكلم وهو ينظر في الجسم من حيث يتحرك ويسكن.
والمتكلم ينظر فيه من حيث يدل على الفاعل.
وكذا نظر الفيلسوفي في الإلهيات إنما هو نظر في الوجود المطلق وما يقتضيه لذاته.
ونظر المتكلم في الوجود من حيث أنه يدل على الموجد وبالجملة فموضوع علم الكلام عند أهله إنما هو العقائد الإيمانية بعد فرضها صحيحة من الشرع من حيث يمكن أن يستدل عليها بالأدلة العقلية فترفع البدع وتزول الشكوك والشبه عن تلك العقائد.
وإذا تأملت حال الفن في حدوثه وكيف تدرج كلام الناس فيه صدرا بعد صدر وكلهم يفرض العقائد صحيحة ويستنهض الحجج والأدلة علمت حينئذ ما قررناه لك في موضوع الفن وأنه لا يعدوه.
ولقد اختلطت الطريقتان عند هؤلاء المتأخرين والتبست مسائل الكلام بمسائل الفلسفة بحيث لا يتميز أحد الفنين من الآخر ولا يحصل عليه طالبه من كتبهم كما فعله البيضاوي في الطوالع ومن جاء بعده من علماء العجم في جميع تآليفهم إلا أن هذه الطريقة قد يعني بها بعض طلبة العلم للاطلاع على المذاهب والإغراق في معرفة الحجاج لوفور ذلك فيها.
وأما محاذاة طريقة السلف بعقائد علم الكلام فإنما هو الطريقة القديمة للمتكلمين وأصلها كتاب الإرشاد وما حذا حذوه. ومن أراد إدخال الرد على الفلاسفة في عقائده فعليه بكتب الغزالي والإمام ابن الخطيب فإنها وإن وقع فيها مخالفة للاصطلاح القديم فليس فيها من الاختلاط في المسائل والالتباس في الموضوع ما في طريقة هؤلاء المتأخرين من بعدهما.
وعلى الجملة فينبغي أن يعلم أن هذا العلم الذي هو علم الكلام غير ضروري لهذا العهد على طالب العلم إذ الملحدة والمبتدعة قد انقرضوا والأئمة من أهل السنة كفونا شأنهم فيما كتبوا ودونوا والأدلة العقلية إنما احتاجوا إليها حين دافعوا ونصروا وأما الآن فلم يبق منها إلا كلام تنزه الباري عن كثير إيهاماته وإطلاقه.
ولقد سئل الجنيد رحمه الله عن قوم مر بهم من المتكلمين يفيضون فيه فقال: ما هؤلاء؟ فقيل: قوم ينزهون الله بالأدلة عن صفات الحدوث وسمات النقص فقال: نفي العيب حيث يستحيل العيب عيب.
لكن فائدته في آحاد الناس وطلبة العلم فائدة معتبرة إذ لا يحسن بحامل السنة الجهل بالحجج النظرية على عقائدها والله تعالى ولي المؤمنين.

وَسَدَ

Entries on وَسَدَ in 1 Arabic dictionary by the author Ibn al-Athīr al-Jazarī, al-Nihāya fī Gharīb al-Ḥadīth wa-l-Athar
(وَسَدَ)
(س) فِيهِ «قَالَ لِعَديّ بْنِ حَاتِمٍ: إِنَّ وِسَادَكَ إذَنْ لَعَريضٌ» الْوِسَادُ والْوِسَادَةُ: المِخَدَّة. وَالْجَمْعُ: وَسَائِدُ، وَقَدْ وَسَّدْتُهُ الشيءَ فَتَوَسَّدَهُ، إِذَا جَعَلْتَه تحتَ رأسِه، فكَنَى بالوِسادِ عَنِ النَّوم، لِأَنَّهُ مَظِنَّتُه.
أَرَادَ إِنَّ نَوْمَك إذَنْ كَثيرٌ. وكَنَى بِذَلِكَ عَنْ عِرَض قَفاه وعِظَمِ رأسِه. وَذَلِكَ دَلِيلُ الغَبَاوة. وتَشْهَدُ لَهُ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى «إنك لعريض القفا» . وَقِيلَ: أَرَادَ أنَّ مَن تَوسَّد الخَيْطَين المَكْنيَّ بِهِمَا عَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَعَرِيضُ الوِساد .
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ ذُكِر عندَه شُرَيْحٌ الحَضْرَميُّ، فَقَالَ: ذَلِكَ رَجُلٌ لَا يَتَوَسَّدُ الْــقُرْآنَ» يَحْتَمِل أَنْ يَكُونَ مَدْحاً وذَمَّاً، فالمَدْح مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَنام اللَّيلَ عَنِ الــقُرآن وَلَمْ يَتَهَجَّد بِهِ، فَيَكُونُ الْــقُرْآنُ مُتَوَسِّداً مَعَهُ، بَلْ هُوَ يُداوِم قِراءتَه ويُحافِظُ عَلَيْهَا. والذَّمُّ مَعْنَاهُ: لَا يَحْفَظ مِنَ الْــقُرْآنِ شَيْئًا وَلَا يُديمُ قراءتَه، فَإِذَا نامَ لَمْ يَتَوسَّدْ مَعَهُ الْــقُرْآنَ. وأرادَ بِالتَّوَسُّدِ النَّوْمَ.
وَمِنَ الْأَوَّلِ الْحَدِيثُ «لَا تَوَسَّدُوا الــقرآنَ واتْلوه حَقَّ تِلاوتِه» .
(هـ) وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «مَن قَرأ ثلاثَ آياتٍ فِي لَيْلة لَمْ يَكُنْ مَتَوَسِّداً للــقُرآن» .
وَمِنَ الثَّانِي حَدِيثُ أَبِي الدَّرْداء «قَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنِّي أُريد أَنْ أطلُبَ العِلم وأخْشَى أَنْ أُضَيِّعَه، فَقَالَ: لأَنْ تَتَوَسَّدَ الْعِلْمَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَتَوَسَّدَ الجَهْل» .
(س) وَفِيهِ «إِذَا وُسِّدَ الأمرُ إِلَى غَيْرِ أهلِه فانْتَظرِ السَّاعَةَ» أَيْ أُسْند وجُعِل فِي غَيْر أهلِه.
يَعْنِي إِذَا سُوِّدَ وشُرِّف غيرُ المُسْتَحِقّ للسِّيادة والشَّرف.
وَقِيلَ: هُوَ مِن الوِسادة : أَيْ إِذَا وُضِعَتْ وِسادةُ المُلْك وَالْأَمْرِ والنَّهْي لغيرِ مُسْتَحِقّها، وَتَكُونُ إِلَى بِمَعْنَى اللَّامِ.

التصوير بالاستعارة

Entries on التصوير بالاستعارة in 1 Arabic dictionary by the author Aḥmad Aḥmad al-Badawī, Min Balāghat al-Qurʾān
التصوير بالاستعارة
اقتصر الأقدمون عند ما تحدثوا عن الاستعارة في الــقرآن على ذكر أنواعها، من استعارة محسوس لمحسوس بجامع محسوس أو بجامع عقلى، ومن استعارة محسوس لمعقول، ومن استعارة معقول لمعقول أو لمحسوس، ومن استعارة تصريحية أو مكنية، ومن مرشحة أو مجردة، إلى غير ذلك من ألوان الاستعارة، وهم يذكرون هذه الألوان، ويحصون ما ورد في الــقرآن منها، ويقفون عند ذلك فحسب، وبعضهم يزيد فيجرى الاستعارة، ظانا أنه بذلك قد أدى ما عليه، من بيان الجمال الفنى في هذا اللون من التصوير، ولم أر إلا ما ندر من وقوف بعضهم يتأمل بعض هذه اللمحات الفنية المؤثرة، وليس مثل هذه الدراسة بمجد في تذوق الجمال وإدراك أسراره، ومن الخير أن نتبين الأسرار التى دعت إلى إيثار الاستعارة على الكلمة الحقيقة.
وإذا أنت مضيت إلى الألفاظ المستعارة رأيتها من هذا النوع الموحى؛ لأنها أصدق أداة تجعل القارئ يحس بالمعنى أكمل إحساس وأوفاه، وتصور المنظر للعين، وتنقل الصوت للأذن، وتجعل الأمر المعنوى ملموسا محسّا، وحسبى أن أقف عند بعض هذه الألفاظ المستعارة الموحية، نتبين سر اختيارها:
قال سبحانه: وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً (الكهف 99). فكلمة يَمُوجُ لا تقف عند حد استعارتها لمعنى «الاضطراب» بل إنها تصور للخيال هذا الجمع الحاشد من الناس، احتشادا ألا تدرك العين مداه، حتى صار هذا الحشد الزاخر كبحر، ترى العين منه ما تراه في البحر الزاخر من حركة وتموّج واضطراب، ولا تأتى كلمة يَمُوجُ إلا موحية بهذا المعنى، ودالة عليه. وقال سبحانه: قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً (مريم 4). وهنا لا تقف كلمة اشْتَعَلَ عند معنى انتشر فحسب، ولكنها تحمل معنى دبيب الشيب في الرأس في بطء وثبات، كما تدب النار في الفحم مبطئة، ولكن في دأب واستمرار، حتى إذا تمكنت من الوقود اشتعلت في قوة لا تبقى ولا تذر، كما يحرق الشيب ما يجاوره من شعر الشباب، حتى لا يذر شيئا إلا التهمه، وأتى عليه، وفي إسناد الاشتعال إلى الرأس ما يوحى بهذا الشمول الذى التهم كل شىء في الرأس. وقد تحدثنا فيما مضى عما توحى به كلمة تنفس، من إثارة معنى الحياة التى تغمر الكون عند مطلع الفجر.
وقال تعالى: وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ (يس 37). فكلمة نَسْلَخُ تصور للعين انحسار الضوء عن الكون قليلا قليلا، ودبيب الظلام إلى هذا الكون في بطء، حتى إذا تراجع الضوء ظهر ما كان مختفيا من ظلمة الليل. وقال تعالى: وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (الذاريات 41، 42).
ففي العقم ما يحمل إلى النفس معنى الإجداب الذى تحمله الريح معها.
وكثر في الــقرآن أخذ الكلمات الموضوعة للأمور المحسوسة، يدل بها على معقول معنوى، يصير به كأنه ملموس مرئى، فضلا عن إيحاءات الكلمة إلى النفس، خذ مثلا قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ (آل عمران 187). ألا ترى أن كلمة (نبذ)، فضلا عن أنها تدل على الترك، توحى إلى نفس القارئ معنى الإهمال والاحتقار، لأن الذى (ينبذ) وراء الظهر إنما هو الحقير المهمل. وقوله تعالى: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ (الأنبياء 18). فكلمة القذف توحى بهذه القوة التى يهبط بها الحق على الباطل، وكلمة فَيَدْمَغُهُ توحى بتلك المعركة التى تنشب بين الحق والباطل، حتى يصيب رأسه ويحطمه، فلا يلبث أن يموت وتأمل قوة التعبير بالظلمات والنور يراد بهما الكفر والإيمان، فى قوله تعالى: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ (إبراهيم 1). وجمع الظلمات يصور لك إلى أى مدى ينبهم الطريق أمام الضال، فلا يهتدى إلى الحق، وسط هذا الظلام المتراكم.
ومن ذلك قوله تعالى: إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ (البقرة 237). فإنك تشعر في كلمة العقدة بهذا الربط القلبى، الذى يربط بين قلبى الزوجين. ويطول بى القول إذا أنا وقفت عند كل استعارة، من هذا اللون وحسبى أن أشير إلى بعض نماذجه كقوله تعالى: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (الحجر 94). فكلمة الصدع بمعنى الجهر توحى بما سيكون من أثر هذه الدعوة الجديدة، من أنها ستشق طريقها إلى القلوب وتحدث في النفوس أثرا قويّا، وقوله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا (آل عمران 103). فأى صلة متينة ذلك الدين الذى يربطك بالله، يثير هذا المعنى في نفسك هذا التعبير القوى المصور: حبل الله.
وقوله تعالى: وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ (الشعراء 224، 225). وقوله تعالى: لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً (آل عمران 99). وقوله تعالى: وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ (الأنعام 68). وتأمل جمال أَفْرِغْ فى قوله سبحانه: رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً (الأعراف 126). وما يثيره في نفسك من الطمأنينة التى يحس بها من هدأ جسمه بماء يلقى عليه، وهذه الراحة تشبهها تلك الراحة النفسية، ينالها من منح هبة الصبر الجميل، ومن الدقة الــقرآنــية في استخدام الألفاظ المستعارة أنه استخدم أَفْرِغْ وهى توحى باللين والرفق وعند حديثه عن الصبر، وهو من رحمته، فإذا جاء إلى العذاب استخدم كلمة (صب) فقال: فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ (الفجر 13). وهى مؤذنة بالشدة والقوة معا.
وتأمل كذلك قوة كلمة زُلْزِلُوا فى قوله تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (البقرة 214). ولو أنك جهدت في أن تضع كلمة مكانها ما استطاعت أن تؤدى معنى هذا الاضطراب النفسى العنيف.
وقد تحدثنا فيما مضى عن جمال التعبير في قوله تعالى: يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ (البقرة 27). وقوله سبحانه: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ (البقرة 7). وقد يستمر الــقرآن في رسم الصورة المحسوسة بما يزيدها قوة تمكّن لها في النفس، كما ترى ذلك في قوله تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (البقرة 16). فقد أكمل صورة الشراء بالحديث عن ربح التجارة والاهتداء في تصريف شئونها.
وقد يحتاج المرء إلى تريث يدرك به روعة التعبير، كما تجد ذلك في قوله تعالى: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (النحل 112). فقد يبدو أن المناسبة تقضى أن يقال: فألبسها الله لباس الجوع، ولكن إيثار الذوق هنا؛ لأن الجوع يشعر به ويذاق، وصح أن يكون للجوع لباس؛ لأن الجوع يكسو صاحبه بثياب الهزال والضنى والشحوب.
وقد يشتد وضوح الأمر المعنوى في النفس، ويقوى لديها قوة تسمح بأن يكون أصلا يقاس عليه، كما ترى ذلك في قوله سبحانه: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ (الحاقة 11). فهنا كان الطغيان المؤذن بالثورة والفوران أصلا يشبه به خروج الماء عن حده، لما فيه من فورة واضطراب، وعلى هذا النسق جاء قوله تعالى: وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ (الحاقة 6). فهذه الريح المدمرة يشبه خروجها عن حدها العتوّ والجبروت.
وقد يجسم الــقرآن المعنى، ويهب للجماد العقل والحياة، زيادة في تصوير المعنى وتمثيله للنفس، وذلك بعض ما يعبر عنه البلاغيون بالاستعارة المكنية، ومن أروع هذا التجسيم قوله سبحانه: وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ (الأعراف 154). ألا تحس بالغضب هنا وكأنه إنسان يدفع موسى ويحثه على الانفعال والثورة، ثم سكت وكفّ عن دفع موسى وتحريضه، ومن تعقيل الجماد قوله سبحانه: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ (فصلت 11). وفي ذلك التعبير ما يدل على خضوعهما واستسلامهما، وقوله سبحانه: فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ (الكهف 77). وكأنما الجدار لشدة وهنه وضعفه يؤثر الراحة لطول ما مر به من زمن. وقوله تعالى: وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (الملك 6 - 8). فهذا التميز من الغيظ يشعر بشدة ما جناه أولئك الكفرة، حتى لقد شعر به واغتاظ منه هذا الذى لا يحس.
وعلى هذا النسق قوله سبحانه: كَلَّا إِنَّها لَظى نَزَّاعَةً لِلشَّوى تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (المعارج 15 - 17). ألا تحس في هذا التعبير كأن النار تعرف أصحابها
بسيماهم، فتدعوهم إلى دخولها ومنه قوله تعالى: حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ (يونس 24). وفي ذلك ما يشعرك بالحياة التى تدب في الأرض، حين تأخذ زخرفها وتتزين.
هذا وقد كثر الحديث عن قوله سبحانه: وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ (الإسراء 24). ورووا ما يفهم منه أن أبا تمام قلد هذا التعبير فقال:
لا تسقنى ماء الملام، فإننى ... صبّ قد استعذبت ماء بكائى
حتى إنه يروى أن أحدهم أرسل إليه زجاجة يطلب منه فيها شيئا من ماء الملام، فقال أبو تمام: حتى تعطينى ريشة من جناح الذل. قيل: فاستحسنوا منه ذلك. وعندى أن ليس الأمر على ما ذكروه، وأن هذا التعبير كناية عن الرفق في معاملة الوالدين، وأخذهما باللين والرقة، كما تقول: «واخفض لهما الجناح ذلا» ولكن لما كان ثمة صلة بين الجناح بمعنى جانب الإنسان وبين الذل، إذ إن هذا الجانب هو مظهر الغطرسة حين يشمخ المرء بأنفه، ومظهر التواضع حين يتطامن- أجازت هذه الصلة إضافة الجناح للذل لا على معنى الملكية، فلسنا بحاجة إلى تشبيه الذل بطائر نستعير جناحه، ولكنا بحاجة إلى استعارة الجناح للجانب، وجمال ذلك هنا في أن اختيار كلمة الجناح في هذا الموضع يوحى بما ينبغى أن يظلّ به الابن أباه من رعاية وحب، كما يظل الطائر صغار فراخه.
وبما ذكرناه يبدو أن بيت أبى تمام لم يجر على نسق الآية الكريمة، فليس هناك صلة ما بين الماء والملام تجيز هذه الإضافة، ولا سيما أن إيحاء الكلمات فى الجملة لا تساعد أبا تمام على إيصال تجربته إلى قارئه، فليس في سقى الماء ما يثير ألما، ولو أنه قال: لا تجر عنى غصص الملام، لاستطاع بذلك أن يصور لنا شعوره تصويرا أدقّ وأوفى، لما تثيره هاتان اللفظتان في النفس من المشقة والألم.
*** 

فائدة

Entries on فائدة in 2 Arabic dictionaries by the authors Al-Tahānawī, Kashshāf Iṣṭilāḥāt al-Funūn wa-l-ʿUlūm and Kâtip Çelebi / Ḥājī Khalīfa, Kashf al-Ẓunūn ʿan Asāmī al-Kutub wa-l-Funūn
فائدة:
إطلاق الآلة على العلوم الآليّة كالمنطق مثلا مع أنها من أوصاف النفس إطلاق مجازيّ، وإلّا فالنفس ليست فاعلة للعلوم الغير الآليّة لتكون تلك العلوم واسطة في وصول أثرها إليها. وقد تطلق الآلة مرادفة للشرط كما سيجيء. ثم الآلة عند الصرفيين تطلق على اسم مشتق من فعل لما يستعان به في ذلك الفعل كالمفتاح فإنه اسم لما يفتح به ويسمى اسم آلة أيضا. وهذا معنى قولهم اسم الآلة ما صنع من فعل لآليّته أي لآليّة ذلك الفعل. وقد تطلق عندهم على ما يفعل فيه إذا كان مما يستعان به كالمحلب، هكذا في الأصول الأكبري وشروح الشافية. والفرق بين اسم الآلة والوصف المشتق يجيء في لفظ الوصف.
فائدة
أوردها: تقي الدين في: (طبقاته).
هي: أن المولى، الفاضل: علي بن أمر الله، المعروف: (بابن الحنائي)، القاضي بالشام، حضر مرة درس الشيخ، العلامة: بدر الدين الغزي، لما ختم في الجامع الأموي من التفسير الذي صنفه، وجرى فيه بينهما أبحاث، منها اعتراضات السمين على شيخه.
فقال الشيخ: إن أكثرها غير وارد.
وقال المولى علي: والذي في اعتقادي أن أكثرها وارد؛ وأصرا على ذلك.
ثم إن المولى المذكور كشف عن ترجمة السمين، فرأى أن الحافظ ابن حجر وافقه فيه، حيث قال في (الدرر) : صنف في حياة شيخه، وناقشه فيه مناقشات كثيرة، غالبها جيدة، فكتب إلى الشيخ أبياتا، يسأله أن يكتب ما عثر الشهاب من أبحاثه؟ فاستخرج عشرة منها، ورجح فيها كلام أبي حيان، وزيف اعتراضات السمين عليها.
وسماه: (بالدر الثمين، في المناقشة بين أبي حيان والسمين).
وأرسلها إلى القاضي، فلما وقف انتصر للسمين، ورجح كلامه على كلام أبي حيان.
وأجاب عن اعتراضات الشيخ: بدر الدين، ورد كلامه في رسالة كبيرة، وقف عليها علماء الشام، ورجحوا كتابته على كتابة البدر، وأقروا له بالفضل والتقدم.
وممن صنف في إعراب الــقرآن من القدماء:
الإمام، أبو حاتم: سهل بن محمد السجستاني.
المتوفى: سنة ثمان وأربعين ومائتين.
وأبو مروان: عبد الملك بن حبيب المالكي، القرطبي.
المتوفى: سنة تسع وثلاثين ومائتين.
وأبو العباس: محمد بن يزيد، المعروف: بالمبرد، النحوي.
المتوفى: سنة ست وثمانين ومائتين.
وأبو العباس: أحمد بن يحيى، الشهير: بثعلب، النحوي.
المتوفى: سنة إحدى وتسعين ومائتين.
وأبو جعفر: محمد بن أحمد بن النحاس النحوي.
المتوفى: سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة.
وأبو طاهر: إسماعيل بن خلف الصقلي، النحوي.
المتوفى: سنة خمس وخمسين وأربعمائة.
وكتابه: في تسع مجلدات.
والشيخ، أبو زكريا: يحيى بن علي الخطيب، التبريزي.
المتوفى: سنة اثنتين وخمسمائة.
في أربع مجلدات.
والشيخ، أبو البركات: عبد الرحمن بن أبي سعيد محمد الأنباري، النحوي.
المتوفى: سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة.
وسماه: (البيان).
أوله: (الحمد لله منزل الذكر الحكيم... الخ).
والإمام، الحافظ، قوام السنة، أبو القاسم: إسماعيل بن محمد الأصفهاني.
المتوفى: سنة خمس وثلاثين وخمسمائة.
ومنجب الدين: حسين بن أبي العز الهمداني.
المتوفى: سنة ثلاث وأربعين وستمائة.
وكتابه: تصنيف متوسط، لا بأس به.
وأبو عبد الله: حسين بن أحمد، المعروف: بابن خالويه، النحوي.
المتوفى: سنة سبعين وثلاثمائة.
وكتابه: في إعراب ثلاثين سورة، من الطارق إلى آخر الــقرآنــ، والفاتحة، بشرح أصول كل حرف، وتلخيص فروعه.
والشيخ، موفق الدين: عبد اللطيف بن يوسف البغدادي، الشافعي.
المتوفى: سنة تسع وعشرين وستمائة.
وكتابه: في إعراب الفاتحة.
والشيخ: إسحاق بن محمود بن حمزة، تلميذ ابن الملك.
جمع: إعراب الجزء الأخير من الــقرآن.
وسماه: (التنبيه).
أوله: (أول البيان المذكور آنفا...).
والمولى: أحمد بن محمد، الشهير: بنشانجي زاده.
المتوفى: سنة ست وثمانين وتسعمائة.
كتب إلى: الأعراف.
ومن الكتب المصنفة في إعراب الــقرآن:
(تحفة الأقران، فيما قرئ بالتثليث من الــقرآن).
Our December server bill is coming up; please donate any amount you're able to help keep The Arabic Lexicon online. .

Secure payments via PayPal (top) and Stripe (bottom).
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.