فَيْلَق1 [مفرد]: رجل عظيم.
فَيْلَق2 [جمع]: جج فَيالِقُ: كتيبة عظيمة من الجيش تتألَّف من عِدَّة فِرَق.
فلق: الفَلْق: الشق، والفَلْق مصدر فَلَقَه يَفْلِقُه فَلْقاً شقه،
والتَّفْليقُ مثله، وفَلَّقَهُ فانْفَلَقَ وتَفَلَّقَ، والفِلَقُ: ماتَفَلَّق
منه، واحدتها فِلْقَةٌ، وقد يقال لها فِلْقٌ، بطرح الهاء. الأَصمعي:
الفُلُوق الشقوق، واحدها فَلَقٌ، محرك؛ وقال أَبوالهيثم: واحدهافَلْق، قال:
وهو أَصوب من فَلَق. وفي رجله فُلُوق أَي شقوق.والفِلْقةُ: الكِسْرةُ من
الجَفْنة أو من الخبز. ويقال:أعطني فِلْقةَ الجفنة وفِلقَ الجفنة
وهونصفها، وقال غيره: هو أحد شِقَّيْها إذا انْفَلَقَتْ.وفي حديث جابر: صنعت
للنبي، صلى الله عليه وسلم، مَرَقة يسميها أهل المدينة الفَلِيقةَ؛ قيل: هي
قدر تطبخ ويثرد فيها فِلَقُ الخبز وهي كِسَرهُ، وفَلَقْت الفستقة وغيرها
فانْفَلَقَت. والفِلْق: القَضيب يُشَق باثنين فيعمل منه قوسان، فيقال لكل
واحدة فِلْقٌ. والفَلْق: الشق. يقال: مررت بحَرَّةٍ فيها فُلُوق أي
شقوق. وفي الحديث:
يا فَالِقَ الحَبّ والنَّوَى أي الذي يَشُقّ حَبة الطعام ونوى التمر
للإنبات. وفي حديث علي، عليه السلام: والذي فَلَقَ الحبة وبرأَ
النََّسَمَةَ، وكثيراً ما كان يقسم بها. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: إن البكاء
فالِقٌ كبدي. والفِلْق: القوس يشف من العودِ فِلْقة مع أُخرى، فكل واحدة من
القوسين فِلْقٌ. وقال أبو حنيفة: من القِسيّ الفِلْق، وهي التي شُقَّت
خشبتها شقتين أو ثلاثاً ثم عملتْ، قال: وهي الفَلِيقُ؛ وأَنشد للكميت:
وفَلِيقاً مِلْءَ الشِّمالِ من الشَّوْ
حَطِ تعطي، وتَمْنَعُ التَّوْتِيرا
وقوس فِلْقٌ: وصف بذلك؛ عن اللحياني. وفِلْقَةُ القوس: قطعتها. وفُلاقهُ
الآجُرّ: قطعتها؛ عن اللحياني. يقال: كأَنه فُلاقه آجُرَّةٍ أي قطعة.
وفُلاق البيضة: ما تَفَلَّقَ منها. وصار البيض فُلاقاً وفِلاقاً وأَفْلاقاً
أي مُتَفَلِّقاً. وفِلاقُ اللَّبَن: أن يخثُر ويحمُض حتى يتَفَلَّق؛ عن
ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
وإن أَتاها ذو فِلاقٍ وحَشَنْ،
تُعارضُ الكلبَ، إذا الكلبُ رَشَنْ
وجمعه فُلُوق. وتَفَلَّق اللبن: تقطع وتشقق من شدة الحموضة؛ وسمعت بعض
العرب يقول للبن إذا حُقِنَ فأَصابه حَرّ الشمس فتقطع: قد تَفَلَّق
وامْزَقَرَّ، وهو أن يصير اللبن ناحية، وهم يَعافون شرب اللبن المُتَفَلِّق.
وفَلَقَ الله الحَبَّ بالنبات: شقه. والفَلْقُ: الخلق. وفي التنزيل: إن
الله فالِقُ الحب والنوى. وقال بعضهم: وفالِق في معنى خالق، وكذلك فَلَقَ
الأرضَ بالنبات والسحاب بالمطر، وإذا تأَملت الخَلْق تبين لك أَن أكثره عن
انِفلاق، فالفَلَقُ جميع المخلوقات، وفَلَقُ الصبح من ذلك. وانْفَلَقَ
المكان به: انشق. وفَلَقَت النخلة، وهي فالِقٌ: انشقت عن الطَّلْع
والكافور، والجمع قُلْق. وفَلَقَ الله الفجر: أَبداه وأَوضحه. وقوله تعالى:
قالِقُ الأصْباح؛ قال الزجاج: جائز أن يكون معناه خالق الأَصْباح وجائز أن
يكون معناه شاق الأَصباح، وهو راجع إلى معنى خالق. والفَلَق، بالتحريك: ما
انفَلَقَ من عمود الصبح، وقيل: هو الصبح بعينه، وقيل: هو الفجر، وكلٌّ
راجع إلى معنى الشق. قال الله تعالى: قل أَعوذ برب الفَلَق؛ قال الفراء:
الفَلَق الصبح. يقال: هو أَبين من فَلَقِ الصبح وفَرَق الصبح. وقال الزجاج:
الفَلَق بيان الصبح. ويقال الفَلَقُ الخَلْق كله، والفَلَق بيان الحق بعد
إشكال. ويقال: فَلَقَ الصبحَ فالِقُه؛ قال ذو الرمة يصف الثور الوحشي:
حتى إذا ما انْجَلى عن وَجْهه فَلَقٌ،
هادِيهِ في أُخْرَياتِ الليل مُنْتَصبُ
قال ابن بري: الرواية الصحيحة:
حتى إذا ما جلا عن وجهه شَفَقٌ
لأن بعده:
أَغْباشَ ليلِ تِمامٍ كان طارَقَهُ
تَطَحْطُخُ الغيمِ، حتى ما له جُوَبُ
وفي الحديث: أَنه كان يرى الرؤيا فتأْتي مثل فَلَقِ الصبح؛ هو بالتحريك:
ضوءُه وإنارته. والفَلْق، بالتسكين: الشَّقّ. كلمني فلان من فَلْق فيه
وفِلْق فيه وسمعته من فَلْق فيه وفِلْق فيه؛ الأخيرة عن اللحياني، أي
شِقِّه، وهي قليلة، والفتح أَعْرَف. وضربه على فَلْقِ رأْسه أَي مَفْرَقه
ووسطه. والفَلَق والفالِقُ: الشق في الجبل والشِّعب: الأُولى عن اللحياني.
والفَلَقُ: المطمئن من الأَرض بين الرَّبْوَتَينِ؛ وأنشد:
وبالأُدْمِ تَحْدي عليها الرِّحال،
وبالشَّوْل في الفَلَقِ العاشب
ويقال: كان ذلك بفالِق كذا وكذا؛ يريدون المكان المنحدر بين
رَبْوَتَيْن، وجمع الفَلَق فُلْقان مثل خَلَق وخُلْقان، وهو الفالِقُ، وقيل: الفالِق
فضاء بين خَلَق وخُلْقان، وهو الفالِقُ، وقيل: الفالق فضاء بين
شَقِيقَتين من رمل، وجمعهما فُلْقان كحاجِرٍ وحُجْران. وقال أَبو حنيفة: قال أَبو
خيرة أو غيره من الأعراب: الفالِقَةُ، بالهاء، تكون وسط الجبال تنبت
الشجر وتُنْزَلُ ويبيت بها المال في الليلة القَرَّة، فجعل الفالِقَ من
جَلَد الأرض، قال: وكلا القولين ممكن. وفي حديث الدجال: فأَشرق على فَلَقٍ من
أَفْلاق الحَرَّة؛ الفَلَقُ، بالتحريك: المطمئِنُّ من الأرض بين
رَبوَتَين. والفَلَقُ: جهنم، وقيل: الفَلَقُ وادٍ في جهنم، نعوذ بالله منها.
والفَلَقُ: المَقْطَرة، وفي الصحاح: الفَلَق مَقْطرةُ السَّجَّان.والفَلَقة
والفَلْقة: الخشبة؛ عن اللحياني. والفِلْقُ والفَلِيقُ والفَلِيقَةُ
والْمَفْلَقَةُ الــفَيْلَقُ والفَلَقى، كله: الداهية والأمر العجب؛ قال أَبو
حَيَّة النميري:
وقالت: إنها الفَلَقى، فأَطْلِقْ
على النَّقَدِ الذي معك الصِّرارا
والعرب تقول: يا لَلْفَلِيقة. وكَتِيبة فَيْلَق: شديدة شبهت بالداهية،
وقيل: هي الكثيرة السلاح؛ قال أبو عبيد: هي اسم للكتيبة. قال ابن سيده:
وليس هذا بشيء. التهذيب: القَيْلَق الجيش العظيم؛ قال الكميت:
في حَوْمة القَيْلَقِ الجَأْواءِ إذ نزلتْ
قَسْراً، وهَيْضَلُها الخَشْخاش إذ نزلوا
وامرأَة فَيْلَق: داهية صخابة؛ قال الراجز:
قلتُ: تَعَلَّقْ فَيْلَقــاً هَوْجَلاَّ،
عَجَّاجةً هَجَّاجةً تَأَلاَّ
وجاء بالفِلْقِ أي بالداهية؛ عن اللحياني. وجاءَ بعُلَقَ فُلَقَ أي بعجب
عجيب. وقد أَعْلَقْت وأَفْلَقْت وافْتََلَقْت أي جئت بعُلَق فُلَقَ، وهي
الداهية، لا تُجْرى. وأَفْلَقَ وافْتَلَقَ بالعجب: أتى به؛ عن اللحياني؛
وأَنشد ابن السكيت لسويد بن كُراع العُكْليّ، وكراع اسم أُمه واسم أَبيه
عُمَيْر:
إذا عَرَضَتْ داوِيةٌ مُدْلَهِمَّةٌ،
وغَرَّدَ حادِيها فَرَيْنَ بها فِلْقا
قال ابن الأَنباري: أراد عملن بها سيراً عجباً. والفِلْق العَجَب أي
عملن بها داهية من شدة سيرها، والفَرْيُ: العمل الجيد الصحيح، والإفراء
الإفساد، وغَرَّدَ: طرَّب في حُدائهِ، وعَرَّد: جَبُن عن السير؛ قال القالي:
رواية ابن دريد غَرَّد، بغين معجمة، ورواية ابن الأعرابي عَرَّد، بعين
مهملة، وأنكر ابن دريد هذه الرواية.
ويقال: مَرَّ يَفْتَلِقُ بالعَجَب أي يأْتي بالعجب. ويقال: أَفْلَقَ
فلانٌ اليوم وهو يُفْلِقُ إذا جاء بعجَب. وشاعر مُفْلِقٌ: مجيد، منه، يجيء
بالعجائب في شعره. وأَفْلَقَ في الأمر إذا كان حاذقاً به. ومرَّ
يَفْتَلِقُ في عَدْوه أي يأْتي بالعجب من شدته. وقُتِلَ فلان أَفْلَقَ قِتْلَةٍ أي
أشدّ قِتْلَةٍ. وما رأَيت سيراً أَفْلَقَ من هذا أي أَبعد؛ كلاهما عن
اللحياني.
ابن الأَعرابي: جاء فلانٌ بالفْلْقانِ أي بالكذب الصُّرَاح، وجاء فلان
بالسُّمَاق مثله.
والفَلِيقُ: عِرْق في العَضُد يجري على العظم إلى نُغْضِ الكتف، وقيل:
هو المطمئن في جِرَانِ البعير عند مَجْرى الحلقوم؛ قال أبو محمد
الفقعسي:بكل شَعْشَاعٍ كجِذْعِ المُزْدَرِعْ،
فَلِيقُهُ أَجْرَدُ كالرُّمْحِ الضَّلِعْ،
جدَّ بإلْهابٍ كتَضْرِيم الضَّرِعْ
والفَليقُ: باطن عنق البعير في موضع الحلقوم؛ قال الشماخ:
وأَشْعَث وَرَّاد الثَّنَايا كأَنه،
إذا اجْتَازَ في جَوْف الفَلاة، فَلِيقُ
وقيل: الفَلِيقُ ما بين العِلْباوَيْنِ وهو أن يَنْفَلِقَ الوَبَرُ بين
العِلْباوَيْن، قال: ولا يقال في الإنسان. وفي النوادر: تَفَيْلَم الغلام
وتَــفَيْلَقَ وتَفَلَّق وحَثِر إذا ضخم وسمن.
وفي حديث الدجال وصفته: رجل فَيْلَقٌ؛ قال الأزهري: هكذا رواه القتيبي
في كتابه بالقاف، وقال: لا أَعرف الــفَيْلَقَ إلا الكَتِيبة العظيمة، قال:
فإن كان جعله فَيْلَقــاً لعظمه فهو وَجْهٌ إن كان محفوظاً، وإلا فهو
الفَيْلَمُ، بالميم، يعني العظيم من الرجال. قال أَبو منصور: والفَيْلَم
والــفَيْلَق العظيم من الرجال، ومنه تَــفَيْلَقَ الغلام وتَفَيْلَم بمعنى واحد؛
الــفَيْلَقُ العظيم وأصله الكتيبة العظيمة، والياء زائدة.
ورجل مِفْلاق: دنيء رديء فَسْلٌ رَذْلٌ قليل الشيء.
وخليته بِفالقَةِ الوَرِكِةِ: وهي رملة، وفي التهذيب: خليته بفَالِق
الوَرْكاءِ وهي رملة.
والفُلَّيْقُ، بالضم والتشديد: ضرب من الخَوْخ يتَفَلَّقُ عن نَواهُ،
والمفَلَّق منه المجفف.
والــفَيْلِقُ: الجيش، والجمع الفَيَالِقُ. وفي حديث الشعبي: وسئل عن
مسأَلة فقال: ما يقول فيها هؤلاء المَفَاليقُ؟ هم الذي لا مال لهم، الواحد
مِفْلاق كالمَفَاليس، شبه إفْلاسهم من العلم وعدمه عندهم بالمَفَاليس من
المال.
وفَالِق: اسم موضع بغير تعريف، وفي المحكم:
والفَالِقُ اسم موضع؛ قال:
حيث تَحَجَّى مُطْرِقٌ بالفالِقِ
طرق: روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال:
الطَّرْق والعِيَافَةُ من الجِبْتِ؛ والطَّرْقُ: الضرب بالحصى وهو ضرب
من التَّكَهُّنِ. والخَطُّ في التراب: الكَهانَةُ. والطُّرَّاقُ:
المُتكَهِّنُون. والطَّوارِقُ: المتكهنات، طَرَقَ يَطْرُقُ طَرْقاً؛ قال
لبيد:لَعَمْرُكَ ما تَدْري الطَّوَارِقُ بالحصى، * ولا زَاجِراتُ الطير ما اللهُ صَانِعُ
واسْتَطْرَقَهُ: طلب منه الطَّرْقَ بالحصى وأَن ينظر له فيه؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
خَطَّ يدِ المُسْتَطْرَقِ المَسْؤولِ
وأَصل الطَّرْقِ الضرب، ومنه سميت مِطْرقَة الصائغ والحدّاد لأَنه
يَطْرقُ بها أَي يضرب بها، وكذلك عصا النَّجَّاد التي يضرب بها الصوفَ.
والطَّرقُ: خطّ بالأَصابع في الكهانة، قال: والطَّرْقُ أَن يخلط الكاهن القطنَ
بالصوف فَيَتَكهَّن. قال أَبو منصور: هذا باطل وقد ذكرنا في تفسير
الطَّرْقِ أَنه الضرب بالحصى، وقد قال أَبو زيد: الطَّرْقُ أَن يخط الرجل في
الأَرض بإِصبعين ثم بإِصبع ويقول: ابْنَيْ عِيانْ، أَسْرِعا البيان؛ وهو
مذكور في موضعه. وفي الحديث: الطِّيَرَةُ والعِيافَةُ والطَّرْقُ من
الجِبْتِ؛ الطرقُ: الضرب بالحصى الذي تفعله النساء، وقيل: هو الخَطُّ في
الرمل.وطَرَقَ النَّجَّادُ الصوفَ بالعود يَطْرُقُه طَرْقاً: ضربه، واسم ذلك
العود الذي يضرب به المِطْرَقةُ، وكذلك مِطْرَقَةُ الحدّادين. وفي الحديث:
أَنه رأَى عجوزاً تَطْرُقُ شَعراً؛ هو ضرب الصوف والشعر بالقضيب
لَينْفشا. والمِطْرَقة: مِضْربة الحداد والصائغ ونحوهما؛ قال رؤبة:
عَاذِل قد أُولِعْتِ بالتَّرقِيشِ
إِليَّ سِراًّ، فاطْرُقي ومِيشِي
التهذيب: ومن أَمثال العرب التي تضرب للذي يخلط في كلامه ويتفنن فيه
قولهم: اطْرُقي ومِيشِي. والطَّرْق: ضرب الصوف بالعصا. والمَيْشُ: خلط الشعر
بالصوف. والطَّرْق: الماء المجتمع الذي خيضَ فيه وبِيل وبُعِرَ فكَدِر،
والجمع أَطْرَاق. وطَرَقَت الإِبل الماء إِذا بالت فيه وبعرت، فهو ماء
مَطْرُوق وطَرْقٌ. والطَّرْقُ والمَطرُوق أَيضاً: ماء السماء الذي تبول فيه
الإِبل وتَبْعَرُ؛ قال عدي بن زيد:
ودَعَوْا بالصَّبُوح يوماً، فجاءَتْ
قَيْنَةٌ في يمينها إِبْريقُ
قدَّمَتْهُ على عُقارٍ، كعَيْن الـ
ـدّيكِ، صَفَّى سُلافَها الرَّاووقُ
مُزَّةٍ قبل مَزْجِها، فإِذا ما
مُزِجَتْ، لَذَّ طَعْمَها مَنْ يَذُوقُ
وطَفَا فوقها فَقَاقِيعُ، كاليا
قوت، حُمْرٌ يَزينُها التَّصفيقُ
ثم كان المِزَاجُ ماءَ سحاب
لا جَوٍ آجِنٌ، ولا مَطْرُوقُ
ومنه قول إِبراهيم في الوضوء بالماء: الطَّرْقُ أَحَبُّ إليَّ من
التَّيَمُّم؛ هو الماء الذي خاضت فيه الإِبل وبالت وبعرت. والطَّرْق أَيضاً:
ماء الفحلِ. وطرَقَ الفحلُ الناقة يَطْرُقها طَرْقاً وطُروقاً أَي قَعا
عليها وضربها. وأَطْرَقه فحلاً: أَعطاه إِياه يضرب في إِبله، يقال:
أَطرِقْني فحلَك أَي أَعِرْني فحلك ليضرب في إِبلي. الأَصمعي: يقول الرجل للرجل
أَعِرْني طَرْقَ فحلِك العامَ أَي ماءه وضِرابَهُ؛ ومنه يقال: جاء فلان
يَسْتَطْرِقُ ماءَ طَرْقٍ. وفي الحديث: ومِنْ حقِّها إِطْراقُ فحلِها أَي
إِعارته للضراب، واسْتطْراق الفحل إِعارته لذلك. وفي الحديث: من أَطْرَقَ
مسلماً فَعَقّتْ له الفرسُ؛ ومنه حديث ابن عمر: ما أُعْطيَ رجلٌ قطّ
أَفضلَ من الطَّرْقِ، يُطْرِق الرجلُ الفحل فيُلْقِــح مائة فَيَذْهبُ
حَيْرِيَّ دَهْرٍ أَي يحوي أَجره أَبَدَ الآبِدينَ، ويُطْرِقُ أَي يعير فحله
فيضرب طَرُوقَة الذي يَستَطْرِقه. والطَّرْقُ في الأَصل: ماء الفحل، وقيل: هو
الضِّرابُ ثم سمي به الماء. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: والبيضة منسوبة
إِلى طَرْقِها أَي إِلى فحلها. واسْتَطْرَقَهُ فحلاً: طلب منه أَن
يُطْرِقَهُ إِياه ليضرب في إِبله. وطَرُوقَةُ الفحل: أُنثْاه، يقال: ناقة
طَرُوقَةُ الفحل للتي بلغت أَن يضربها الفحل، وكذلك المرأَة. وتقول العرب:
إِذا أَردت أَن يُشْبهك ولَدُك فأَغْضِب طَرُوقَتَك ثم ائتِْها. وفي
الحديث: كان يُصْبِحُ جنباً من غير طَرُوقَةٍ أَي زوجة، وكل امرأة طَرُوقَةُ
زوجها، وكل ناقة طَرُوقَةُ فحلها، نعت لها من غير فِعْلٍ لها؛ قال ابن
سيده: وأَرى ذلك مستعاراً للنساء كما استعار أَبو السماك الطَّرْق في
الإِنسان حين قال له النجاشي: ما تَسْقِنيي؟ قال: شراب كالوَرْس، يُطَيْب النفس،
ويُكْثر الطَّرْق، ويدرّ
في العِرْق، يشدُّ العِظام، ويسهل للفَدْم الكلام؛ وقد يجوز أَن يكون
الطَّرْقُ وَضْعاً في الإِنسان فلا يكون مستعاراً. وفي حديث الزكاة في
فرائض صدَقات الإِبل: فإِذا بلغت الإِبل كذا ففيها حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الفحل؛
المعنى فيها ناقة حِقَّةٌ يَطْرقٌ الفحلُ مثلها أَي يضربها ويعلو مثلها
في سنها، وهي فَعُولَةٌ بمعنى مَفْعولة أَي مركوبة للفحل. ويقال
للقَلُوصِ التي بلغت الضَّرابَ وأَرَبَّتْ بالفحل فاختارها من الشُّوَّل: هي
طَرْوقَتُه. ويقال للمتزوج: كيف وجدتَ طَرُوقَتَك؟ ويقال: لا أَطْرَقَ اللهُ
عليك أَي لا صَيَّر لك ما تَنكْحِه. وفي حديث عمرو بن العاص: أَنه قَدِم
على عمر، رضي الله عنه، من مصر فجرَى بينهما كلام، وأَن عمر قال له: إِن
الدجاجة لتَفْحَصُ في الرماد فَتَضَعُ لغير الفحل والبيضة منسوبة إِلى
طَرْقها، فقام عمرو مُتَرَبَّدَ
الوجه؛ قوله منسوبة إِلى طَرْقها أَي إِلى فحلها، وأَصل الطَّرْق
الضِّرَاب ثم يقال للضارب طَرْقٌ بالمصدر، والمعنى أَنه ذو طَرْقٍ؛ قال الراعي
يصف إِبلاً:
كانَتْ هَجائِنُ مُنْذرٍ ومُحٍرَّقٍ
أُمَّاتِهِنَّ وطَرْقُهُنَّ فَحِيلا
أَي كان ذو طَرْقِها فحلاً فحيلاً أَي منجباً. وناقة مِطْراق: قريبة
العهد بطَرق الفحل إِِياها. والطَّرْق: الفحل، وجمعه طُرُوقٌ وطُرَّاقٌ؛ قال
الشاعر يصف ناقة:
مُخْلفُ الطُّرَّاقِ مَجهُولَةٌ،
مُحْدِثٌ بعد طِرَاقِ اللُّؤَم
قال أَبو عمرو: مُخْلِفُ الطُّرَّاق: لم تلقح، مجهولة: محرَّمة الظهر لم
تُرْكَبْ ولم تُحْلَبْ، مُحْدِث: أَحدثتِ لِقاحاً، والطِّراق: الضِّراب،
واللؤام: الذي يلائمها. قال شمر: ويقال للفحل مُطْرِق؛ وأَنشد:
يَهَبُ النَّجِيبَةَ والنَّجِيبَ، إِذا شَتَا،
والبازِلَ الكَوْمَاء مثل المُطْرِق
وقال تيم:
وهل تُبْلغَنِّي حَيْثُ كانَتْ دِيارُها
جُمالِيَّةٌ كالفحل، وَجنْاءُ مُطْرِقُ؟
قال: ويكون المُطْرِقُ من الإِطْراقِ أَي لا تَرْغو ولا تَضِجّ. وقال
خالد بن جنبة: مُطْرِقٌ من الطَّرْق وهو سرعة المشي، وقال: العَنَقُ
جَهْدُ الطَّرْق؛ قال الأَزهري: ومن هذا قيل للراجل مُطْرِق وجمعه
مَطَارِيقُ، وأَما قول رؤبة:
قَوَارِباً من واحِفٍ بعد العَنَقْ
للعِدِّ، إِذ أَخْلَفَه ماءُ الطَّرَقْ
فهي مناقع المياه تكون في بحائر الأَرض. وفي الحديث: نهى المسافر أَن
يأْتي أَهله طُروقاً أَي ليلاً، وكل آتٍ بالليل طَارِقٌ، وقيل: أَصل
الطُّروقِ من الطَّرْقِ وهو الدَّق، وسمي الآتي بالليل طَارِقاً لحاجته إلى دَق
الباب. وطَرَق القومَ يَطْرُقُهم طَرْقاً وطُروقاً: جاءَهم ليلاً، فهو
طارِقٌ. وفي حديث عليّ، عليه السلام: إِنها حَارِقةٌ طارِقةٌ أَي طَرَقَتْ
بخير. وجمع الطارِقَةِ طَوارِق. وفي الحديث: أَعوذ بك من طَوارِقِ الليل
إِلا طارِقاً يَطْرُقُ بخير. وقد جُمع طارِقٌ على أَطْراقٍ مثل ناصرٍ
وأَنصار؛ قال ابن الزبير:
أَبَتْ عينُه لا تذوقُ الرُّقاد،
وعاوَدها بعضُ أَطْراقِها
وسَهَّدَها، بعد نوع العِشاء،
تَذَكُّرُ نَبْلِي وأَفْواقِها
كنى بنبله عن الأقارب والأَهل. وقوله تعالى: والسماء والطَّارِقِ؛ قيل:
هو النجم الذي يقال له كوكب الصبح، ومنه قول هند بنت عتبة، قال ابن بري:
هي هند بنت بياضة بن رباح بن طارق الإِيادي قالت يوم أُحد تحض على
الحرب:نَحْنُ بناتُ طارِق،
لا نَنْثَني لِوامِق،
نَمْشي على النَّمارِق،
المِسْكُ في المَفَارِق،
والدُّرُّ في المَخانِق،
إِن تُقْبِلوا نُعانِق،
أَو تُدْبِرُوا نُفارِق،
فِراقَ غَيرِ وامِق
أَي أَن أَبانا في الشرف والعلو كالنجم المضيء، وقيل: أَرادت نحن بنات
ذي الشرف في الناس كأَنه النجم في علو قدره؛ قال ابن المكرم: ما أَعرف
نجماً يقال له كوكب الصبح ولا سمعت من يذكره في غير هذا الموضع، وتارة يطلع
مع الصبح كوكب يُرَى مضيئاً ، وتارة لا يطلُع معه كوكب مضيء، فإِن كان
قاله متجوزاً في لفظه أَي أَنه في الضياء مثل الكوكب الذي يطلع مع الصبح
إِذا اتفق طلوع كوكب مضيء في الصبح، وإِلا فلا حقيقة له. والطَّارِقُ:
النجم، وقيل: كل نجم طَارِق لأَن طلوعه بالليل؛ وكل ما أَتى ليلاً فهو طارِق؛
وقد فسره الفراء فقال: النجم الثّاقِب. ورجل طُرَقَةٌ، مثال هُمَزَةٍ،
إِذا كان يسري حتى يَطْرُق أَهله ليلاً. وأَتانا فلان طُروقاً إِذا جاء
بليل. الفراء: الطَّرَقُ في البعير ضعف في ركبتيه. يقال: بعير أَطرَقُ
وناقة طَرْقاءُ بيِّنة الطَّرَقِ، والطَّرَقُ ضعف في الركبة واليد، طَرِقَ
طَرَقاً وهو أَطْرَقُ، يكون في الناس والإِبل؛ وقول بشر:
ترى الطِّرَقَ المُعَبَّدَ في يَدَيْها
لكَذَّان الإكَامِ، به انْتِضالُ
يعني بالطَّرَق المُعَبَّد المذلل، يريد ليناً في يديها ليس فيه جَسْوٌ
ولا يبس. يقال: بعير أَطْرَق وناقة طَرْقاءُ بيِّنة الطَّرَق في يديها
لين، وفي الرَّجل طَرْقَةٌ وطِراقٌ وطِرِّيقَةٌ أَي استرخاء وتكسر ضعيف
ليِّن؛ قال ابن أَحمر يخاطب امرأَته:
ولا تَحْلَيْ بمَطْرُوقٍ، إِذا ما
سَرى في القَوْم، أَصبح مُسْتَكِينَا
وامرأَة مَطْروقَةٌ: ضعيفة ليست بمُذكًّرَة. وقال الأَصمعي: رجل
مَطْروقٌ أَي فيه رُخْوَةٌ وضعف، ومصدره الطِّرِّيقةُ، بالتشديد. ويقال: في ريشه
طَرَقٌ أَي تراكب. أَبو عبيد: يقال للطائر إِذا كان في ريشه فَتَخٌ، وهو
اللين: فيه طَرَقٌ. وكَلأٌ مَطْروقٌ: وهو الذي ضربه المطر بعد يبسه.
وطائر فيه طَرَقٌ أَي لين في ريشه. والطَّرَقُ في الريش: أَن يكون بعضُها
فوق بعض. وريش طِرَاقٌ إِذا كان بعضه فوق بعض؛ قال يصف قطاة:
أَمّا القَطاةُ، فإِنِّي سَوْفَ أَنْعَتُها
نعْتاً، يُوافِقُ نَعْتي بَعْضَ ما فيها:
سَكَّاءٌ مخطومَةٌ، في ريشها طَرَقٌ،
سُود قوادمُها، صُهْبٌ خَوافيها
تقول منه: اطَّرقَ جناحُ الطائر على افْتَعَلَ أَي التف. ويقال:
اطَّرَقَت الأَرض إِذا ركب التراب بعضه بعضاً. والإِطْراقُ: استرخاء العين.
والمُطْرِقُ: المسترخي العين خِلقةً. أَبو عبيد: ويكون الإِطْراقُ الاسترخاءَ
في الجفون؛ وأَنشد لمُزَِّدٍ يرثي عمر بن الخطاب، رضي الله عنه:
وما كُنْت أَخْشَى أَن تكونَ وفاتُه
بِكَفَّيْ سَبَنْتى أَزرقِ العينِ مُطْرِقِ
والإِطْراقُ: السكوت عامة، وقيل: السكوت من فَرَقٍ. ورجل مُطْرِقٌ
ومِطْراقٌ وطِرِّيق: كثير السكوت. وأَطْرَقَ الرجل إِذا سكت فلم يتكلم،
وأَطْرَقَ أيضاً أَي أَرخى عينيه ينظر إِلى الأَرض. وفي حديث نظر الفجأَة:
أَطْرِق بصَرك، الإِطْراقُ: أَن يُقْبل ببصره إِلى صدره ويسكت ساكناً؛ وفيه:
فأَطْرَقَ ساعة أَي سكت، وفي حديث آخر: فأَطْرَقَ رأْسَه أَي أَماله
وأَسكنه. وفي حديث زياد: حتى انتهكوا الحَرِيمَ ثم أَطْرَقُوا وراءكم أَي
استتروا بكم.
والطِّرِّيقُ: ذَكَر الكَرَوان لأَنه يقال أَطْرِقْ كَرَا فيَسْقط
مُطْرِقاً فيُؤخذ. التهذيب: الكَرَوان الذكر اسمه طِرِّيق لأَنه إِذا رأَى
الرجل سقط وأَطْرَق، وزعم أَبو خيرة أَنهم إِذا صادوه فرأَوه من بعيد
أَطافوا به، ويقول أَحدهم: أَطْرِقْ كَرَا إِنك لا تُرى، حتى يتَمَكن منه
فيُلقــي عليه ثوباً ويأْخذه؛ وفي المثل:
أَطْرِقْ كَرَا أَطْرِقْ كَرَا
إِنَّ النَّعامَ في القُرَى
يضرب مثلاً للمعجب بنفسه كما يقال فَغُضَّ الطرْفَ، واستعمل بعض العرب
الإِطراق في الكلب فقال:
ضَوْرِيّة أُولِعْتُ باشْتِهارِها،
يُطْرِقُ كلبُ الحيِّ مِن حِذارِها
وقال اللحياني: يقال إِنَّ تحت طِرِّيقتِك لَعِنْدأْوةً؛ يقال ذلك
للمُطْرق المُطاوِل ليأْتِي بداهية ويَشُدّ شَدّة ليثٍ غيرِ مُتّعقٍ، وقيل
معناه أَي إِن في لينِه أَي إِنَّ تحت سكوتك لَنَزْوةً وطِماحاً،
والعِنْدَأْوةُ أَدْهى الدَّواهي، وقيل: هو المكر والخديعة، وهو مذكور في
موضعه.والطُّرْقةُ: الرجل الأَحْمَق. يقال: إِنه لَطُرْقةٌ ما يحسن يطاق من
حمقه.
وطارَقَ الرجلُ بين نعلين وثوبين: لَبِس أَحدَهما على الآخر. وطارَقَ
نعلين: خَصَفَ إِحدَاهما فوق الأُخرى، وجِلْدُ النعل طِراقُها. الأَصمعي:
طارَقَ الرجلُ نعليه إِذا أَطبَقَ نعلاً على نعل فخُرِزَتا، وهو
الطَّرّاق، والجلدُ الذي يضربها به الطِّراقُ؛ قال الشاعر:
وطِرَاقٌ من خَلْفِهِنّ طِراقٌ،
ساقِطاتٌ تَلْوي بها الصحراءُ
يعني نعال الإِبل. ونعل مُطارَقة أَي مخصوفة، وكل خصيفة طِراقٌ؛ قال ذو
الرمة:
أَغبْاشَ لَيْلِ تمامٍ، كانَ طارَقَه
تَطَخْطُخُ الغيمِ، حتى ما لَه جُوَبُ
وطِرَاقُ النعل: ما أُطْبِقَت عليه فخُرِزَتْ به، طَرَقَها يَطْرُقُها
طَرْقاً وطارَقَها؛ وكل ما وضع بعضه على بعض فقد طُورِقَ وأَطْرقَ.
وأَطْراقُ البطن: ما ركب بعضه بعضاً وتَغَضَّنَ. وفي حديث عمر: فلِبْسْتُ
خُفَّيْنِ مُطارَقَيْنِ أَي مُطبْقَينِ واحداً فوق الآخر. يقال: أَطْرَقَ
النعلَ وطارَقَها.
وطِرَاقُ بيضةِ الرأْس: طبقاتٌ بعضها فوق بعض. وأَطراقُ القربة:
أَثناؤها إِذا انْخَنَثَتْ وتثنَّتْ، واحدها طَرَقٌ. والطَّرَقُ ثِنْيُ القربة،
والجمع أَطرْاقٌ وهي أَثناؤها إِذا تَخَنَّثَتْ وتثنَّتْ. ابن الأَعرابي:
في فلان طَرْقة وحَلَّة وتَوضِيع إِذا كان فيه تخنُّث. والمَجَانّ
المُطْرَقَة: التي يُطْرَق بعضُها على بعض كالنَّعْل المُطْرَقة المَخصُوفة.
ويقال: أُطْرِقَت بالجلْد والعصَب أَي أُلْبِسَت، وتُرْس مُطْرَق.
التهذيب: المَجانُّ المُطْرَقة ما يكون بين جِلْدين أَحدهما فوق الآخر، والذي
جاءَ في الحديث: كأَنَّ وُجوهَهم المَجانَّ المُطْرَقة أَي التِّراس التي
أُلْبِسَتِ العَقَب شيئاً فوق شيء؛ أَراد أَنهم عِراضُ الوُجوه غِلاظها؛
ومنه طارَق النعلَ إِذا صيَّرها طاقاً فوق طاقٍ وركَب بعضها على بعض،
ورواه بعضهم بتشديد الراء للتكثير، والأَول أَشهر. والطِّراق: حديد يعرَّض
ويُدار فيجعل بَيْضة أَو ساعِداً أَو نحوَه فكل طبقة على حِدَة طِراق.
وطائر طِراق الريش إِذا ركب بعضُه بعضاً؛ قال ذو الرمة يصف بازياً:
طِرَاق الخَوافي، واقِعٌ فَوْقَ ريعهِ،
نَدَى لَيْلِه في رِيشِه يَتَرَفْرَقُ
وأَطْرَق جَناح الطائر: لَبِسَ الريش الأَعلى الريش الأَسفل. وأَطْرَق
عليه الليل: ركب بعضُه بعضاً؛ وقوله:
. . . . . . . . ولم
تُطْرِقْ عليك الحُنِيُّ والوُلُجُ
(* قوله «ولم تطرق إلخ» تقدم انشاده في مادة سلطح:
أنت ابن مسلنطح البطاح ولم * تعطف عليك الحني والولج.)
أَي لم يوضَع بعضُه على بعض فتَراكَب. وقوله عز وجل: ولقد خلقنا فوقكم
سبعَ طَرائق؛ قال الزجاج: أَراد السمواتِ السبع، وإِنما سميت بذلك
لتراكُبها، والسموات السبع والأرضون السبع طَرائِقُ بعضُها فوق بعض؛ وقال
الفراء: سبْعَ طرائق يعني السموات السبع كلُّ سماء طَرِيقة.
واختضَبَت المرأَة طَرْقاً أَو طَرْقين وطرْقَة أَو طَرْقَتَينِ يعني
مرة أَو مرتين، وأَنا آتيه في النهار طََرْقة أَو طَرْقَتَين أَي مرَّة أَو
مرَّتين. وأَطْرَق إِلى اللهْو: مال؛ عن ابن الأعرابي.
والطَّرِيقُ: السبيل، تذكَّر وتؤنث؛ تقول: الطَّريق الأَعظم والطَّريق
العُظْمَى، وكذلك السبيل، والجمع أَطْرِقة وطُرُق؛ قال الأَعشى:
فلمّا جَزَمتُ به قِرْبَتي،
تَيَمَّمْتُ أَطْرِقَةً أَو خَلِيفَا
وفي حديث سَبْرة: أَن الشيطان قَعَد لابن آدم بأَطْرِقة؛ هي جمع طريق
على التذكير لأَن الطريق يذكَّر ويؤنث، فجمعه على التذكير أَطْرِقة كرغيف
وأَرْغِفة، وعلى التأْنيث أَطْرُق كيمين وأَيْمُن. وقولهم: بَنُو فلان
يَطَؤُهم الطريقُ؛ قال سيبويه: إِنما هو على سَعَة الكلام أَي أَهلُ الطريق،
وقيل: الطريق هنا السابِلةُ
فعلى هذا ليس في الكلام حذف كما هو في القول الأول، والجمع أَطْرِقة
وأَطْرِقاء وطُرُق، وطُرُقات جمع الجمع؛ وأَنشد ابن بري لشاعر:
يَطَأُ الطَّرِيقُ بُيُوتَهم بِعيَاله،
والنارُ تَحْجُبُ والوُجوه تُذالُ
فجعل الطَّرِيقَ يَطَأُ بِعياله بيوتَهم، وإِنما يَطَأُ بيوتَهم أَهلُ
الطَّرِيق.
وأُمُّ الطَّرِيق: الضَّبُع؛ قال الكُمَيْت:
يُغادِرْنَ عَصْبَ الوالِقيّ وناصِحٍ،
تَخُصُّ به أُمُّ الطَّريقِ عِيالَها
الليث: أُمُّ طَريق هي الضَّبُع إِذا دخل الرجل عليها وِجارَها قال
أَطْرِقي أُمَّ طرِيق ليست الضَّبُع ههنا.
وبناتُ الطَّرِيق: التي تفترق وتختلِف فتأْخذ في كل ناحية؛ قال أَبو
المثنى بن سَعلة الأَسدي:
أِرْسَلْت فيها هَزِجاً أَصْواتُهُ،
أََكْلَف قَبْقَابَ الهَدِيرِ صاتُهُ،
مُقاتِلاً خالاته عَمّاتُهُ،
آباؤُه فيها وأُمَّهاتُهُ،
إِذا الطَّرِيقُ اختلفَتْ بَناتُهُ
وتَطَرَّقَ إِلى الأَمر: ابتغى إِليه طَريقاً. والطريق: ما بين
السِّكَّتَينِ من النَّخْل. قال أَبو حنيفة: يقال له بالفارسية
الرَّاشْوان.والطَّرُيقة: السِّيرة. وطريقة الرجل: مَذْهبه. يقال: ما زال فلان على
طَرِيقة واحدة أَي على حالة واحدة. وفلان حسن الطَّرِيقة، والطَّرِيقة
الحال. يقال: هو على طَرِيقة حسَنة وطَريقة سَيِّئة؛ وأَما قول لَبِيد
أَنشده شمر:
فإِنْ تُسْهِلوا فالسِّهْل حظِّي وطُرْقَني،
وإِِنْ تُحْزِنُوا أَرْكبْ بهم كلَّ مَرْكبِ
قال: طُرْقَتي عادَتي. وقوله تعالى: وأَنْ لَوِ اسْتَقاموا على
الطَّرِيقة؛ أَراد لَوِ استقاموا على طَرِيقة الهُدى، وقيل، على طَريقة الكُفْر،
وجاءت معرَّفة بالأَلف واللام على التفخيم، كما قالوا العُودَ للمَنْدَل
وإِن كان كل شجرة عُوداً. وطَرائقُ الدهر: ما هو عليه من تَقَلُّبه؛ قال
الراعي:
يا عَجَباً للدَّهْرِ شَتَّى طَرائِقُهْ،
ولِلْمَرْءِ يَبْلُوه بما شاء خالِقُهْ
كذا أَنشده سيبويه يا عجباً منوناً، وفي بعض كتب ابن جني: يا عَجَبَا،
أَراد يا عَجَبي فقلب الياء أَلفاً لمدِّ الصَّوْت كقوله تعالى: يا
أَسَفَى على يوسف. وقولُه تعالى: ويَذْهَبا بطَرِيقَتكُم المُثْلى؛ جاء في
التفسير: أَن الطَّرِيقة الرجالُ
الأَشراف، معناه بجَماعِتكم الأَشراف، والعرب تقول للرجل الفاضل: هذا
طَرِيقَة قومِه، وطَرِيقَة القوم أَماثِلُهم وخِيارُهُم، وهؤلاء طَرِيقةُ
قومِهم، وإِنَّما تأْويلُه هذا الدي يُبْتَغَى أَن يجعلَه قومُه قُدْوةً
ويسلكوا طَرِيقَته. وطَرائِقُ قومِهم أَيضاً: الرجالُ الأشراف. وقال
الزجاج: عندي، والله أَعلم، أَن هذا على الحذف أَي ويَذْهَبا بأَهْل
طَريقَتِكم المُثْلى، كما قال تعالى: واسأَلِ
القَرْية؛ أَي أَهل القرية؛ الفراء: وقوله طَرائِقَ قِدَداً من هذا.
وقال الأَخفش: بطَرِيقَتكم المُثْلى أَي بسُنَّتكم ودينكم وما أَنتم عليه.
وقال الفراء: كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً؛ أَي كُنَّا فِرَقاً مختلفة
أَهْواؤنا. والطّريقة: طَرِيقة الرجل. والطَّرِيقة: الخطُّ في الشيء. وطَرائِقُ
البَيْض: خطُوطُه التي تُسمَّى الحُبُكَ. وطَريقة الرمل والشَّحْم: ما
امتدَّ منه. والطَّرِيقة: التي على أَعلى الظهر. ويقال للخطّ الذي يمتدّ
على مَتْن الحمار طَرِيقة، وطريقة المَتْن ما امتدَّ منه؛ قال لبيد يصف
حمار وَحْش:
فأَصْبَح مُمتْدَّ الطَّريقة نافِلاً
الليث: كلُّ أُخْدُودٍ من الأَرض أَو صَنِفَةِ ثَوْب أَو شيء مُلْزَق
بعضه ببعض فهو طَرِيقة، وكذلك من الأَلوان. اللحياني: ثوب طَرائقُ
ورَعابِيلُ بمعنى واحد. وثوبٌ طَرائق: خَلَقٌ؛ عن اللحياني، وإِذا وصفت القَناة
بالذُّبُول قِيل قَناة ذات طَرائق، وكذلك القصبة إِذا قُطِعَتْ رَطْبة
فأَخذت تَيْبَس رأَيت فيها طَرائق قد اصْفَرَّت حين أَخذت في اليُبْس وما لم
تَيْبَس فهو على لوْن الخُضّرة، وإِن كان في القَنا فهو على لَوْن
القَنا؛ قال ذو الرمة يصف قَناة:
حتَّى يَبِضْنَ كأَمْثال القَنا ذبَلَتْ،
فيها طرائقُ لَدْناتٌ على أَوَدِ
والطَّرِيقَةُ وجمعها طَرائق: نَسِيجة تُنْسَج من صوف أَو شعَر عَرْضُها
عَظْمُ الذِّراع أَو أَقلّ، وطولها أَربع أَذرُع أَو ثماني أَذرُع على
قَدْرِ عِظَم البيت وصِغَره، تُخَيّط في مُلتْقَى الشِّقاق من الكِسْر
إِلى الكِسْر، وفيها تكون رؤوس العُمُد، وبينها وبين الطَّرائقِِ أَلْبادٌ
تكون فيها أُنُوف العُمُد لئلا تَُخْرِقَ الطَّرائق. وطَرَّفوا بينهم
طَرائِق، والطَّرائق: آخرُ ما يَبْقى من عَفْوةِ الكَلإِ. والطَّرائق:
الفِرَق.
وقوم مَطارِيق: رَجَّالة، واحدهم مُطْرِق، وهو الرَّاجِل؛ هذا قول أَبي
عبيد، وهو نادر إِلا أَن يكون مَطارِيق جمع مِطْراق. والطَّرِيقة:
العُمُد، وكل عَمُود طَرِيقة. والمُطْرِق: الوَضيع.
وتَطارق الشيءُ تتابع. واطَّرَقت الإِبل اطِّراقاً وتَطارقت: تَبِع
بعضُها بعضاً وجاءت على خُفٍّ واحد؛ قال رؤبة:
جاءتْ معاً، واطَّرَقَتْ شَتِيتا،
وهيَ تُثِير السَّاطعَ السِّخْتِيتا
يعني الغُبار المرتفع؛ يقول: جاءت مجتمِعة وذهبت متفرِّقة.
وتركَتْ راعِيَها مَشْتُوتا
ويقال: جاءت الإِبل مَطارِيق يا هذا إِذا جاء بعضُها في إِثْر بعض،
والواحد مِطْراق. ويقال: هذا مِطراق هذا أَي مثله وشِبْهه، وقيل أَي تِلْوُه
ونظيرهُ؛ وأَنشد الأَصمعي:
فاتَ البُغاةَ أَبو البَيْداء مُحْتَزِماً؛
ولم يُغادِر له في الناس مِطْراقا
والجمع مَطارِيق. وتَطارق القومُ: تَبِعَ بعضُهم بعضاً. ويقال: هذا
النَّبْل طَرْقةُ رجلٍ واحد أَي صنعة رجل واحد. والطَّرَق: آثار الإِبل إِذا
تبع بعضُها بعضاً، واحدتها طَرَقة، وجاءت على طَرَقة واحدة كذلك أَي على
أَثر واحد. ويقال: جاءت الإِبل مَطارِيقَ إِذا جاءت يَتْبع بعضُها بعضاً.
وروى أَبو تراب عن بعض بني كلاب: مررت على عَرَقَة الإِبل وطَرَقَتِها
أَي على أَثرها؛ قال الأَصمعي: هي الطَّرَقة والعَرَقة الصَّفّ
والرَّزْدَقُ. واطَّرَق الحوْضُ، على افْتَعل، إِذا وقع فيه الدِّمْنُ فَتَلَبَّد
فيه. والطَّرَق، بالتحريك: جمع طَرَقة وهي مثال العَرَقة. والصَّفّ
والرَّزْدَق وحِبالةُ الصائد ذات الكِفَفِ وآثارُ الإِبل بعضها في إِثْر بعض:
طَرَقة. يقال: جاءت الإِبل على طَرَقة واحدة وعلى خُفّ واحد أَي على أَثر
واحد.
واطَّرَقت الأَرض: تلبَّد تُرابها بالمطر؛ قال العجاج:
واطَّرَقت إِلاَّ ثلاثاً عُطَّفا
والطُّرَق والطُّرق: الجوادُّ وآثارُ المارة
تظهر فيها الآثار، واحدتها طُرْقة. وطُرَق القوس: أَسارِيعُها
والطَّرائقُ التي فيها، واحدتها طُرْقة، مثل غُرْفة وغُرَف. والطُّرَق:
الأَسارِيعُ. والطُّرَق أَىضاً: حجارة مُطارَقة بعضها على بعض.
والطُّرْقة: العادَة. ويقال: ما زال ذلك طُرْقَتَك أَي دَأْبك.
والطِّرْق: الشَّحْم، وجمعه أَطْراق؛ قال المَرَّار الفَقْعَسي:
وقد بَلَّغْنَ بالأَطْراقِ، حتَّى
أُذِيعَ الطِّرْق وانكَفَت الثَّمِيلُ
وما به طِرْق، بالكسر، أَي قُوَّة، وأَصل الطِّرْق الشَّحْم فكنى به
عنها لأَنها أَكثر ما تكون عنه؛ وكل لحمة مستطيلة فهي طَرِيقة. ويقال: هذا
بعير ما به طِرْق أَي سِمَن وشَحْم. وقال أَبو حنيفة: الطِّرْق السِّمَن،
فهو على هذا عَرَض. وفي الحديث: لا أَرى أَحداً به طِرْقٌ يتخلَّف؛
الطَّرْق، بالكسر: القوَّة، وقيل: الشحم، وأَكثر ما يستعمل في النفي. وفي حديث
ابن الزبير
(* قوله «وفي حديث ابن الزبير إلخ» عبارة النهاية: وفي حديث
النخعي الوضوء بالطرق أحب إليّ من التيمم، الطرق الماء الذي خاضته الإبل
وبالت فيه وبعرت، ومنه حديث معاوية: وليس للشارب إلخ): وليس للشَّارِب
إِلا الرَّنْقُ والطَّرْقُ
وطَرَّقَتِ المرأَة والناقة: نَشِب ولدُها في بطنها ولم يسهُل خروجه؛
قال أَوس بن حجر:
لها صَرْخة ثم إِسْكاتةٌ،
كما طَرَّقَتْ بِنفاسٍ بِكُرْ
(* قوله «لها» في الصحاح لنا).
الليث: طَرَّقَتِ
المرأَة، وكلُّ حامل تُطَرِّقُ إِذا خرج من الولد نصفه ثم نَشِب فيقال
طَرَّقَت ثم خَلُصت؛ قال أَبو منصور: وغيره يجعل التَّطْرِيق للقَطاة إِذا
فَحَصَتْ للْبَيْض كأَنها تجعل له طَريقاً؛ قاله أَبو الهيثم، وجائز أَن
يُستْعار فيُجعَل لغير القَطاة؛ ومنه قوله:
قد طَرَّقَتْ بِبِكْرِها أُمُّ طَبَقْ
يعني الداهية. ابن سيده: وطَرَّقت القطاة وهي مُطَرِّق: حان خروج
بَيْضها؛ قال المُمَزِّق العَبْدي: وكذا ذكره الجوهري في فصل مزق، بكسر الزاي،
قال ابن بري: وصوابه المُمَزَّق، بالفتح، كما حكي عن الفراء واسمه شَأْسُ
بن نَهار:
وقد تَخِذَتْ رجْلي إِلى جَنْبِ غَرْزِها
نَسِيفاً، كَأُفْحُوصِ القَطاةِ المُطَرِّقِ
أَنشده أَبو عمرو بن العلاء؛ قال أَبو عبيد: ولا يقال ذلك في غير
القطاة. وطَرَّق بحَقِّي تَطْرِيقاً: جَحَدَه ثم أَقرَّ به بعد ذلك. وضَرَبَه
حتى طَرَّق بِجَعْرِه أَي اخْتَضَب. وطَرَّق الإِبلَ تَطْرِيقاً: حَبَسها
عن كَلإٍ أَو غيره، ولا يقال في غير ذلك إِلا أَن يُستعار؛ قاله أَبو
زيد؛ قال شمر: لا أعَرف ما قال أَبو زيد في طَرَّقْت، بالقاف، وقد قال ابن
الأعَرابي طَرَّفْت، بالفاء، إِذا طَرَده. وطَرَّقْت له من الطَّرِيق.
وطَرْقاتُ الطَّرِيق: شَرَكُها، كل شَرَكة منها طَرْقَة، والطَّرِيق: ضرْب
من النَّخْل؛ قال الأَعشى:
وكلّ كُمَيْتٍ كجِذْعِ الطَّرِيـ
قِ، يَجْري على سِلطاتٍ لُثُمْ
وقيل: الطَّرِيقُ أَطول ما يكون من النخل بلغة اليمامة، واحدته طَرِيقة؛
قال الأَعشى:
طَرِيقٌ وجَبَّارٌ رِواءٌ أُصُولُهُ،
عليه أَبابِيلٌ مِنَ الطَّيْر تَنْعَبُ
وقيل: هو الذي يُنال باليد. ونخلة طَرِيقة: مَلْساء طويلة.
والطَّرْق: ضرْب من أَصوات العُودِ. الليث: كل صوت من العُودِ ونحوه
طَرْق على حِدَة، تقول: تضرِبُ هذه الجارية كذا وكذا طَرْقاً. وعنده طُرُوق
من الكلام، واحِدُه طَرْق؛ عن كراع ولم يفسره، وأَراه يعني ضُرُوباً من
الكلام. والطَّرْق: النخلة في لغة طيّء؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد:
كأَنه لَمَّا بدا مُخايِلا
طَرْقٌ، تَفُوت السُّحُقَ الأَطاوِلا
والطَّرْق والطِّرْق: حِبالة يُصاد بها الوحوش تتَّخذ كالفخّ، وقيل:
الطِّرْقُ الفَخّ.. وأَطرق الرجل الصَّيْدَ إِذا نصَب له حِبالة. وأَطْرَق
فلان لفلان إِذا مَحَل به ليُلْقِيه في وَرْطة، أُخِذ من الطِّرْق وهو
الفخّ؛ ومن ذلك قيل للعدُوّ مُطْرِق وللسَّاكت مُطْرِق.
والطُّرَيْق والأُطَيْرِقُ: نخْلة حجازيّة تبكِّر بالحَمْل صَفْراء
التمرة والبُسْرة؛ حكاه أَبو حنيفة. وقال مرّة: الأُطَيْرِق ضرّب من النخل
وهو أَبْكَر نخل الحجاز كله؛ وسماها بعض الشعراء الطُّرَيْقيِن
والأُطَيْرِقِين، قال:
أَلا تَرَى إِلى عَطايا الرَّحْمَنْ
مِنَ الطُّرَيْقِيِن وأُمِّ جِرْذانْ؟
قال أَبو حنيفة: يريد بالطُّرَيْقِين جمعَ الطُّرَيْقِ.
والطَّارِقيّة: ضرْب من القلائد.
وطارق: اسم والمِطْرَقُ: اسم ناقة أَو بعير، والأَسبق أَنه اسم بعير؛
قال:
يَتْبَعْنَ جَرْفاً من بَناتِ المِطْرَقِ
ومُطْرِق: موضع؛ أَنشد أَبو زيد:
حَيْثُ تَحَجَّى مُطْرِقٌ بالفالِقِ
وأَطْرِقا: موضع؛ قال أَبو ذؤيب:
على أَطْرِقا بالياتُ الخيا
مِ، إِلا الثُّمامُ وإِلا العِصِيُّ
قال ابن بري: من روى الثمام بالنصب جعله استثناء من الخيام، لأَنها في
المعنى فاعلة كأَنه قال بالياتٌ خِيامُها إِلا الثمامَ لأَنهم كانوا
يظلّلُون به خِيامَهم، ومَنْ رفع جعله صفة للخيام كأَنه قال باليةٌ خيامُها
غيرُ الثُّمام على الموضع، وأَفْعِلا مقصور بناءٌ قد نفاه سيبويه حتى قال
بعضهم إِن أَطْرِقا في هذا البيت أَصله أَطْرِقاء جمع طريق بلغة هذيل ثم
قصر الممدود؛ واستدل بقول الآخر:
تَيَمَّمْتُ أَطْرِقَةً أَو خَلِيفا
ذهب هذا المعلِّل إِلى أَن العلامتين تَعْتَقِبان؛ قال الأَصمعي: قال
أَبو عمرو بن العلاء أَطْرِقا على لفظ الاثنين بَلد، قال: نرى أَنه سمي
بقوله أَطْرِق أَي اسكت وذلك أَنهم كانوا ثلاثة نَفَر بأَطْرِقا، وهو موضع،
فسَمِعُوا صوتاً فقال أَحدُهم لصاحِبَيْه: أَطْرِقا أَي اسكُتا فسمِّي
به البلد، وفي التهذيب: فسمي به المكان؛ وفيه يقول أَبو ذؤَيب:
على أَطْرِقا بالياتُ الخِيام
وأَما مَنْ رواه أَطْرُفاً، فَعَلا هذا: فعل ماض. وأَطْرُق: جمع طَرِيق
فيمن أَنَّث لأَن أَفْعُلاً إِنما يكسَّر عليه فَعِيل إِذا كان مؤنثاً
نحو يمين وأَيْمُن.
والطِّرْياقُ: لغة في التِّرْياقِ؛ رواه أَبو حنيفة.
وطارِقَةُ الرجل: فَخْذُه وعَشِيرتُه؛ قال ابن أَحمر:
شَكَوْتُ ذَهابَ طارِقَتي إِليها،
وطارِقَتي بأَكْنافِ الدُّرُوبِ
النضر: نَعْجة مَطْرُوقة وهي التي تُوسَم بالنار على وَسَط أُذُنها من
ظاهر، فذلك الطِّراقُ، وإِنما هو خطّ أَبيض بنارٍ كأَنما هو جادّة، وقد
طَرَقْناها نَطْرُقها طَرْقاً، والمِيسَمُ الذي في موضع الطِّراق له حُروف
صِغار، فأَمّا الطَّابِعُ فهو مِيسَمُ الفَرائضِ، يقال: طَبَعَ الشَّاة.
وشح: الوِشاحُ والإِشاحُ على البدل كما يقال وِكافٌ وإِكافٌ والوُشاحُ:
كله حَلْيُ النساءِ، كِرْسانِ من لؤلؤ وجوهر منظومان مُخالَفٌ بينهما
معطوف أَحدُهما على الآخر، تَتَوَشَّحُ المرأَةُ به، ومنه اشتق تَوَشَّحَ
الرجلُ بثوبه، والجمع أَوشِحةٌ ووُشُحٌ ووَشائِحُ؛ قال ابن سيده: وأُرى
الأَخيرة على تقدير الهاء؛ قال كثير عَزَّةَ:
كأَنَّ قَنا المُرَّانِ تحتَ خُدُودِها
ظِباءُ المَلا، نِيطَتْ عليها الوَشائِحُ
ووَشَّحْتُها تَوْشِيحاً فَتَوَشَّحَتْ هي أَي لبسته؛ وتَوَشَّحَ الرجلُ
بثوبه وبسيفه، وقد تَوَشَّحَتِ المرأَةُ واتَّشَحَتْ.
الجوهري: الوِشاحُ يُنْسَجُ من أَديم عريضاً ويرَصَّعُ بالجواهر
وتَشُدُّه المرأَة بين عاتقيها وكَشْحَيْها؛
وقولُ دَهْلَب بن قُرَيْع يخاطب ابناً له:
أُحِبُّ منكَ موضِعَ الوُشْحُنِّ،
وموضعَ اللَّبَّةِ والقُرْطُنِّ
يعني الوُشاحَ، وإِنما يزيدون هذه النون المشدّدة في ضرورة الشعر؛
وأَورده الأَزهري:
وموضعَ الإِزارِ والقَفَنَّ
وقال: فإِنه زاد نوناً في الوُشُح والقفا.
ابن سيده: والتوشُّح أَن يَتَّشِحَ بالثوب، ثم يُخرجَ طَرَفه الذي
أَلقاه على عاتقه الأَيسر من تحت يده اليمنى، ثم يَعْقِدَ طرفيهما على صدره؛
وقد أَشَّحَه الثوبَ؛ قال مَعْقِلُ بن خويلد الهذلي:
أَبا مَعْقِلٍ، إِن كنتَ أُشِّحْتَ حُلَّةً،
أَبا مَعْقِلٍ، فانظر بنَبْلِكَ من تَرْمِي
قال أَبو منصور: التَّوَشُّح بالرداء مثل التأَبُّط والاضطباع، وهو أَن
يُدخل الثوب من تحت يده اليمنى فيُلْقِــيَه على مَنْكِبه الأَيسر كما يفعل
المُحْرِمُ؛ وكذلك الرجل يَتَوَشَّح بحمائل سيفه فتقع الحمائل على عاتقه
اليسرى وتكون اليمنى مكشوفة؛ ومنه قول لبيد في تَوَشُّحِه بلجامه:
ولقد حَمَيْتُ الحَيَّ تَحْمِلُ شِكَّتِي
فُرُطٌ وِشاحِي، إِذ غَدَوْتُ، لِجامُها
أَخبر أَنه يخرج رَبِيئَةً أَي طليعة لقومه على راحلته وقد اجتنب إِليها
فرسَه وتَوَشَّح بلجامها راكباً راحلته، فإِن أَحَسَّ بالعدوّ أَلجمَها
وركبها تَحَوُّزاً من العدوّ، وغاوَلهم إِلى الحيّ مُنْذِراً. وفي
الحديث: أَنه كان يَتَوَشَّحُ بثوبه أَي يَتَغَشَّى به، والأَصل فيه من الوشاح.
ومنه حديث عائشة: كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يَتَوَشَّحُني
ويَنالُ من رأْسي أَي يُعانقني ويُقَبِّلني. وفي حديث آخر: لا عَدِمْتَ
رجلاً وَشَّحَك هذا الوِشاحَ أَي ضَرَبك هذه الضربة في موضع الوُشاحِ؛ ومنه
حديث المرأَة السَّوْداء:
ويومُ الوِشاحِ من تَعاجِيبِ رَبِّنا،
أَلا إِنه من بلدة الكفر نجاني
(* قوله «ألا إِنه من بلدة» كذا بالأصل والذي في النهاية على أنه من
دارة.)
قال ابن الأَثير: كان لقوم وِشاحٌ فَفَقدوه فاتهموها به، وكانت
الحِدَأَة أَخذته فأَلقته إِليهم؛ وفيه كان للنبي، صلى الله عليه وسلم، دِرْعٌ
تسمى ذاتَ الوِشاحِ. ابن سيده: والوِشاحُ والوِشاحةُ السيف مثل إِزار
وإِزارة؛ قال أَبو كبير الهذلي:
مُسْتَشْعِرٌ تحتَ الرِّداءِ وِشاحةً،
عَضْباً غَمُوصَ الحَدِّ غيرَ مُفَلَّلِ
والوِشاحُ: القوسُ.
والمُوَشَّحةُ من الظباء والشاء والطير: التي لها طرّتان من جانبيها؛
قال:
أَو الأُدْم المُوَشَّحة، العَواطِي
بأَيديهنَّ من سَلَمِ النِّعافِ
والوَشْحاء من المَعَز: السوداء المُوَشَّحة ببياض. وديكٌ مُوَشَّح إِذا
كان له خُطَّتان كالوِشاحِ؛ قال الطرماح:
ونَبّهْ ذا العِفاءِ المُوَشَّحِ
وثوب مُوَشَّحٌ: وذلك لوَشْيٍ فيه، حكاه ابن سيده عن اللحياني.
ووَشْحَى: موضع؛ قال:
صَبَّحْنَ من وَشْحَى قَلَيْباً سُكَّا
ودارةُ وَشْحاءَ: موضعٌ هنالك؛ عن كراع.
وواشِحُ: قبيلة من اليمن.
فلج: فِلْجُ كلِّ شَيءٍ: نِصْفُه.
وفَلَج الشيءً بينهما يَفْلِجُه، بالكسر، فَلْجاً: قَسَمَه بنِصْفَيْنِ.
والفَلْجُ: القَسْمُ. وفي حديث عمر: أَنه بَعَثَ حُذَيْفَةَ وعثمانَ بنَ
حُنَيفٍ إِلى السّوادِ فَفَلَجَا الجِزْيةَ على أَهْلِهِ؛ الأَصمعي:
يعني قَسَماها، وأَصْلُه من الفِلْج، وهو المِكْيَالُ الذي يقال له
الفالِجُ، قال: وإِنما سميت القِسْمةُ بالفَلْجِ لأَن خراجهم كان
طعاماً.شمر: فَلَّجْتُ المالَ بينهم أَي قَسَمْتُه؛ وقال أَبو دواد:
فَفَرِيقٌ يُفَلِّجُ اللَّحْمَ نِيئاً،
وفَرِيقٌ لِطابِخِيهِ قُتارُ
وهو يُفَلِّج الأَمر أَي ينظر فيه ويُقَسِّمُه ويُدَبِّرهُ. الجوهري:
فَلَجْتُ الشيء بينهم أَفْلِجُه، بالكسر، فَلْجاً إِذا قسمته. وفَلَجْتُ
الشيء فلِْجَيْنِ أَي شَقَقْتُه نِصفين، وهي الفُلُوجُ؛ الواحد فَلْجٌ
وفِلْجٌ. وفَلَجْتُ الجِزْيَةَ على القوم إِذا فرضتها عليهم؛ قال أَبو عبيد:
هو مأْخوذ من القَفِيز الفالِجِ. وفَلَجْتُ الأَرضَ للزراعة؛ وكل شيء
شَقَقْتَه، فقد فَلَجْتَه.
والفَلُّوجَةُ: الأَرض المُصْلَحَةُ لِلزَّرْع، والجمع فَلالِيجُ، ومنه
سمي موضعٌ في الفُرات فَلُّوجةَ. وتَفَلَّجَتْ قدَمه: تَشَقَّقَتْ.
والفَلْجُ والفَالِجُ: البعير ذُو السنامَين، وهو الذي بين البُخْتيِّ
والعَرَبيِّ، سمي بذلك لأَن سنامه نِصفان، والجمع الفَوالِجُ. وفي الصحاح:
الفَالِجُ الجمل الضخم ذو السنامين يحمل من السِّنْدِ لِلْفِحْلَة. وفي
الحديث: أَنَّ فالِجاً تَرَدَّى في بئر، هو البعير ذو السنامين، سمي بذلك
لأَن سناميه يختلف مَيْلُهما.
والفالِجُ: رِيحٌ يأْخذ الإِنسان فيذهب بشقِّه، وقد فُلِجَ فَالِجاً،
فهو مَفْلُوجٌ؛ قال ابن دريد: لأَنه ذهب نصفه، قال: ومنه قيل لشُقَّةِ
البيت فَلِيجَةٌ. وفي حديث أَبي هريرة: الفالِجُ داءُ الأَنبياء؛ هو داءٌ
معروف يُرَخِّي بعضَ البدن؛ قال ابن سيده: وهو أَحد ما جاء من المصادر على
مثال فاعل. والمَفْلُوجُ: صاحب الفالِجِ، وقد فُلِجَ.
والفَلَجُ: الفَحَجُ في السَّاقَينِ، وقال: وأَّصل الفَلْجِ النِّصفُ من
كل شيءٍ، ومنه يقال: ضَرَبَه الفالِجُ في السَّاقَينِ، ومنه قولهم:
كُرٌّ بالفالج وهو نصف الكُرِّ الكبير.
وأَمْرٌ مُفَلَّجٌ: ليس بِمُسْتقِيمٍ على جهتِهِ.
والفَلَجُ: تباعُدُ القَدَمَينِ أُخُراً. ابن سيده: الفَلَجُ تَباعُدُ
ما بين السَّاقَيْنِ. وفَلَجُ الأَسنان: تباعُدٌ بينها؛ فَلِجَ فَلَجاً،
وهو أَفْلَجُ، وثَغْرٌ مُفَلَّجٌ أَفْلَجُ، والفَلَجُ بين الأَسنان. ورجل
أَفْلَجُ إِذا كان في أَسْنانِه تَفَرُّقٌ، وهو التفليج أَيضاً. التهذيب:
والفَلَجُ في الأَسنان تباعد ما بين الثّنايا والرَّباعِيات خِلْقةً،
فإِن تُكُلِّفَ، فهو التفليجُ.
ورجل أَفْلَجُ الأَسنانِ وامرأَة فَلْجاءُ الأَسنانِ، قال ابن دريد: لا
بد من ذكر الأَسنان، والأَفلج أَيضاً من الرجال: البعيد ما بين الثديين.
ورجل مُفَلَّجُ الثنايا أَي مُنْفَرِجُها، وهو خلاف المُتراصِّ
الأَسنان، وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: أَنه كان مُفَلَّجَ الأَسنانِ، وفي
رواية: أَفْلَجَ الأَسنانِ. وفي الحديث: أَنه لَعَنَ المُتَفَلِّجاتِ
للحُسْنِ، أَي النساءَ اللاتي يَفْعَلْنَ ذلك بأَسنانهن رغبة في التحسين.
وفَلَجُ الساقَيْنِ: تباعد ما بينهما. والفَلَجُ: انقِلابُ القدم على
الوَحْشِيّ وزوال الكَعْبِ.
وقيل: الأَفْلَجُ الذي اعْوِجاجُه في يَدَيْهِ، فإِن كان في رجليه، فهو
أَفْحَجُ. وَهَنٌ أَفْلَجُ: متباعِدُ الأَسْكَتَيْنِ. وفَرسٌ أَفْلَجُ:
مُتَبَاعِدُ الحَرْقَفَتَيْنِ، ويقال من ذلك كله: فَلِجَ فَلَجاً
وفَلَجةً، عن اللحياني. وأَمْرٌ مُفَلَّجٌ: ليس على اسْتِقامةٍ.
والفِلْجةُ: القِطْعةُ من البِجادِ. والفَلِيجةُ أَيضاً: شُقَّة من
شُقَقِ الخِباء، قال الأَصمعي: لا أَدري أَين تكون هي؟ قال عمرو بن
لَجَإٍ:تَمَشَّى غيرَ مُشْتمِلٍ بِثَوْبٍ،
سِوى خَلِّ الفَلِيجةِ بالخِلالِ
قال ابن سيده: وقول سلمى بن المُقْعَد الهُذَليِّ:
لَظَلَّتْ عليه أُّمُّ شِبْلٍ كأَنَّها،
إِذا شَبِعَتْ منه، فَلِيجٌ مُمَدَّدُ
يجوز أَن يكون أَراد فَلِيجَةً مُمَدَّدَةً، فحذف، ويجوز أَن يكون مما
يقال بالهاء وغير الهاء، ويجوز أَن يكون من الجمع الذي لا يفارق واحده
إِلا بالهاء.
والفَلْجُ: الظَّفَرُ والفَوْزُ؛ وقد فَلَجَ الرجلُ على خَصْمِه
يَفْلُجُ فَلْجاً. وفي المثل: مَنْ يَأْتِ الحَكَمَ وَحْدَه يَفْلُجْ.
وأَفْلَجَه الله عليه فَلْجاً وفُلُوجاً، وفَلَجَ القومَ وعلى القومِ
يَفْلُجُ ويَفْلِجُ فَلْجاً وأَفْلَجَ: فازَ. وفَلَجَ سَهْمُه وأَفْلَجَ:
فاز. وهو الفُلْجُ، بالضم. والسهْمُ الفالِجُ: الفائِزٌ. وفَلَجَ
بحُجَّتِه وفي حجته يَفْلُجُ فُلْجاً وفَلْجاً وفَلَجاً وفُلُوجاً، كذلك؛
وأَفْلَجَه على خَصْمِه: غَلَّبَه وفَضَّلَه.
وفالَجَ فلاناً فَفَلَجَه يَفْلُجُه: خاصَمه فخصَمَه وغَلَبَه.
وأَفْلَجَ اللهُ حجته: أَظْهَرها وقَوَّمَها، والاسم من جميع ذلك الفُلْجُ
والفَلَجُ، يقال: لمن الفُلْجُ والفَلَجُ؟ ورجل فالِجٌ في حُجَّته وفَلْجٌ، كما
يقال: بالِغٌ وبَلْغٌ، وثابتٌ وثَبْتٌ. والفَلْجُ: أَن يَفْلُجَ الرجلُ
أَصحابَه يَعْلُوهم ويَفُوتُهُمْ.
وأَنا من هذا الأَمر فالِجُ بنُ خَلاوةَ أَي بِريءٌ؛ فالِجٌ: اسم رجل،
وهو فالج بن خَلاوةَ الأَشجعي؛ وذلك أَنه قيل لفالج بن خَلاوةَ يوم
الرَّقَمِ لما قَتَلَ أُنَيْسٌ الأَسْرى: أَتَنْصُرُ أُنَيْساً؟ فقال: إِنِّي
منه بريء.
أَبو زيد: يقال للرجل إِذا وقع في أَمر قد كان منه بمعزل: كنتَ من هذا
فالِجَ بنَ خَلاوةَ يا فتى. الأَصمعي: أَنا من هذا فالج بن خلاوة أَي أَنا
منه بريء؛ ومثله: لا ناقةَ لي في هذا ولا جَمَلَ؛ رواه شمر لابن هانئ،
عنه.
والفَلَجُ، بالتحريك: النهر، وقيل: النهر الصغير، وقيل: هو الماء
الجاري؛ قال عبيد:
أَو فَلَجٌ بِبَطْنِ وادٍ
للماءِ، من تَحْتِه، قَسِيبُ
الجوهري: ولو روي في بُطونِ وادٍ، لاستقامَ وزن البيت، والجمع أَفْلاجٌ؛
وقال الأَعشى:
فما فَلَجٌ يَسْقِي جَداوِلَ صَعْنَبَى،
له مَشْرَعٌ سَهْلٌ إِلى كلِّ مَوْرِدِ
الجوهري: والفَلْج نهر صغير؛ قال العجاج:
فَصَبِّحا عَيْناً رِوًى وفَلْجا
قال: والفَلَجُ؛ بالتحريك، لغة فيه؛ قال ابن بري: صواب إِنشاده:
تَذَكَّرا عَيْناً رِوًى وفَلَجا
بتحريك اللام؛ وبعده:
فَراحَ يَحْدُوها وباتَ نَيْرَجا
النَّيْرَجُ: السريعة؛ ويروى:
تَذَكَّرا عَيْناً رَواءً فَلَجا
يصف حماراً وأُتُناً. والماءٌ الرِّوي: العَذْبُ، وكذلك الرَّواءُ،
والجمع أَفْلاجٌ؛ قال امرؤ القيس:
بِعَيْنَيَّ ظُعْنُ الحَيِّ، لمَّا تَحَمَّلُوا
لَدى جانِبِ الإَفْلاجِ، منْ جَنْبِ تَيْمَرا
وقد يوصف به، فيقال: ماء فَلَجٌ وعين فَلَج، وقيل: الفَلَجُ الماء
الجاري من العين؛ قاله الليث وأَنشد:
تذكَْرا عيناً رَواءً فَلَجا
وأَنشد أَبو نصر:
تذكَّرا عيناً رِوًى وفَلَجا
والرِّوى: الكثير. والفُلُجُ: الساقِيةُ التي تَجْري إِلى جميع الحائطِ.
والفُلْجانُ: سواقي الزَّرْع. والفَلَجاتُ: المَزارِعُ؛ قال:
دَعُوا فَلَجاتِ الشامِ، قدْ حال دُونَها
طِعانٌ، كأَفْواهِ المخاضِ الأَوارِكِ
وهو مذكور في الحاء.
والفَلُّوجةُ: الأَرض الطيِّبَةُ البَيْضاءُ المُسْتَخْرَجةُ للزراعةِ.
والفَلَجُ: الصبح؛ قال حميد بن ثور:
عن القَرامِيصِ بأَعْلى لاحِبٍ
مُعَبَّدٍ، من عَهْدِ عادٍ، كالفَلَجْ
وانْفَلَجَ الصبْحُ: كانْبَلَجَ.
والفالِجُ والفِلْجُ: مِكيالٌ ضخم معروف؛ وقيل: هو القَفِيز، وأَصله
بالسُّرْيانية فالغاء، فعُرِّب؛ قال الجعدي يصف الخمر:
أُلْقِيَ فيها فِلْجانِ مِنْ مِسْكِ دا
رِينَ، وفِلْجٌ مِنْ فُلْفُلٍ ضَرِمِ
قال سيبويه: الفَِلْج الصِّنْفُ من الناس؛ يقال: الناسُ فِلْجانِ أَي
صِنْفانِ من داخلٍ وخارج؛ قال السيرافي: الفَِلْجُ هو الصِّنْفُ والنِّصْفُ
مشتق من الفِلْجِ الذي هو القَفِيزُ، فالفِلج على هذا القول عربي، لأَن
سيبويه إِنما حكى الفلج على أَنه عربي، غير مشتقّ من هذا الأَعجمي؛ وقول
ابن طفيل:
تَوَضَّحْنَ في عَلْياء قَفْرٍ كأَنَّها
مَهارِقُ فَلُّوجٍ، يُعارِضْنَ تاليَا
ابن جنبة: الفَلُّوجُ الكاتِبُ. والفَلْجُ والفُلْجُ: القَمْرُ. وفي
حديث علي، رضي الله عنه: إِن المُسْلِم، ما لم يَغْشَ دناءةً يَخْشَعُ لها
إِذا ذُكِرَتْ وتُغْري به لِئامَ الناس، كالياسِرِ الفالِجِ؛ الياسِرُ:
المُقامِرُ؛ والفالِجُ: الغالبُ في قِمارِه. وقد فَلَجَ أَصحابَه وعلى
أَصحابِه إِذا غَلَبَهم. وفي الحديث: أَيُّنا فَلَجَ فَلَجَ أَصحابه. وفي
حديث سعد: فأَخذْتُ سَهْمي الفالِجَ أَي القامِرَ الغالبَ، قال: ويجوز أَن
يكون السهمَ الذي سبق به النِّضال. وفي حديث مَعْنِ ابن يزيدَ: بايعت رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، وخاصَمْتُ إِليه فَأَفْلَجَني أَي حَكَمَ لي
وغَلَّبَني على خَصْمِي.
وفَلالِيجُ السَّوادِ: قُراها، الواحدة فَلُّوجةٌ.
وفَلْجٌ: اسم بلد، ومنه قيل لطريق يأْخذ من طريق البصرة إِلى اليمامة:
طريقُ بَطْنِ فَلْجٍ. ابن سيده: وفَلْجٌ موضع بين البَصْرةِ وضَرِيَّةَ
مذكر، وقيل: هو واد بطريق البصرة إِلى مكة، ببطنه مَنازِلُ للحاجّ، مصروف؛
قال الأَشْهَبُ بن رُمَيْلَة:
وإِنَّ الذي حانَتْ بِفَلْجٍ دِماؤُهُمْ
هُمُ القَوْمُ، كُلُّ القَوْمِ، يا أُمَّ خالِدِ
قال ابن بري: النحويون يستشهدون بهذا البيت على حذف النون من الذين
لضرورة الشعر، والأَصل فيه وإِن الذين؛ كما جاء في بيت الأَخطل:
أَبَني كُلَيْبٍ، إِنَّ عَمَّيَّ اللَّذا
قَتَلا المُلُوكَ، وفَكَّكا الأَغْلالا
أَراد اللذان، فحذف النون ضرورة. والإِفْلِيجُ: موضع. والفَلُّوجةُ:
قَرْيَةٌ من قُرى السَّوادِ. وفَلُّوجٌ: موضع. والفَلَجُ: أَرض لبني
جَعْدَةَ وغيرهم من قَيْسٍ من نَجْدٍ. وفي الحديث ذكر فَلَجٍ؛ هو بفتحتين، قرية
عظيمة من ناحية اليمامة وموضع باليمن من مساكن عادٍ؛ وهو بسكون اللام،
وادٍ بين البَصْرةِ وحِمَى ضَرِيَّةَ. وفالِجٌ: اسم؛ قال الشاعر:
مَنْ كانَ أَشْرَكَ في تَفَرُّقِ فالِجٍ،
فَلَبُونُه جَرِبَتْ مَعاً وأَغَدَّتِ
حسر: الحَسْرُ: كَشْطُكََ الشيء عن الشيء.
حَسَرَ الشيءَ عن الشيء يَحْسُرُه ويَحْسِرُه حَسْراً وحُسُوراً
فانْحَسَرَ: كَشَطَهُ، وقد يجيء في الشعر حَسَرَ لازماً مثل انْحَسَر على
المضارعة. والحاسِرُ: خلاف الدَّارِع. والحاسِرُ: الذي لا بيضة على رأْسه؛ قال
الأَعشى:
في فَيْلَقٍ جَأْواءَ مَلْمُومَةٍ،
تَقْذِفُ بالدَّارِعِ والحاسِرِ
ويروى: تَعْصِفُ؛ والجمع حُسَّرٌ، وجمع بعض الشعراء حُسَّراً على
حُسَّرِينَ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
بِشَهْباءَ تَنْفِي الحُسَّرِينَ كأَنَّها
إِذا ما بَدَتْ، قَرْنٌ من الشمسِ طالِعُ
ويقال للرَّجَّالَةِ في الحرب: الحُسَّرُ، وذلك أَنهم يَحْسُِرُون عن
أَيديهم وأَرجلهم، وقيل: سُمُّوا حُسَّراً لأَنه لا دُرُوعَ عليهم ولا
بَيْضَ. وفي حديث فتح مكة: أَن أَبا عبيدة كان يوم الفتح على الحُسَّرِ؛ هم
الرَّجَّالَةُ، وقيلب هم الذين لا دروع لهم. ورجل حاسِرٌ: لا عمامة على
رأْسه. وامرأَة حاسِرٌ، بغير هاء، إِذا حَسَرَتْ عنها ثيابها. ورجل حاسر:
لا درع عليه ولا بيضة على رأْسه. وفي الحديث: فَحَسَر عن ذراعيه أَي
أَخرجهما من كُمَّيْهِ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: وسئلتْ عن امرأَة
طلقها زوجها وتزّوجها رجل فَتَحَسَّرَتْ بين يديه أَي قعدت حاسرة مكشوفة
الوجه. ابن سيده: امرأَة حاسِرٌ حَسَرَتْ عنها درعها. وكلُّ مكشوفة الرأْس
والذراعين: حاسِرٌ، والجمع حُسَّرٌ وحَواسِر؛ قال أَبو ذؤيب:
وقامَ بَناتي بالنّعالِ حَواسِراً،
فأَلْصَقْنَ وَقْعَ السِّبْتِ تحتَ القَلائدِ
ويقال: حَسَرَ عن ذراعيه، وحَسَرَ البَيْضَةَ عن رأْسه، وحَسَرَتِ
الريحُ السحابَ حَسْراً. الجوهري: الانحسار الانكشاف. حَسَرْتُ كُمِّي عن
ذراعي أَحْسِرُه حَسْراً: كشفت.
والحَسْرُ والحَسَرُ والحُسُورُ: الإِعْياءُ والتَّعَبُ.
حَسَرَتِ الدابةُ والناقة حَسْراً واسْتَحْسَرَتْ: أَعْيَثْ وكَلَّتْ،
يتعدّى ولا يتعدى؛ وحَسَرَها السير يَحْسِرُها ويَحْسُرها حَسْراً
وحُسُوراً وأَحْسَرَها وحَسَّرَها؛ قال:
إِلاَّ كَمُعْرِضِ المُحَسِّر بَكْرَهُ،
عَمْداً يُسَيِّبُنِي على الظُّلْمِ
أَراد إِلاَّ مُعرضاً فزاد الكاف؛ ودابة حاسِرٌ حاسِرَةٌ وحَسِيرٌ،
الذكر والأُنثى سواء، والجمع حَسْرَى مثل قتيل وقَتْلَى. وأَحْسَرَ القومُ:
نزل بهم الحَسَرُ. أَبو الهيثم: حَسِرَتِ الدابة حَسَراً إِذا تعبت حتى
تُنْقَى، واسْتَحْسَرَتْ إِذا أَعْيَتْ. قال الله تعالى: ولا
يَسْتَحْسِروُن . وفي الحديث: ادْعُوا الله عز وجل ولا تَسْتَخْسِرُوا؛ أَي لا تملوا؛
قال: وهو استفعال من حَسَرَ إِذا أَعيا وتعب. وفي حديث جرير: ولا
يَحْسَِرُ صائحها أَي لا يتعب سائقها. وفي الحديث: الحَسِيرُ لا يُعْقَرُ؛ أَي
لا يجوز للغازي إِذا حَسَِرَتْ دابته وأَعيت أَن يَعْقِرَها، مخافة أَن
يأْخذها العدوّ ولكن يسيبها، قال: ويكون لازماً ومتعدياً. وفي الحديث:
حَسَرَ أَخي فرساً له؛ يعني النَّمِرَ وهو مع خالد بن الوليد. ويقال فيه:
أَحْسَرَ أَيضاً. وحَسِرَتِ العين: كَلَّتْ. وحَسَرَها بُعْدُ ما حَدَّقَتْ
إِليه أَو خفاؤُه يَحْسُرُها: أَكَلَّها؛ قال رؤبة:
يَحْسُرُ طَرْفَ عَيْنِه فَضاؤُه
وحَسَرَ بَصَرُه يَحْسِرُ حُسُوراً أَي كَلَّ وانقطع نظره من طول مَدًى
وما أَشبه ذلك، فهو حَسِير ومَحْسُورٌ؛ قال قيس بن خويلد الهذلي يصف
ناقة:إِنَّ العَسِيرَ بها دَاءٌ مُخامِرُها،
فَشَطْرَها نَظَرُ العينينِ مَحْسُورُ
العسير: الناقة التي لم تُرَضْ، ونصب شطرها على الظرف أَي نَحْوَها.
وبَصَرٌ حَسير: كليل. وفي التنزيل: ينقلب إِليك البصر خاسئاً وهو حَسِيرٌ؛
قال الفراء: يريد ينقلب صاغراً وهو حسير أَي كليل كما تَحْسِرُ الإِبلُ
إِذا قُوِّمَتْ عن هُزال وكَلالٍ؛ وكذلك قوله عز وجل: ولا تَبْسُطْها كُلَّ
البَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً؛ قال: نهاه أَن يعطي كل ما
عنده حتى يبقى محسوراً لا شيء عنده؛ قال: والعرب تقول حَسَرْتُ الدابة إِذا
سَيَّرتها حتى ينقطع سَيْرُها؛ وأَما البصر فإِنه يَحْسَِرُ عند أَقصى
بلوغ النظر؛ وحَسِرَ يَحْسَرُ حَسَراً وحَسْرَةً وحَسَراناً، فهو حَسِيرٌ
وحَسْرانُ إِذا اشتدّت ندامته على أَمرٍ فاته؛ وقال المرّار:
ما أَنا اليومَ على شيء خَلا،
يا ابْنَة القَيْن، تَوَلَّى بِحَسِرْ
والتَّحَسُّر: التَّلَهُّفُ. وقال أَبو اسحق في قوله عز وجل: يا
حَسْرَةً على العباد ما يأْتيهم من رسول؛ قال: هذا أَصعب مسأَلة في القرآن إِذا
قال القائل: ما الفائدة في مناداة الحسرة، والحسرة مما لا يجيب؟ قال:
والفائدة في مناداتها كالفائدة في مناداة ما يعقل لأَن النداء باب تنبيه،
إِذا قلت يا زيد فإِن لم تكن دعوته لتخاطبه بغير النداء فلا معنى للكلام،
وإِنما تقول يا زيد لتنبهه بالنداء، ثم تقول: فعلت كذا، أَلا ترى أَنك
إِذا قلت لمن هو مقبل عليك: يا زيد، ما أَحسن ما صنعت؛ فهو أَوكد من أَن
تقول له: ما أَحسن ما صنعت، بغير نداء؛ وكذلك إِذا قلت للمخاطَب: أَنا أَعجب
مما فعلت، فقد أَفدته أَنك متعجب، ولو قلت: واعجباه مما فعلت، ويا عجباه
أَن تفعل كذا كان دعاؤُك العَجَبَ أَبلغ في الفائدة، والمعنى يا عجبا
أَقبل فإِنه من أَوقاتك، وإِنما النداء تنبيه للمتعجَّب منه لا للعجب.
والحَسْرَةُ: أَشدَّ الندم حتى يبقى النادم كالحَسِيرِ من الدواب الذي لا
منفعة فيه. وقال عز وجل: فلا تَذْهَبْ نَفْسُك عليهم حَسَراتٍ؛ أَي حسرة
وتحسراً.
وحَسَرَ البحرُ عن العِراقِ والساحلِ يَحْسُِرُ: نَضَبَ عنه حتى بدا ما
تحت الماء من الأَرض. قال الأَزهري: ولا يقال انْحَسَرَ البحرُ. وفي
الحديث: لا تقوم الساعة حتى يَحْسِرُ الفرات عن جبل من ذهب؛ أَي يكشف. يقال:
حَسَرْتُ العمامة عن رأْسي والثوب عن بدني أَي كشفتهما؛ وأَنشد:
حتى يقالَ حاسِرٌ وما حَسَرْ
وقال ابن السكيت: حَسَرَ الماءُ ونَضَبَ وجَزَرَ بمعنى واحد؛ وأَنشد
أَبو عبيد في الحُسُورِ بمعنى الانكشاف:
إِذا ما القَلاسِي والعَمائِمُ أُخْنِسَتْ،
فَفِيهنَّ عن صُلْعِ الرجالِ حُسُورُ
قال الأَزهري: وقول العجاج:
كَجَمَلِ البحر، إِذا خاضَ جَسَرْ
غَوارِبَ اليَمِّ إِذا اليَمُّ هَدَرْ،
حتى يقالَ: حاسِرٌ وما حَسَرْ
(* قوله: «كجمل البحر إلخ» الجمل؛ بالتحريك: سمكة طولها ثلاثون ذراعاً).
يعني اليم. يقال: حاسِرٌ إِذا جَزَرَ، وقوله إِذا خاض جسر، بالجيم، أَي
اجترأَ وخاض معظم البحر ولم تَهُلْهُ اللُّجَجُ. وفي حديث يحيى بن
عَبَّادٍ: ما من ليلة إِلاَّ مَلَكٌ يَحْسِرُ عن دوابِّ الغُزاةِ الكَلالَ أَي
يكشف، ويروى: يَحُسُّ، وسيأْتي ذكره. وفي حديث علي، رضوان الله عليه:
ابنوا المساجدَ حُسَّراً فإِن ذلك سيما المسلمين؛ أَي مكشوفة الجُدُرِ لا
شُرَفَ لها؛ ومثله حديث أَنس. رضي الله عنه: ابنوا المساجد جُمّاً. وفي
حديث جابر: فأَخذتُ حَجَراً فكسرته وحَسَرْتُه؛ يريد غصناً من أَغصان الشجرة
أَي قشرته بالحجر. وقال الأَزهري في ترجمة عرا، عند قوله جارية حَسَنَةُ
المُعَرَّى والجمع المَعارِي، قال: والمَحاسِرُ من المرأَة مثل
المَعارِي. قال: وفلاة عارية المحاسر إِذا لم يكن فيها كِنٌَّ من شجر،
ومَحاسِرُها: مُتُونُها التي تَنْحَسِرُ عن النبات.
وانْحَسَرتِ الطير: خرجت من الريش العتيق إِلى الحديث. وحَسَّرَها
إِبَّانُ ذلك: ثَقَّلَها، لأَنه فُعِلَ في مُهْلَةٍ. قال الأَزهري: والبازي
يَكْرِزُ للتَّحْسِيرِ، وكذلك سائر الجوارح تَتَحَسَّرُ.
وتَحَسَّر الوَبَرُ عن البعير والشعرُ عن الحمار إِذا سقط؛ ومنه قوله:
تَحَسَّرَتْ عِقَّةٌ عنه فَأَنْسَلَها،
واجْتابَ أُخْرَى حَدِيداً بعدَما ابْتَقَلا
وتَحَسَّرَتِ الناقة والجارية إِذا صار لحمها في مواضعه؛ قال لبيد:
فإِذا تَغالى لَحْمُها وتَحَسَّرَتْ،
وتَقَطَّعَتْ، بعد الكَلالِ، خِدامُها
قال الأَزهري: وتَحَسُّرُ لحمِ البعير أَن يكون للبعير سِمْنَةٌ حتى كثر
شحمه وتَمَكَ سَنامُه، فإِذا رُكب أَياماً فذهب رَهَلُ لحمه واشتدّ
بعدما تَزَيَّمَ منه في مواضعه، فقد تَحَسَّرَ.
ورجل مُحَسَّر: مُؤْذًى محتقر. وفي الحديث: يخرج في آخر الزمان رجلٌ
يسمى أَمِيرَ العُصَبِ، وقال بعضهم: يسمى أَمير الغَضَبِ. أَصحابه
مُحَسَّرُونَ مُحَقَّرُونَ مُقْصَوْنَ عن أَبواب السلطان ومجالس الملوك، يأْتونه
من كل أَوْبٍ كأَنهم قَزَعُ الخريف يُوَرِّثُهُم الله مشارقَ الأَرض
ومغاربَها؛ محسرون محقرون أَي مؤْذون محمولون على الحسرة أَو مطرودون متعبون
من حَسَرَ الدابة إِذا أَتعبها.
أَبو زيد: فَحْلٌ حاسِرٌ وفادرٌ وجافِرٌ إِذا أَلْقَحَ شَوْلَه فَعَدَل
عنها وتركها؛ قال أَبو منصور: روي هذا الحرف فحل جاسر، بالجيم، أَي فادر،
قال: وأَظنه الصواب.
والمِحْسَرَة: المِكْنَسَةُ.
وحْسَرُوه يَحْسِرُونَه حَسْراً وحُسْراً: سأَلوه فأَعطاهم حتى لم يبق
عنده شيء.
والحَسارُ: نبات ينبت في القيعان والجَلَد وله سُنْبُل وهو من دِقّ
المُرَّيْقِ وقُفُّهُ خير من رَطْبِه، وهو يستقل عن الأَرض شيئاً قليلاً يشبه
الزُّبَّادَ إِلاَّ أَنه أَضخم منه ورقاً؛ وقال أَبو حنيفة: الحَسارُ
عشبة خضراء تسطح على الأَرض وتأْكلها الماشية أَكلاً شديداً؛ قال الشاعر
يصف حماراً وأُتنه:
يأْكلنَ من بُهْمَى ومن حَسارِ،
ونَفَلاً ليس بذي آثارِ
يقول: هذا المكان قفر ليس به آثار من الناس ولا المواشي. قال: وأَخبرني
بعض أَعراب كلب أَن الحَسَار شبيه بالحُرْفِ في نباته وطعمه ينبت حبالاً
على الأَرض؛ قال: وزعم بعض الرواة أَنه شبيه بنبات الجَزَرِ. الليث:
الحَسار ضرب من النبات يُسْلِحُ الإِبلَ. الأَزهري: الحَسَارُ من العشب ينبت
في الرياض، الواحدة حَسَارَةٌ. قال: ورجْلُ الغراب نبت آخر،
والتَّأْوِيلُ عشب آخر.
وفلان كريم المَحْسَرِ أَي كريم المَخْبَرِ.
وبطن مُحَسِّر، بكسر السين: موضع بمنى وقد تكرر في الحديث ذكره، وهو بضم
الميم وفتح الحاء وكسر السين، وقيل: هو واد بين عرفات ومنى.
قلف: القُلْفَة، بالضم: الغُرلة؛ أَنشد أَبو الغوث:
كأَنَّما حثْرِمةُ بنِ غابِنِ
قُلْفَةُ طِفْلٍ، تَحتَ مُوسى خاتنِ
ابن سيده: القُلْفة والقَلَفة جلدة الذكر التي أُلبِسَتها الحشَفة، وهي
التي انقطع من ذكر الصبي. ورجل أَقلَف بيِّن القلَف: لم يُختَن. والقلَف:
مصدر الأَقْلَف، وقد قَلِف قَلَفاً. والقَلْفُ، بالجزم: قطع القُلفة
واقتلاع الظُّفر من أَصلها؛ وأَنشد:
يَقْتَلِفُ الأَظْفارَ عن بَنانِه
الجوهري: وقَلَفها الخاتن قلْفاً قطَعها، قال: وتزعم العرب أَن الغلام
إذا ولد في القمْراء فَسحَت قُلفَته فصار كالمختون؛ قال امرؤ القيس وقد
كان دخل مع قيصر الحمّام فرآه أَقلف:
إني حَلَفْتُ يَميناً غيرَ كاذبة:
لأَنت أَقْلَفُ، إلا ما جَنَى القَمَرُ
إذا طَعَنْت به، مالَتْ عِمامَتُه،
كما تجَمَّع تحتَ الفَلْكةِ الوَبَرُ
والقَلَفَةُ، بالتحريك، من الأَقلف كالقَطَعَةِ من الأَقطع، وقلَفَ
الشجرة: نزَع عنها لِحاءها؛ قال ابن بري: شاهده قول الفرزدق:
قلَفْت الحَصَى عنه الذي فوقَ ظَهْره
بأَحْلامِ جُهَّالٍ، إذا ما تَغَضَّفُوا
وقلَف الدَّنَّ يَقْلِفُه قَلفْاً، فهو مَقْلوف وقَليف: نزع عنه الطين.
ابن بري: القَليف دَنُّ الخمر الذي قُشر عنه طينه؛ وأَنشد:
ولا يُرى في بيته القَليفُ
وقلَفَ الشرابُ: أَزْبد. وسُمِع أَحمد بن صالح يقول في حديث يونس عن ابن
شهاب عن سعيد بن المسيب: إنه كان يشرب العصير ما لم يَقْلِفْ، قال: ما
لم يُزْبِدْ. قال الأَزهري: أَحمد بن صالح صاحب لغة إمام في العربية.
والقِلْفُ والقُلافة: القِشْر. والقِلْف: قِشر الرُّمان. وقلَف الشيءَ
قلْفاً: كقَلَبه قلْباً؛ عن كراع. والقُلْفتانِ: طرَفا الشاربين مما يلي
الصِّماغين. وشفة قلِفة: فيها غِلَظ. وسيف أَقْلَفُ: له حدّ واحد وقد
حُزِّزَ طَرف ظُبَتِه. وعام أَقْلف: مُخْصب كثير الخير. وعيش أَقلف: ناعم
رَغَد. وقلَفَ السفينة: خرز أَلواحها بالليف وجعل في خَلَلِها القارَ.
والقَلِيفُ:جِلال التمر، واحدتها قَليفة؛ عن أَبي حنيفة، وقال كراع:
القَليف الجُلَّةُ العظيمة. النضر: القِلْف الجِلال المملوءة تمراً، كلُّ
جلة منها قِلْفة، وهي المَقْلوفة أَيضاً. وثلاث مَقْلوفات: كل جُلَّة
مَقْلوفة، وهي الجلال البحرانية.
واقْتَلَفْت من فلان أَربع قِلْفات وأَربع مَقْلوفات: وهو أَن تأْتي
الجُلَّةَ عند الرجل فتأْخذها بقولها منه ولا تَكِيلها؛ وأَنشد ابن بري:
لا يأْكلُ البَقْلَ ولا يَرِيفُ،
ولا يُرَى في بيتِه القليفُ
ابن بري: والقَلِيف التمر البحري يتَقَلّف عنه قشره، قال: والقَليف ما
يُقْلَف من الخبز أَي يقشر. قال: والقليف أَيضاً يابس الفاكهة. والقَلِيف:
الذكر الذي قطعت قُلْفته.
والقِلْفة، بالكسر: ضرب من النبات أَخضر له ثمرة صغيرة والمال حريص
عليها، يعني بالمال الإبل.
والقِلَّف: لغة في القِنَّفِ. قال أَبو مالك: القِلَّف والقِنَّف واحد
وهو الغِرْيَنُ واليَفَنُ إذا يبس، ويقال له غِرْيَنٌ إذا كان رَطْباً
ونحو ذلك؛ قال الفراء: ومثله حِمَّص وقِنَّب. ورجل خِنَّبٌ: طويل؛ قال ابن
بري: القِلَّف يابس طين الغِرْيَن.
لقا: اللَّقْوة: داء يكون في الوجه يَعْوَجُّ منه الشِّدق، وقد لُقِيَ
فهو مَلْقُوٌّ. ولَقَوْتُه أَنا: أَجْرَيْت عليه ذلك. قال ابن بري: قال
المهلبي واللُّقاء، بالضم والمد، من قولك رجل مَلْقُوٌّ إِذا أَصابته
اللَّقْوة. وفي حديث ابن عمر: أَنه اكْتَوَى من اللَّقْوَة، هو مرض يَعْرِضُ
لوجه فيُميلُه إِلى أَحد جانبيه.
ابن الأَعرابي: اللُّقَى الطيُّور، واللُّقَى الأَوْجاع، واللُّقَى
السَّريعاتُ اللَّقَح من جميع الحيوان.
واللَّقْوةُ واللِّقْوة: المرأَة السَّريعةُ اللَّقاحِ والناقة السريعة
اللقاح؛ وأَنشد أَبو عبيد في فتح اللام:
حَمَلْتِ ثَلاثةً فَوَلَدتِ تِمّاً،
فأُمٌّ لَقْوةٌ وأَبٌ قَبِيسُ
وكذلك الفرسُ. وناقة لِقْوةٌ ولَقْوةٌ: تَلْقَح لأَول قَرْعةٍ. قال
الأَزهري: واللَّقْوة في المرأَة والناقة، بفتح الام، أَفصح من اللِّقوة،
وكان شمر وأَبو الهيثم يقولان لِقْوة فيهما. أَبو عبيد في باب سرعة اتفاق
الأَخوين في التحابّ والمودَّة: قال أَبو زيد من أَمثالهم في هذا كانت
لَقْوةٌ صادَفَتْ قَبِيساً؛ قال: اللَّقْوةُ هي السريعة اللَّقَح والحَمْل،
والقَبِيسُ هو الفَحْل السريع الإِلقاح أَي لا إبْطاء عندهما في النِّتاج،
يضرب للرجلين يكونان متفقين على رأْي ومذهب، فلا يَلْبَثان أَن يتصاحبا
ويتَصافَيا على ذلك؛ قال ابن بري في هذا المثل: لَقْوةٌ بالفتح مذهب أَبي
عمرو الشيباني، وذكر أَبو عبيد في الأَمثال لِقْوة، بكسر اللام، وكذا
قال الليث لِقْوة، بالكسر. واللَّقْوة واللِّقْوة: العُقاب الخَفِيفة
السَّريعةُ الاخْتِطاف. قال أَبو عبيدة: سميت العقاب لَقْوة لسَعة أَشْداقها،
وجمعها لِقاءٌ وألقاءٌ، كأَنَّ أَلقاءً على حذف الزائد وليس بقياس.
ودَلْو لَقْوةٌ: لَيِّنة لا تَنْبَسِطُ سريعاً لِلِينها؛ عن الهَجَريّ؛
وأَنشد:شَرُّ الدِّلاءِ اللَّقْوةُ المُلازِمه،
والبَكَراتُ شَرُّهُنَّ الصائِمهْ
والصحيح: الوَلْغَةُ المُلازِمَهْ. ولقِيَ فلان فلاناً لِقاء ولِقاءةً،
بالمدّ، ولُقِيّاً ولِقِيّاً، بالتشديد، ولُقْياناً ولِقْياناً ولِقْيانة
واحدة ولُقْيةً واحدة ولُقًى، بالضم والقصر، ولَقاةً؛ الأَخيرة عن ابن
جني، واستضعفها ودَفَعها يعقوب فقال: هي مولَّدة ليست من كلام العرب؛ قال
ابن بري: المصادر في ذلك ثلاثة عشر مصدراً، تقول لَقِيته لِقاءً
ولِقاءَةً وتِلقاءً ولُقِيّاً ولِقِيّاً ولِقْياناً ولُقْياناً ولِقْيانَةً
ولَقْيةً ولَقْياً ولُقًى ولَقًى، فيما حكاه ابن الأَعرابي، ولَقاةً؛ قال:
وشاهد لُقًى قول قيس بن المُلَوّح:
فإِن كان مَقْدُوراً لُقاها لَقِيتُها،
ولم أَخْشَ فيها الكاشِحِينَ الأَعادِيا
وقال آخر:
فإِنَّ لُقاها في المَنامِ وغيره،
وإِنْ لم تَجُدْ بالبَذْل عندي، لرابِحُ
وقال آخر:
فلوْلا اتِّقاءُ الله، ما قلتُ مَرْحَباً
لأَوَّلِ شيباتٍ طَلَعْنَ، ولا سَهْلا
وقد زَعَمُوا حُلْماً لُقاك، فلم يَزِدْ،
بِحَمْدِ الذي أَعْطاك، حِلْماً ولا عَقْلا
وقال ابن سيده: ولَقاه طائية؛ أَنشد اللحياني:
لمْ تَلْقَ خَيْلٌ قبْلَها ما قد لَقَتْ
مِنْ غِبِّ هاجِرةٍ، وسَيْرٍ مُسْأَدِ
الليث: ولَقِيه لَقْيةً واحدة ولَقاةً واحدة، وهي أَقبحها على جوازها ،
قال ابن السكيت: ولِقيانةً واحدة ولَقْيةً واحدة، قال ابن السكيت: ولا
يقال لَقاة فإِنها مولدة ليست بفصيحة عربية، قال ابن بري: إِنما يقال لَقاة
لأَن الفَعْلة للمرة الواحدة إِنما تكون ساكنة العين ولَقاةٌ محركة
العين. وحكى ابن درستويه: لَقًى ولَقاة مثل قَذًى وقَذاةٍ، مصدر قَذِيت
تَقْذَى.
واللِّقاء: نقيض الحِجاب؛ ابن سيده: والاسم التِّلقاء؛ قال سيبويه: وليس
على الفعل، إِذ لو كان على الفعل لفتحت التاء؛ وقال كراع: هو مصدر نادر
ولا نظير له إِلا التِّبْيان. قال الجوهري: والتِّلقاء أَيضاً مصدر مثل
اللقاء؛ وقال الراعي:
أَمَّلْتُ خَيْرَكَ هل تَأْتي مَواعِدُه،
فالْيَوْمَ قَصَّرَ عن تِلْقائِه الأَمَلُ
قال ابن بري: صوابه أَمَّلت خيركِ، بكسر الكاف، لأَنه يخاطب محبوبته،
قال: وكذا في شعره وفيه عن تِلْقائِك بكاف الخطاب؛ وقبله:
وما صَرَمْتُك حتى قُلْتِ مُعْلِنةً:
لا ناقةٌ لي في هذا، ولا جَملُ
وفي الحديث: مَنْ أَحبَّ لِقاء اللهِ أَحبَّ اللهُ لقاءه ومَن كَرِه
لقاء اللهِ كرهَ الله لقاءه والموتُ دون لقاء الله؛ قال ابن الأَثير: المراد
بلقاء الله المصيرُ إِلى الدار الآخرة وطلبُ ما عند الله، وليس الغرض به
الموت لأَن كلاًّ يكرهه، فمن تَرك الدنيا وأَبغضها أَحبَّ لِقاء اللهِ،
ومَن آثَرَها ورَكِنَ إِليها كَرِهَ لِقاء الله لأَنه إِنما يصل إِليه
بالموت. وقوله: والموتُ دون لقاء الله، يُبَيِّنُ أَن الموتَ غيرُ اللقاء،
ولكنه مُعْتَرِضٌ دون الغَرَض المطلوب، فيجب أَن يَصْبر عليه ويحتمل
مشاقَّة حتى يصل إِلى الفَوْز باللِّقاء.
ابن سيده: وتَلَقَّاه والتَقاه والتَقَيْنا وتَلاقَيْنا. وقوله تعالى:
ليُنذِر يوم التَّلاقِ؛ وإِنما سمي يومَ التلاقي لتَلاقي أَهل الأَرضِ
وأَهل السماء فيه. والتَقَوْا وتَلاقَوْا بمعنى.
وجلس تِلْقاءه أَي حِذاءه؛ وقوله أَنشده ثعلب:
أَلا حَبَّذا مِنْ حُبِّ عَفْراء مُلْتَقَى،
نَعَمْ، وأَلا لا حيثُ يَلْتَقِيانِ
فسره فقال: أَراد مُلْتَقَى شفتيها لأَن التِقاء نَعمْ ولا إِنما يكون
هنالك، وقيل: أَراد حَبَّذا هي مُتكلِّمةً وساكتة، يريد بملتقى نعم
شفتيها، وبأَلا لا تَكلُّمَها، والمعنيان متجاوران. واللَّقِيانِ
(* قوله«
اللقيان» كذا في الأصل والمحكم بتخفيف الياء، والذي في القاموس وتكملة
الصاغاني بشدها وهو الاشبه): المُلتَقِيانِ.ورجل لَقِيٌّ ومَلْقِيٌّ ومُلَقًّى
ولَقَّاء يكون ذلك في الخير والشر، وهو في الشر أَكثر. الليث: رجل
شَقِيٌّ لَقِيٌّ لا يزال يَلْقى شَرّاً، وهو إِتباع له. وتقول: لاقَيْتُ بين
فلان وفلان. ولاقَيْتُ بين طَرَفَيْ قضيب أَي حَنَيْته حتى تلاقيا
والتَقَيَا. وكلُّ شيءٍ استقبل شيئاً أَو صادفه فقد لقِيَه من الأَشياء كلها.
واللَّقِيَّان: كل شيئين يَلْقى أَحدهما صاحبه فهما لَقِيَّانِ. وفي حديث
عائشة، رضي الله عنها: أَنها قالت إِذا التقى الخِتانان فقد وجَب
الغُسْلُ؛ قال ابن الأَثير: أَي حاذى أَحدهما الآخر وسَواء تَلامَسا أَو لم
يتَلامَسا، يقال: التَقى الفارسان إِذا تَحاذَيا وتَقابلا، وتظهر فائدته فيما
إِذا لَفَّ على عُضوه خرقة ثم جامَع فإِن الغسل يجب عليه وإن لم يَلْمَسِ
الخِتانُ الخِتانَ. وفي حديث النخعي: إِذا التقى الماءَانِ فقد تَمَّ
الطُّهورُ؛ قال ابن الأَثير: يريد إِذا طَهَّرْتَ العُضْوَين من أَعْضائك
في الوضُوءِ فاجتمع الماءَانِ في الطُّهور لهما فقد تم طُهُورهُما للصلاة
ولا يُبالي أَيُّهما قدَّم، قل: وهذا على مذهب من لا يوجب الترتيب في
الوضوء أَو يريد بالعضوين اليدين والرجلين في تقديم اليمنى على اليسرى أَو
اليسرى على اليمنى، وهذا لم يشترطه أَحد.
والأُلْقِيَّةُ: واحد من قولك لَقِيَ فلان الأَلاقيَّ من شَرٍّ وعُسْر.
ورجل مُلَقًّى: لا يزالُ يلقاه مكروه. ولَقِيتُ منه الأَلاقَي؛ عن
اللحياني، أَي الشَّدائد، كذلك حكاه بالتخفيف.
والمَلاقي: أَشْراف نَواحي أَعْلى الجبل لا يزال يَمْثُل عليها الوعل
يعتصم بها من الصياد؛ وأَنشد:
إِذا سامَتْ على المَلْقاةِ ساما
قال أَبو منصور: الرواة رووا:
إِذا سامت على المَلَقاتِ ساما
واحدتها مَلَقةٌ، وهي الصَّفاة المَلْساء، والميم فيها أَصلية، كذا روي
عن ابن السكيت، والذي رواه الليث، إِن صح، فهو مُلْتَقى ما بين الجبلين.
والمَلاقي أَيضاً: شُعَبُ رأْس الرَّحِم وشُعَبٌ دونَ ذلك، واحدها
مَلْقًى ومَلْقاةٌ، وقيل: هي أَدنى الرحم من موضع الولد، وقيل: هي الإِسَكُ؛
قال الأَعشى يذكر أُم عَلْقمةَ:
وكُنَّ قد أَبْقَيْنَ منه أُذًى،
عند المَلاقي، وافيَ الشَّافِرِ
الأَصمعي: المُتَلاحِمةُ الضيِّقة المَلاقي، وهو مَأْزِمُ الفَرْجِ
ومَضايِقُه. وتلقَّت المرأَة، وهي مُتَلَقٍّ: عَلِقَتْ، وقلّ ما أَتى هذا
البناء للمؤنث بغير هاء. الأَصمعي: تَلقَّتِ الرحمُ ماء الفحل إِذا
قَبِلَتْه وأَرتَجَتْ عليه. والمَلاقي من الناقة: لحم باطن حيَائها، ومن الفرس
لحم باطن ظَبْيَتها.
وأَلقى الشيء: طَرَحَه. وفي الحديث: إِنَّ الرجل ليتكلم بالكلمة ما
يُلْقي لها بالاً يَهْوي بها في النار أَي ما يُحْضِرُ قلبَه لما يَقولُه
منها، والبالُ: القَلبُ. وفي حديث الأَحنف: أَنه نُعِيَ إِليه رَجلٌ فما
أَلقى لذلك بالاً أَي ما اسْتَمع له ولا اكْتَرَثَ به؛ وقوله:
يَمْتَسِكُونَ، مِن حِذاِ الإِلْقاءِ،
بتَلِعاتٍ كَجُذُوعِ الصِّيصاء
إِنما أَراد أَنهم يَمْتسكون بخَيْزُران السَّفينة خشية أَن تُلقِيَهم
في البحر، ولَقَّاه الشيءَ وأَلقاه إِليه وبه. فسر الزجاج قوله تعالى:
وإِنَّك لَتُلَقَّى القرآن؛ أَي يُلْقى إِليك وحْياً من عند الله. واللَّقى:
الشيء المُلْقى، والجمع أَلقاء؛ قال الحرث بن حلزة:
فتَأَوَّتْ لهم قَراضِبةٌ مِن
كلِّ حَيٍّ، كأَنهم أَلْقاءُ
وفي حديث أَبي ذر: ما لي أَراك لَقًى بَقًى؟ هكذا جاءَا مخففين في رواية
بوزن عَصاً.
واللَّقى: المُلْقى على الأَرض، والبَقى إِتباع له. وفي حديث حكيم بن
حزام: وأُخِذَتْ ثِيابُها فجُعِلتْ لَقًى أَي مُرْماةً مُلْقاةً. قال ابن
الأَثير: قيل أَصل اللَّقى أَنهم كانوا إِذا طافُوا خَلَعُوا ثيابَهم
وقالوا لا نَطُوف في ثياب عَصَيْنا اللهَ فيها، فيُلقُــونها عنهم ويُسمّون ذلك
الثوب لَقًى، فإِذا قَضَوْا نُسُكَهم لم يأْخُذوها وتركوها بحالها
مُلْقاةً. أَبو الهيثم: اللَّقى ثوبُ المُحْرِمِ يُلْقِيه إذا طاف بالبيت في
الجاهلية ، وجمعه أَلقاء . واللَّقى: كل شيء مطروح متروك كاللُّقَطة.
والأُلْقِيَّةُ: ما أُلقِيَ. وقد تَلاقَوْا بها: كتَحاجَوْا؛ عن اللحياني
. أَبو زيد: أَلْقَيت عليه أُلْقِيَّةً كقولك أَلقَيت عليه
أُحْجِيَّةً، كل ذلك يقال؛ قال الأَزهري: معناه كلمة مُعاياةٍ يُلقِيها عليه
ليستخرجها . ويقال: هم يَتَلاقَوْن بأُلْقِيَّةٍ لهم.
ولَقاةُ الطريق: وسَطُه؛ عن كراع.
ونهى النبيُّ ، صلى الله عليه وسلم ، عن تَلَقِّي الرُّكْبان ؛ وروى
أَبو هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ،صلى الله عليه وسلم، لا
تَتلقَّوُا الرُّكْبانَ أَو الأَجْلابَ فَمَن تَلقَّاه فاشتَرى منه شيئاً
فصاحِبُه بالخِيارإذا أَتى السُّوقَ؛ قال الشافعي: وبهذا آخذ إن كان ثابتاً،
قال: وفي هذا دليل أَن البيع جائِز غيرَ أَن لصاحبها الخيار بعد قُدوم
السوق، لأَنَّ شراءَها من البَدوِيّ قبل أَن يصير إلى موضع المُتساومَيْنِ
من الغرور بوجه النقص من الثمن فله الخيار ؛ وتَلَقِّي الرُّكبان: هو
أَن يستقبل الحضَريُّ البدويَّ قبل وصوله إلى البلد ويخبره بكَسادِ ما معه
كَذِباً ليشتري منه سِلْعَته بالوَكْس وأَقلَّ من ثمن المثل ، وذلك
تَغْرير مُحرَّم ولكن الشراء منعقد، ثم إن كذب وظهر الغَبْنُ ثبت الخِيار
للبائع، وإن صدَق ففيه على مذهب الشافعي خلاف . وفي الحديث: دخَل أَبو قارظٍ
مكةَ فقالت قُريش حَلِيفُنا وعَضُدُنا ومُلْتَقى أَكُفِّنا أَي أَيدينا
تَلتَقي مع يده وتجتمع، وأَراد به الحِلْفَ الذي كان بيْنه وبينهم . قال
الأَزهري: والتَّلَقِّي هو الاستقبال ؛ ومنه قوله تعالى: وما يُلَقَّاها
إلا الذين صَبَروا وما يُلَقَّاها إلا ذو حظٍ عظيمٍ؛ قال الفراء: يريده ما
يُلَقَّى دفعَ السيئة بالحَسَنة إلا من هو صابر أَو ذو حظٍّ عظيم،
فأَنثها لتأْنيث إرادة الكلمة، وقيل في قوله وما يُلقَّاها أي ما يُعَلَّمها
ويُوَفَّقُ لها إلا الصابر . وتَلَقَّاه أَي استقبله. وفلان يَتَلَقَّى
فلاناً أَي يَسْتَقْبِله. والرجل يُلَقَّى الكلام أَي يُلَقَّنه. وقوله
تعالى: إذ تَلَقَّوْنَه بأَلسنتكم؛ أَي يأْخذ بعض عن بعض. وأَما قوله تعالى:
فَتَلقَّى آدمُ من ربّه كلِماتٍ؛ فمعناه أَنه أَخذها عنه، ومثله
لَقِنَها وتَلَقَّنَها ، وقيل: فتَلقَّى آدمُ من ربه كلماتٍ، أَي تَعلَّمها ودعا
بها. وفي حديث أَشراط الساعة: ويُلْقى الشُّحُّ؛ قال ابن الأَثير: قال
الحميدي لم يَضْبِط الرواةُ هذا الحرف، قال: ويحتمل أَن يكون يُلَقَّى
بمعنى يُتَلَقَّى ويُتَعَلَّم ويُتَواصى به ويُدعى إليه من قوله تعالى: وما
يُلَقَّاها إلا الصابرون؛ أَي ما يُعَلَّمُها ويُنَبَّه عليها ، ولو قيل
يُلْقَى، مخففة القاف، لكان أَبعد، لأَنه لو أُلقِيَ لترك ولم يكن
موجوداً وكان يكون مدحاً، والحديث مبني على الذم، ولو قيل يُلْفى، بالفاء،
بمعنى يوجد لم يَستَقِم لأَن الشحّ ما زال موجوداً.
الليث: الاسْتِلْقاءُ على القفا، وكلُّ شيء كان فيه كالانْبِطاح ففيه
اسْتِلقاء، واسْتَلْقى على قفاه؛ وقال في قول جرير:
لَقًى حَمَلَتْه أُمُّه وهي ضَيْفةٌ
جعله البعيث لَقًى لا يُدْرى لمن هو وابْنُ مَن هو، قال الأَزهري: كأَنه
أَراد أَنه منبوذ لا يُدرى ابن مَن هو. الجوهري: واللَّقى، بالفتح،
الشيء المُلْقى لهَوانه، وجمعه أَلقاء؛ قال:
فلَيْتَكَ حالَ البحرُ دُونَكَ كلُّه،
وكنت لَقًى تَجْري عليْكَ السَّوائِلُ
قال ابن بري: قال ابن جني قد يجمع المصدر جمع اسم الفاعل لمشابهته له،
وأَنشد هذا البيت ، وقال: السَّوائلُ جمع سَيْل فجَمَعه جَمع سائل؛ قال:
ومثله:
فإِنَّكَ ، يا عامِ ابنَ فارِسِ قُرْزُلٍ،
مُعِيدٌ على قِيلِ الخَنا والهَواجِرِ
فالهَواجِرُ جمع هُجْر ؛ قال: ومثله :
مَن يفْعَلِ الخَيْرَ لا يَعْدَمْ جَوازِيَهُ
فيمن جعله جمع جزاء ؛ قال: قال ابن أَحمر في اللقى أَيضاً:
تَرْوي لَقًى أَلْقِيَ في صَفْصَفٍ،
تَصْهَرُه الشمس فما يَنْصَهِر
وأَلْقَيْتُه أَي طَرحته . تقول: أُلقِه مِن يدِك وأَلقِ به من يدك،
وأَلقَيْتُ إليه المودّة وبالمودّةِ.
عصف: العَصْفُ والعَصْفة والعَصِيفة والعُصافة؛ عن اللحياني: ما كان على
ساق الزرع من الورق الذي يَيْبَسُ فَيَتَفَتَّتُ، وقيل: هو ورقه من غير
أَن يُعَيَّن بيُبْس ولا غيره، وقيل: ورقه وما لا يؤكل. وفي التنزيل:
والحبُّ ذو العَصْف والرَّيْحانُ؛ يعني بالعصف ورق الزرع وما لا يؤكل منه،
وأَمّا الريحان فالرزق وما أُكل منه، وقيل: العَصف والعَصِيفةُ والعُصافة
التّبْن، وقيل: هو ما على حبّ الحِنطة ونحوها من قُشور التبن. وقال
النضر: العَصْف القَصِيل، وقيل: العصف بقل الزرع لأَن العرب تقول خرجنا
نَعْصِفُ الزرع إذا قطعوا منه شيئاً قبل إدْراكه فذلك العَصْفُ. والعَصْفُ
والعَصِيفةُ: ورق السُّنْبُل. وقال بعضهم: ذو العَصف، يريد المأْكول من
الحبّ، والريحان الصحيح الذي يؤكل، والعصْفُ والعَصِيف: ما قُطِع منه، وقيل:
هما ورق الزرع الذي يميل في أَسفله فتَجُزّه ليكون أَخفّ له، وقيل:
العصْفُ ما جُزَّ من ورق الزرع وهو رَطْب فأُكل. والعَصِيفةُ: الورق
المُجْتَمِع الذي يكون فيه السنبل. والعَصف: السُّنْبل، وجمعه عُصوف. وأَعْصَفَ
الزرعُ: طال عَصْفُه. والعَصِيفةُ: رؤوس سنبل الحِنْطة. والعصف والعَصِيفة:
الورق الذي يَنْفَتح عن الثمرة والعُصافة: ما سقط من السنبل كالتبن
ونحوه. أَبو العباس: العَصْفانِ التِّبْنانِ، والعُصوفُ الأَتْبانُ. قال أَبو
عبيدة: العصف الذي يُعصف من الزرع فيؤكل، وهو العصيفة؛ وأَنشد لعَلْقَمة
بن عَبْدَة:
تَسقِي مذانِبَ قد مالَتْ عَصِيفَتُها
ويروى: زالت عصيفتها أَي جُزَّ ثم يسقى ليعود ورقه. ويقال: أَعْصَف
الزرع حان أَن يجزَّ. وعَصَفْنا الزرع نَعْصِفُه أَي جززنا ورقه الذي يميل في
أَسفله ليكون أخف للزرع، وقيل: جَزَزْنا ورقه قبل أَن يُدْرِك، وإن لم
يُفعل مالَ بالزرع، وذكر اللّه تعالى في أَول هذه السورة ما دلَّ على
وحدانيته من خَلْقِه الإنسان وتَعْلِيمه البيانَ، ومن خلق الشمس والقمر
والسماء والأَرض وما أَنبت فيها من رزقِ من خلق فيها من إنسيّ وبهيمة، تبارك
اللّه أَحسن الخالقين. واسْتعْصفَ الزرعُ: قَصَّب. وعَصَفَه يَعْصِفُه
عَصْفاً: صرمَه من أَقْصابه. وقوله تعالى كعَصْف مأَْكول، له معنيان:
أَحدهما أَنه جعل أَصحاب الفيل كورق أُخذ ما فيه من الحبّ وبقي هو لا حب فيه،
والآخر أَنه أَراد أَنه جعلهم كعصف قد أَكله البهائم. وروي عن سعيد بن
جبير أَنه قال في قوله تعالى كعصف مأَكول، قال: هو الهَبُّور وهو الشعير
النابت، بالنبطية. وقال أَبو العباس في قوله كعصف قال: يقال فلان يَعْتَصِفُ
إذا طلب الرزق، وروي عن الحسن أَنه الزرع الذي أُكل حبه وبقي تِبْنه؛
وأَنشد أَبو العباس محمد بن يزيد:
فصُيِّروا مِثْلَ كعَصْفٍ مأَْكولْ
أَراد مثل عصف مأْكول، فزاد الكاف لتأْكيد الشبه كما أَكده بزيادة الكاف
في قوله تعالى: ليس كمثله شيء، إلا أنه في الآية أَدخل الحرف على الاسم
وهو سائغ، وفي البيت أَدخل الاسم وهو مثل على الحرف وهو الكاف، فإن قال
قائل بماذا جُرَّ عَصْف أَبالكاف التي تُجاوِرُه أَم بإضافة مثل إليه على
أَنه فصل بين المضاف والمضاف إليه؟ فالجواب أَن العصف في البيت لا يجوز
أَن يكون مجروراً بغير الكاف وإن كانت زائدة، يدُلّك على ذلك أَن الكاف في
كل موضع تقع فيه زائدة لا تكون إلا جارَّة كما أَنَّ من وجميع حروف
الجرّ في أَي موضع وقَعْن زوائد فلا بد من أَن يجررن ما بعدهن، كقولك ما
جاءني من أَحد ولست بقائم، فكذلك الكاف في كعصف مأْكول هي الجارَّة للعصف وإن
كانت زائدة على ما تقدَّم، فإن قال قائل: فمن أَيْنَ جاز للاسم أَن يدخل
على الحرف في قوله مثل كعصف مأْكول؟ فالجواب أَنه إنما جاز ذلك لما بين
الكاف ومثل من المُضارَعة في المعنى، فكما جاز لهم أَن يُدخلوا الكاف على
الكاف في قوله:
وصالِياتٍ كَكما يُؤَثْفَينْ
لمشابهته لمثل حتى كأَنه قال كمثل ما يؤثفين كذلك أَدخلوا أَيضاً مثلاً
على الكاف في قوله مثل كعصف، وجعلوا ذلك تنبيهاً على قوَّة الشبه بين
الكاف ومثل. ومَكان مُعْصِفٌ: كثير الزرع، وقيل: كثير التبن؛ عن اللحياني؛
وأَنشد:
إذا جُمادَى مَنَعَت قَطْرها،
زانَ جَنابي عَطَنٌ مُعْصِفُ
(* قوله «جنابي» بالجيم مفتوحة وبالباء هو الفناء وعطن بالنون، وتقدم
البيت في مادة جمد بلفظ زان جناني جمع الجنة، ولعلّ الصواب ما هنا.)
هكذا رواه، وروايتنا مُغْضِف، بالضاد المعجمة، ونسب الجوهري هذا البيت
لأَبي قيس بن الأَسلت الأَنصاري؛ قال ابن بري: هو لأُحَيْحةَ بن الجُلاح
لا لأَبي قيس.
وعَصَفَتِ الرِّيحُ تَعْصِف عَصْفاً وعُصوفاً، وهي ريح عاصِف وعاصِفةٌ
ومُعْصِفَة وعَصوف، وأَعْصفت، في لغة أَسد، وهي مُعصِف من رياح مَعاصِفَ
ومَعاصِيفَ إذا اشتدَّت، والعُصوف للرِّياح. وفي التنزيل: والعاصفاتِ
عَصْفاً، يعني الرياح، والرّيحُ تَعْصِفُ ما مَرَّت عليه من جَوَلان التراب
تمضي به، وقد قيل: إن العَصْف الذي هو التِّبْن مشتق منه لأَن الريح تعصف
به؛ قال ابن سيده: وهذا ليس بقوي. وفي الحديث: كان إذا عَصَفَتِ الريحُ
أَي إذا اشتدَّ هُبوبُها. وريح عاصف: شديدة الهُبوب. والعُصافةُ: ما
عَصَفَت به الريح على لفظ عُصافة السُّنْبُل. وقال الفراء في قوله تعالى:
أَعمالُهم كَرماد اشتدَّت به الريح في يوم عاصف، قال: فجعل العُصوف تابعاً
لليوم في إعرابه، وإنما العُصوف للرياح، قال: وذلك جائز على جهتين: إحداهما
أَن العُصوف وإن كان للريح فإن اليوم قد يوصف به لأَن الريح تكون فيه،
فجاز أَن يقال يوم عاصف كما يقال يوم بارد ويوم حارّ والبرد والحرّ فيهما،
والوجه الآخر أَن يريد في يوم عاصِف الريحِ فتحذف الريح لأَنها قد ذكرت
في أَوَّل كلمة كما قال:
إذا جاء يومٌ مُظْلِمُ الشمسِ كاسِفُ
يريد كاسِف الشمس فحذفه لأَنه قدم ذكره. وقال الجوهري: يوم عاصف أَي
تَعْصِف فيه الريح، وهو فاعل بمعنى مفعول فيه، مثل قولهم لَيْلٌ نائمٌ
وهَمٌّ ناصبٌ، وجمع العاصِف عَواصِفُ. والمُعْصِفاتُ: الرِّياحُ التي تُثير
السَّحاب والوَرَق وعَصْفَ الزَّرعِ. والعَصْفُ والتعصُّف: السُّرعة، على
التشبيه بذلك. وأَعْصَفَتِ الناقةُ في السير: أَسْرَعتْ، فهي مُعْصفة؛
وأَنشد:
ومن كلِّ مِسْحاجٍ، إذا ابْتَلَّ لِيتُها،
تَخَلَّبَ منها ثائبٌ مُتَعَصِّفُ
يعني العَرَق. وأَعْصَفَ الفَرِسُ إذا مرَّ مرّاً سَريعاً، لغة في
أَحْصَف. وحكى أَبو عبيدة: أَعْصَف الرجل أَي هَلَك. والعَصيفةُ: الوَرقُ
المجتمع الذي يكون فيه السُّنْبُل. والعَصُوف: السريعة من الإبل. قال شمر:
ناقة عاصف وعَصُوفٌ سريعة؛ قال الشمَّاخ:
فأَضْحَت بصَحْراء البَسِيطةِ عاصفاً،
تُوالي الحَصى سُمْرَ العُجاياتِ مُجْمِرَا
وتُجْمَعُ الناقةُ العَصوفُ عُصُفاً؛ قال رؤبة:
بعُصُفِ المَرِّ خِماصِ الأَقْصابْ
يعني الأَمعاء. وقال النضر: إعْصافُ الإبل اسْتِدارتها حول البِئر
حِرْصاً على الماء وهي تطحنُ التراب حوله وتُثِيره. ونَعامة عَصُوفٌ: سريعة،
وكذلك الناقة، وهي التي تَعْصِفُ براكبها فتَمضي به.
والإعصاف: الإهْلاك. وأَعْصَف الرجلُ: هلَك. والحَرب تَعْصِف بالقوم:
تَذهَب بهم وتُهْلِكُهم؛ قال الأَعشى:
في فَيْلَقٍ جَأْواء مَلْمُومةٍ
تَعْصِف بالدَّارِعِ والحاسِر
أَي تُهْلِكهما. وأَعصَف الرجلُ: جار عن الطريق. قال المُفَضَّل: إذا
رمى الرجل غَرَضاً فصاف نبلُه قيل إن سهمك لعاصِفٌ، قال: وكلُّ مائل
عاصِفٌ؛ وقال كثِّير:
فَمَرّت بلَيْلٍ، وهي شَدْفاء عاصِفٌ
بمُنْخَرَقِ الدَّوداة، مَرَّ الخَفَيدَدِ
(* قوله «الدوداة» كذا بالأصل مضبوطاً ومثله شرح القاموس، وهي الجلبة
والأرجوحة كما في القاموس وغيره. وفي معجم ياقوت: الدوداء، بالمدّ، موضع
قرب المدينة ا هـ. وشكلت الدوداء فيه بالضم.)
قال اللحياني: هو يَعْصِفُ ويَعْتَصِفُ ويَصْرِفُ ويَصْطَرِف أَي يكسب.
وعَصَفَ يَعْصِفُ عَصْفاً واعتصَف: كسَب وطلَب واحْتالَ، وقيل: هو
كَسْبُه لأَهله. والعَصْفُ: الكسب؛ ومنه قول العجاج:
قد يَكْسِبُ المالَ الهِدانُ الجافي،
بغَير ما عَصْفٍ ولا اصْطِرافِ
والعُصُوفُ: الكَدُّ
(* قوله «والعصوف الكد» عبارة القاموس وشرحه: قال
ابن الاعرابي: العصوف الكدرة، هكذا في سائر النسخ، وفي العباب: الكدر، وفي
اللسان: الكد.). والعُصوفُ: الخُمور.
لحق: اللَّحْقُ واللُّحُوق والإلْحاقُ: الإدراك. لَحِقَ الشيءَ
وأَلْحَقَهُ وكذلك لَحِقَ به وأَلْحَقَ لَحاقاً، بالفتح، أي أدركه؛ قال ابن بري:
شاهده لأبي دواد:
فأَلْحَقَهُ، وهو سَاطٍ بها،
كما تُلْحِقُ القوسُ سَهْمَ الغَرَبْ
واللَّحاقُ: مصدر لَحِقَ يَلْحَقُ لَحاقاً. وفي القنوت: إن عذابك
بالكافرين مُلْحِقٌ بمعنى لاحِق، ومنهم من يقول إن عذابك بالكافرين مُلْحَقٌ؛
قال الجوهري: والفتح أَيضاً صواب؛ قال ابن الأَثير: الرواية بكسر الحاء،
أَي من نزل به عذابُك أَلْحَقَهُ بالكفار، وقيل: هو بمعنى لاحق لغة في
لَحِقَ. يقال: لَحِقْتُه وأَلْحَقْته بمعنىً كتَبعتْه وأَتْبَعْته، ويروي
بفتح الحاء على المفعول أي إن عذابك مُلْحَقٌ بالكفار ويصابون به، وفي دعاء
زيارة القبور: وإنا إن شاء الله بكم لاحِقُونَ؛ قيل: معناه إذا شاء
الله، وقيل: إن شرطية والمعنى لاحقُونَ بكم في الموافاة على الإيمان، وقيل:
هو على التَّبَرّي والتفويض كقوله تعالى: لتدْخُلُنَّ المسجد الحرام إن
شاء الله آمنين، وقيل: هو على التأَدب كقوله تعالى: ولا تقولَنَّ لشي إني
فاعل ذلك غداً إلا أَن يشاء الله. وأَلْحَقَ فلانٌ فلاناً وألْحَقَهُ به،
كلاهما: جعله مُلْحَقَهُ. وتَلاحَقَ القوم: أَدرك بعضهم بعضاً. وتلاحَقَت
الرِّكاب والمَطايا أَي لَحِقَ بعضُها بعضاً؛ وأَنشد:
أقولُ، وقد تَلاحَقَت المَطايا:
كَفاك القَوْل إن عَلَيكَ عَيْنا
كفاك القول أَي ارْفُقْ وأَمسك عن القول. ولَحِقْتُه وأَلْحَقْتُه بمعنى
واحد.
الأَزهري: واللَّحَقُ ما يُلْحَقُ بالكتاب بعد الفراغ منه فتُلْحِق به
ما سقط عنه ويجمع أَلْحاقاً، وإن خْقّف فقيل لَحْق كان جائزاً. الجوهري:
اللّحَقُ، بالتحريك، شيء يُلْحَقُ بالأول. وقوس لُحُقٌ ومِلْحاق: سريعة
السهم لا تريد شيئاً إلا لَحِقتْه. وناقة مِلْحَاق: تَلْحَقُ الإبل فلا
تكاد الإبل تفوتها في السير؛ قال رؤبة:
فهي ضَروُحُ الرَّكْض مِلْحاق اللَّحق
واللَّحَقُ: كل شيء لَحِقَ شيئاً أَو لُحِقَ به من الحيوان والنبات وحمل
النخل، وقيل: اللَّحَقُ في النَّخل أَن تُرْطب وتُتَمّر ثم يخرج في بطنه
شيء يكون أَخضر قلما يُرْطب حتى يدركه الشتاء فيُسْقطه المطر، وقد يكون
نحو ذلك في الكَرْم يسمى لَحَقَاً؛ وقد قال الطرماح في مثل ذلك يصف نخلة
أَثْلَعت بعد يَنْع ما كان خرج منها في وقته فقال:
أَلْحَقَتْ ما اسْتَلْعَبَتْ بالذي
قد أَنى، إذْ حانَ حينُ الصِّرام
أَي أَلحقت طَلْعاً غَريضاً كأَنها لعبت به إذ أَطلعته في غير حينه،
وذلك أن النخلة إنما تُطْلِعُ في الربيع فإذا أَخرجت في آخر الصيف ما لا
يكون له يَنْعٌ فكأَنها غير جادّة فيما أَطْلَعَتْ. واللَّحَق أَيضاً من
الثمر: الذي يأْتي بعد الأَول، وكل ثمرة تجيء بعد ثمرة، فهي لَحَقٌ، والجمع
أَلْحاق؛ حكاه أَبو حنيفة. وقد أَلْحَقَ الشجر؛ واللَّحَقُ أَيضاً من
الناس كذلك: قوم يَلْحَقُون بقوم بعد مضيهم؛ قال:
يُغْنِيكَ عن بُصْرى وعن أَبوابها،
وعن حِصارِ الرّومِ واغْتِرابها
ولَحَقٍ يَلْحَق من أَعرابها،
تحت لِواء الموت أَو عُقَابِها
قال الأَزهري: يجوز أَن يكون اللَّحَقُ مصدراً لِلَحِقَ، ويجوز أَن يكون
جمعاً للاحِقٍ كما يقال خادم وخَدَم وعاش وعسَسَ. ولَحَقُ الغنم:
أَولادها التي كادت تَلْحَقُ بها. واللَّحَقُ: الشيء الزائد؛ قال ابن
عيينة:كأَنَّهُ بين أَسْطُرٍ لَحَقُ
والجمع كالجمع: واللَّحقُ: الزرع العِذْي وهو ما سقته السماء، وجمعه
الأَلحاقُ. الكسائي: يقال زرعوا الأَلْحاقَ، والواحد لَحَقٌ، وذلك أَن
الوادي يَنْضُب فيُلْقــي البَذْر في كل موضع نضَبَ عنه الماء فيقال:
اسْتَلْحَقُوا إذا زرعوا. وقال ابن الأَعرابي: اللَّحَقُ أَن يزرع القوم في جانب
الوادي؛ يقال: قد زرعوا الأَلْحاقَ.
ولَحِق لُحُوقاً أَي ضَمُر. الأَزهري: فرس لاحقُ الأَيْطَلِ من خيل
لُحْق الأَياطل إذا ضُمّرت؛ وفي قصيد كعب:
تَخْدي على يَسَراتٍ، وهي لاحقةٌ،
ذوابلٌ وقْعُهُنَّ الأَرْضَ تَحليلُ
اللاحِقةُ: الضامرة.والمُلْحَقُ: الدَّعِيّ المُلْصَق. واسْتَلْحَقَه
أَي ادعاه. الأَزهري عن الليث: اللَّحَقُ الدعيّ المُوصَل بغير أَبيه؛ قال
الأَزهري: سمعت بعضهم يقول له المُلْحَق. وفي حديث عمرو بن شعيب: أن
النبي، صلى الله عليه وسلم، قضى أَن كل مُسْتَلْحَق اسْتُلْحِقَ بعد أَبيه
الذي يُدْعى له فقد لَحِق بمن اسْتَلْحَقه؛ قال ابن الأَثير: قال الخطابي
هذه أحكام وقعت في أَول زمان الشريعة، وذلك أَنه كان لأَهل الجاهلية إماء
بغايا، وكان سادتهن يُلِمُّونَ بهن، فإذا جاءت إحداهن بولد ربما ادّعاه
السيد والزاني، فأَلحقه النبي، صلى الله عليه وسلم، بالسيد لأن الأَمة
فراش كالحرَّة، فإن مات السيد ولم يَسْتَلْحِقُهُ ثم اسْتَلْحَقَهُ ورثته
بعده لَحِق بأَبيه، وفي ميراثه خلاف. ولاحِقٌ: اسم فرس معروف من خيل
العرب؛ قال النابغة:
فيهم بنات الأَعْوَجِيّ ولاحِقٍ،
وُرْقاً مَراكِلُها من المِضْمارِ
وفي الصحاح: ولاحِق اسم فرس كان لمعاوية بن أَبي سفيان.
عسل: قال الله عز وجل: وأَنهارٌ من عَسَل مُصَفى؛ العَسَلُ في الدنيا هو
لُعاب النَّحْل وقد جعله الله تعالى بلطفه شِفاءً للناس، والعرب
تُذَكِّر العَسَل وتُؤنِّثه، وتذكيره لغة معروفة والتأْنيث أَكثر؛ قال
الشماخ:كأَنَّ عُيونَ الناظِرِين يَشُوقُها
بها عَسَلٌ، طابت يدا من يَشُورُها
بها أَي بهذه المرأَة كأَنه قال: يَشُوقُها بِشَوْقِها إِيَّاها عَسَلٌ؛
الواحدة عَسَلةٌ، جاؤوا بالهاء لإِرادة الطائفة كقولهم لَحْمة ولبَنَة؛
وحكى أَبو حنيفة في جمعه أَعْسال وعُسُلٌ وعُسْلٌ وعُسُولٌ وعُسْلانٌ،
وذلك إِذا أَردت أَنواعه؛ وأَنشد أَبو حنيفة:
بَيْضاءُ من عُسْلِ ذِرْوَةٍ ضَرَبٌ،
شِيبَتْ بماء القِلاتِ من عَرِم
القِلاتُ: جمع قَلْتٍ، والعَرِمُ: جمع عَرِمة، وهي الصُّخور تُرْصَف
ويُقْطَع بها الوادي عَرْضاً لتكون رَدّاً للسَّيْل. وقد عَسَّلَتِ النَّحْل
تعسيلاً. والعَسَّالة: الشُّورة التي تَتَّخِذ فيها النَّحْلُ العَسَلَ
من راقُودٍ وغيره فتُعَسِّل فيه. والعَسَّالة والعاسِلُ: الذي يَشْتارُ
العَسَلَ من موضعه ويأْخُذه من الخَلِيَّة؛ قال لبيد:
بأَشْهَبَ من أَبكارِ مُزْنِ سَحابة،
وأَرْيِ دُبُورٍ شارَهُ النَّحْلَ عاسِلُ
أَراد شارَه من النَّحْل فعدّى بحذف الوَسِيط كاخْتارَ مُوسى قومَه
سَبْعِين رَجُلاً. ومَكانٌ عاسِلٌ: فيه عَسَلٌ؛ وقول أَبي ذؤيب:
تَنَمَّى بها اليَعْسُوبُ حَتَّى أَقَرَّها
إِلى مَأْلَفٍ، رَحْبِ المَباءةِ، عاسِلِ
إِنما هو على النَّسَب أَي ذي عَسَلٍ، والعرب تُسَمِّي صَمْغَ العُرْفُط
عَسَلاً لحلاوته، وتقول للحديث الحُلْو: مَعْسُولٌ. واستعار أَبو حنيفة
العَسَلَ لِدِبْس الرُّطَب فقال: الصَّقْرُ عَسَلُ الرُّطَب وهو ما سال
من سُلافَتِه، وهو حُلْوٌ بمَرَّةٍ، وعَسَلُ النَّحْل هو المنفرد بالاسم
دون ما سواه من الحُلْو المسمَّى به على التشبيه.
وعَسَلَ الشيءَ يَعْسِلُه ويَعْسُله عَسْلاً وعَسَّله: خَلَطَه بالعَسَل
وطَيّبه وحَلاَّه. وعَسَّلْتُ الرجُلَ: جَعَلْتُ أُدْمَه العَسَل.
واسْتَعْسَلَ القومُ: اسْتَوْهَبوا العَسَل. وعَسَّلْتُ القومَ: زوَّدتهم
إِيَّاه. وعَسَلْتُ الطعامَ أَعْسِلُه وأَعْسُله أَي عمِلْته بالعَسَل.
وزَنْجَبِيل مُعَسَّل أَي مَعْمول بالعَسَل؛ قال ابن بري: ومنه قول
الشاعر:إِذا أَخَذَتْ مِسْواكَها مَنَحَتْ به
رُضاباً، كطَعْم الزَّنْجَبِيل المُعَسَّل
وفي الحديث في الرجل يُطَلِّق امرأَته ثم تَنْكِح زوجاً غيره: فإِن
طَلَّقها الثاني لم تَحِلَّ للأَوَّل حتى يَذُوقَ من عُسَيْلَتِها وتَذُوقَ
من عُسَيْلَته، يعني الجِماع على المَثَل. وقال النبي، صلى الله عليه
وسلم، لامرأَة رِفاعة القُرَظِيِّ، وقد سأَلَتْه عن زوج تَزَوَّجَتْه
لِتَرْجِع به إِلى زَوْجِها الأَوَّل الذي طَلَّقها، فلم يَنْتَشِرْ ذَكَرُه
للإِيلاج فقال له: أَتُرِيدينَ أَن تَرْجِعي إِلى رِفاعة؟ لا، حَتَّى
تَذُوقي عُسَيْلَتَه ويَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ، يعني جِماعَها لأَن الجِماع هو
المُسْتَحْلى من المرأَة، شَبَّهَ لَذَّة الجماع بذَوْق العَسَل فاستعار لها
ذَوْقاً؛ وقالوا لكُلِّ ما اسْتَحْلَوْا عَسَلٌ ومَعْسول، على أَنه
يُسْتَحْلى اسْتِحْلاء العَسَل، وقيل في قوله: حتى تَذُوقي عُسَيْلَته ويَذوق
عُسَيْلَتَك، إِنَّ العُسَيْلة ماء الرجل، والنُّطْفَةُ تُسَمَّى
العُسَيْلة؛ وقال الأَزهري: العُسَيْلة في هذا الحديث كناية عن حَلاوة الجِماع
الذي يكون بتغييب الحَشَفة في فرج المرأَة، ولا يكون ذَواقُ
العُسَيْلَتَيْن معاً إِلا بالتغييب وإِن لم يُنْزِلا، ولذلك اشترط عُسَيْلَتهما
وأَنَّثَ العُسَيْلة لأَنه شَبَّهها بقِطْعة من العَسَل؛ قال ابن الأَثير:
ومن صَغَّرَه مؤنثاً قال عُسَيْلة كَقُوَيْسة وشُمَيْسة، قال: وإِنما
صَغَّرَه إِشارة إِلى القدر القليل الذي يحصل به الحِلُّ.
ويقال: عَسَلْت من طَعامه عَسَلاً أَي ذُقْت. وعَسَلَ المرأَةَ
يَعْسِلُها عَسْلاً: نكَحها، فإِمَّا أَن تكون مشتقَّة من قوله حتى تَذُوقي
عُسَيْلته ويَذُوق عُسَيْلتك، وإِمَّا أَن تكون لفظَةً مُرْتَجَلَة على حِدَة،
قال ابن سيده: وعندي أَنها مشتقة.
والمَعْسُلة
(* قوله «والمعسلة» هكذا ضبط في الأصل وفي موضعين من المحكم
بضم السين وعليه علامة الصحة، ووزنه في القاموس بمرحلة) الخَلِيَّة؛
يقال: قَطَفَ فلان مَعْسُلَتَه إِذا أَخذ ما هنالك من العَسَل، وخَلِيَّة
عاسِلةٌ، والنَّحْل عَسَّالة.
وما أَعرف له مَضْرِبَ عَسَلة: يعني أَعْراقَه؛ ويقال: ما لِفُلان
مضرِبُ عَسَلَة يعني من النسب، لا يستعملان إِلاَّ في النفي؛ وقيل: أَصل ذلك
في شَوْر العَسَل ثم صار مثلاً للأَصل والنسب.
وعَسَلُ اللُّبْنى: شيءٌ يَنْضَحُ من شَجَرِها يُشْبِه العَسَل لا
حَلاوة له. وعَسَلُ الرِّمْث: شيء أَبيض يخرج منه كأَنَّه الجُمَان. وعَسَلَ
الرجُلَ: طَيَّب الثناءَ عليه؛ عن ابن الأَعرابي، وهو من العَسَل لأَن
سامِعَه يَلَذُّ بِطيبِ ذِكْرِه. والعَسَلُ: طِيبُ الثناء على الرجل. وفي
الحديث: إِذا أَراد الله بعبد خيراً عَسَلَه في الناس أَي طَيَّب ثَناءه
فيهم؛ وروي أَنه قيل لرسول الله، صلى الله عليه وسلم: ما عَسَلَه؟ فقال:
يَفْتَح له عَمَلاً صالحاً بين يَدَيْ موته حتى يَرْضى عنه مَنْ حَوْلَه
أَي جَعَل له من العمل الصالح ثناء طَيِّباً، شَبَّه ما رَزَقَه اللهُ من
العمل الصالح الذي طاب به ذِكْرُه بين قومه بالعَسَل الذي يُجْعَل في
الطعام فَيَحْلَوْلي به ويَطِيب، وهذا مَثَلٌ، أَي وفَّقَه الله لعمل صالح
يُتْحِفه كما يُتْحِف الرجل أَخاه إِذا أَطعمه العَسَل.
ويقال: لَبَنَهُ ولَحَمه وعَسَلَهُ إِذا أَطعمه اللبن واللحم والعَسَل.
والعُسُلُ: الرجال الصالحون، قال: وهو جمع عاسِلٍ وعَسُول، قال: وهو مما
جاء على لفظ فاعل وهو مفعول به، قال الأَزهري: كأَنه أَراد رجل عاسِلٌ
ذو عَسَل أَي ذو عَمَلٍ صالِحٍ الثَّناء به عليه يُسْتَحْلى كالعَسَل.
وجارية مَعْسُولة الكلام إِذا كانت حُلْوة المَنْطِق مَلِيحة اللفظ طَيِّبة
النَّغْمة. وعَسَلَ الرُّمْحُ يَعْسِلُ عَسْلاً وعُسُولاً وعَسَلاناً:
اشْتَدَّ اهتزازُه واضْطَرَب. ورُمْحٌ عَسَّالٌ وعَسُولٌ: عاسِلٌ
مُضْطَرِبٌ لَدْنٌ، وهو العاتِرُ وقد عَتَرَ وعَسَلَ؛ قال:
بكُلِّ عَسَّالٍ إِذا هُزَّ عَتَر
وقال أَوس:
تَقاكَ بكَعْبٍ واحدٍ وتَلَذُّه
يَداكَ، إِذا ما هُزَّ بالكَفِّ يَعْسِلُ
والعَسَلُ والعَسَلانُ: أَن يَضْطَرِم الفرسُ في عَدْوِه فيَخْفِق
برأْسه ويَطَّرِد مَتْنُه. وعَسَل الذِّئْبُ والثعلبُ يَعْسِلُ عَسَلاً
وعَسَلاناً: مَضَى مُسْرِعاً واضْطَرب في عَدْوِه وهَزَّ رأْسَه؛ قال:
واللهِ لولا وَجَعٌ في العُرْقُوب،
لكُنْتُ أَبْقَى عَسَلاً من الذِّيب
استعاره للإِنسان؛ وقال لبيد:
عَسَلانَ الذِّئْب أَمْسَى قارِباً،
بَرَدَ اللَّيْلُ عليه فنَسَل
وقيل: هو للنابغة الجعدي، والذئب عاسِلٌ، والجمع العُسَّل والعَواسِل؛
وقول ساعدة بن جُؤَيَّة:
لَدْنٌ بِهَزِّ الكَفِّ يَعْسِلُ مَتْنُه
فيه، كما عَسَلَ الطَّريقَ الثَّعْلَبُ
أَراد عَسَلَ في الطريق فحذف وأَوْصل، كقولهم دَخَلْتُ البيت، ويروى
لَذٌّ. والعَسَلُ حَبابُ الماء إِذا جَرَى من هُبوب الرِّيح. وعَسَلَ الماءُ
عَسَلاً وعَسَلاناً: حَرَّكَتْه الريحُ فاضْطَرَب وارْتَفَعَتْ حُبُكُه؛
أَنشد ثعلب:
قد صبَّحَتْ والظِّلُّ غَضٌّ ما زَحَل
حَوْضاً، كأَنَّ ماءه إِذا عَسَل
من نافِضِ الرِّيحِ، رُوَيْزِيٌّ سَمَل
الرُّوَيْزِيُّ: الطَّيْلَسانُ، والسَّمَل: الخَلَق، وإِنما شَبَّه
الماءَ في صَفائه بخُضْرة الطَّيْلَسان وجعله سَمَلاً لأَن الشيء إِذا
أَخْلَق كان لونُه أَعْتَق. وعَسَلَ الدَّليلُ بالمَفازة: أَسرع.
والعَنْسَل: الناقةُ السريعة، ذهب سيبويه إِلى أَنه من العَسَلانِ. وقال
محمد بن حبيب: قالوا للعَنْس عَنْسَل، فذهب إِلى أَن اللام من عَنْسَل
زائدة، وأَن وزن الكلمة فَعْلَلٌ واللام الأَخيرة زائدة؛ قال ابن جني: وقد
تَرَك في هذا القول مذهب سيبويه الذي عليه ينبغي أَن يكون العمل، وذلك
أَن عَنْسَل فَنْعَلٌ من العَسَلانِ الذي هو عَدْوُ الذئب، والذي ذهب
إِليه سيبويه هو القول، لأَن زيادة النون ثانيةً أَكثر من زيادة اللام، أَلا
ترى إِلى كثرة باب قَنْبَر وعُنْصُل وقِنْفَخْرٍ وقِنْعاس وقلة باب ذلِك
وأُولالِك؟ قال الأَعشى:
وقد أَقْطَعُ الجَوْزَ، جَوْزَ الفَلا،
ةِ بالحُرَّةِ البازِلِ العَنْسَل
والنون زائدة. ويقال: فلان أَخْبَثُ من أَبي عِسْلة ومن أَبي رِعْلة ومن
أَبي سِلْعامَة ومن أَبي مُعْطة، كُلُّه الذِّئب.
ورَجُلٌ عَسِلٌ: شديد الضَّرْب سَرِيعُ رَجْعِ اليد بالضَّرْب؛ قال
الشاعر:
تَمْشِي مُوالِيةً، والنَّفْس تُنْذِرُها
مع الوَبِيلِ، بكَفِّ الأَهْوَجِ العَسِل
والعَسِيلُ: مِكْنَسة الطِّيب، وهي مِكْنَسَة شَعَرٍ يَكْنِس بها
العطَّارُ بَلاطَه من العِطْر؛ قال:
فَرِشْني بخَيْرٍ، لا أَكونُ ومِدْحَتي
كَناحِتِ، يوماً، صَخْرةٍ بِعَسِيل
فَصَلَ بين المضاف والمضاف إِليه بالظرف
(* قوله «فصل بين المضاف
والمضاف إليه بالظرف» هذه عبارة المحكم وضبط صخرة فيه بالجر. وقوله «أراد إلخ»
هذه عبارة التهذيب وضبط صخرة فيه بالنصب وعليه يتم تمثيله ببيت أبي
الأسود فهما روايتان في البيت كما لا يخفى، وقوله بعد «وقيل أراد لا أكونن»
لعله سقط قبل هذا ما يحسن العطف عليه، وفي التهذيب والصحاح: لا أكونن، بنون
التوكيد) ؛ أَراد كناحِتٍ صَخْرةً يوماً بعَسِيلٍ، هكذا أُنشد عن
الفراء؛ ومثله قول أَبي الأَسود:
فأَلْفَيْتُه غَيْرَ مُسْتَعْتِبٍ،
ولا ذاكِرِ اللهَ إِلا قليلا
أَراد: ولا ذاكِرٍ اللهَ؛ وأَنشد الفراء أَيضاً:
رُبَّ ابْن عَمٍّ لسُلَيْمَى مُشْمَعِلْ،
طَبَّاخِ ساعاتِ الكَرَى زادَ الكَسِلْ
وقيل: أَراد لا أَكونَنْ ومِدْحَتي.
والعَسيل: الرِّيشة التي تُقْلَع بها الغالِية، وجمعها عُسُلٌ.
وإِنه لَعِسْلٌ من أَعْسالِ المالِ أَي حَسَنُ الرِّعية له، يقال عِسْلُ
مالٍ كقولك إِزاء مالٍ وخالُ مالٍ أَي مُصْلح مالٍ. والعَسيل: قَضيب
الفيل، وجمعه عُسُلٌ. والعَسَلُ والعَسَلانُ: الخبَب. وفي حديث عمر: أَنه
قال لعمرو بن مَعْدِيكَرِب: كَذَبَ، عليْك العَسَلَ أَي عليْك بسُرْعة
المَشْي؛ هو من العَسَلان مَشْيِ الذئب واهتزاز الرمح، وعَسَلَ بالشيء
عُسُولاً.
ويقال: بَسْلاً له وعَسْلاً، وهو اللَّحْيُ في المَلام. وعَسَلِيُّ
اليهودِ: علامَتُهم. وابن عَسَلة: من شعرائهم؛ قال ابن الأَعرابي: وهو
عَبْدالمَسيح بن عَسَلة. وعاسِلُ بن غُزَيَّة: من شُعَراء هُذَيل. وبَنُو
عِسْلٍ: قَبيلةٌ يزعمون أَن أُمَّهم السِّعْلاة. وقال الأَزهري في ترجمة
عسم: قال وذكر أَعرابي
(* قوله «قال وذكر أعرابي» القائل هو النضر بن شميل
كما يؤخذ من التهذيب) أَمَةً فقال: هي لنا وكُلُّ ضَرْبَةٍ لها من
عَسَلةٍ؛ قال: العَسَلة النَّسْل.
عطن: العَطَنُ للإِبل: كالوَطَنِ للناس، وقد غَلَبَ على مَبْرَكِها حولَ
الحوض، والمَعْطَنُ كذلك، والجمع أَعْطانٌ. وعَطَنتِ الإِبلُ عن الماءِ
تَعْطِنُ وتعْطُنُ عُطُوناً، فهي عَواطِنُ وعُطُونٌ إذا رَوِيَتْ ثم
بَرَكتْ، فهي إِبل عاطنة وعَوَاطن، ولا يقال إِبل عُطّانٌ. وعَطَّنتْ أَيضاً
وأَعْطَنَها: سقاها ثم أَناخها وحبسها عند الماء فبركت بعد الورود لتعود
فتشرب؛ قال لبيد:
عافَتا الماءَ فلم نُعْطِنْهما،
إنما يُعْطِنُ أَصحابُ العَلَلْ.
والاسم العَطَنةُ. وأَعْطَنَ القومُ: عَطَنتْ إِبلُهم. وقوم عُطّانٌ
وعُطُونٌ وعَطَنةٌ وعاطِنونَ إذا نزلوا في أَعْطان الإِبل. وفي حديث الرؤيا:
رَأَيْتُني أَنْزِعُ على قَلِيب فجاءَ أَبو بكر فاسْتَقَى وفي نَزْعِه
ضعْفٌ والله يغفر له، فجاءَ عمر فَنَزَعَ فاسْتحالَتِ الدَّلْوُ في يده
غَرْباً، فأَرْوَى الظَّمِئةَ حتى ضَرَبَتْ بعَطَنٍ؛ يقال: ضربت الإِبلُ
بعطَنٍ إذا رَوِيَتْ ثمَّ بَرَكَتْ حول الماء، أَو عند الحياض، لتُعادَ إلى
الشرب مرة أُخرى لتشرب عَلَلاً بعد نَهَلٍ، فإذا استوفت ردَّت إلى
المراعي والأَظْماءِ؛ ضَرَب ذلكَ مثلاً لاتساع الناس في زمن عمر وما فتح عليهم
من الأَمصار. وفي حديث الاستِسقَاء: فما مضت سابعة حتى أَعْطَنَ الناسُ
في العُشْب؛ أَراد أَن المطر طَبَّقَ وعَمَّ البُطونَ والظُّهورَ حتى
أَعْطَنَ الناسُ إِبلَهم في المراعي؛ ومنه حديث أُسامة: وقد عَطَّنُوا
مَواشِيَهُم أَي أراحوها؛ سُمِّي المُراحُ، وهو مأْواها، عَطَناً؛ ومنه
الحديث: اسْتَوْصُوا بالمِعْزَى خيراً وانْقُشُوا له عَطَنَه أَي مُرَاحَه.
وقال الليث: كل مَبْرَكٍ يكون مَأْلَفاً للإِبل فهو عَطَنٌ له بمنزلة
الوَطَن للغنم والبقر، قال: ومعنى مَعاطِنِ الإِبل في الحديث مواضعُها؛ وأَنشد:
ولا تُكَلِّفُني نَفْسي، ولا هَلَعِي،
حِرْصاً أُقِيمُ به في مَعْطَنِ الهُونِ.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه نهى عن الصَّلاة في أَعْطان
الإِبل. وفي الحديث: صَلُّوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أَعْطان الإِبل؛
قال ابن الأَثير: لم ينه عن الصلاة فيها من جهة النجاسة فإِنها موجودة في
مرابض الغنم، وقد أَمر بالصلاة فيها والصلاة مع النجاسة لا تجوز، وإنما
أَراد أَن الإِبل تَزْدَحِمُ في المَنْهَل، فإِذا شربت رفعت رؤُوسها، ولا
يُؤْمَنُ من نِفارها وتَفَرُّقها في ذلك الموضع، فتُؤْذي المُصَلِّيَ
عندها أَو تُلْهيه عن صلاته أَو تنجسه برَشَاشِ أَبوالها. قال الأَزهري:
أَعْطان الإِبل ومَعاطِنُها لا تكون إلاَّ مَبارِكَها على الماء، وإِنما
تُعْطِنُ العربُ الإِبلَ على الماءِ حين تَطْلُع الثُّرَيَّا ويرجع الناس
من النُّجَعِ إلى المَحاضِرِ، وإنما يُعْطِنُونَ النِّعَم يوم وِرْدِها،
فلا يزالون كذلك إلى وقت مَطْلَع سُهَيْل في الخريف، ثم لا يُعْطِنُونها
بعد ذلك، ولكنها تَرِدُ الماءَ فتشرب شَرْبَتها وتَصْدُر من فورها؛ وقول
أَبي محمد الحَذلَمِيّ:
وعَطَّنَ الذِّبَّانُ في قَمْقَامِها.
لم يفسره ثعلب، وقد يجوز أَن يكون عَطَّنَ اتخذ عَطَناً كقولك: عَشَّش
الطائر اتخذ عُشّاً. والعُطُونُ: أَن تُراحَ الناقة بعد شربها ثم يعرض
عليها الماء ثانية، وقيل: هو إذا رَويَتْ ثمَّ بَرَكَتْ؛ قال كعب بن زهير
يصف الحُمُرَ:
ويَشْرَبْنَ من بارِدٍ قد عَلِمْنَ
بأَن لا دِخَالَ، وأَنْ لا عُطونا.
وقد ضَرَبَتْ بعَطَنٍ أَي بَرَكَتْ؛ وقال عُمَرُ ابن لَجَأٍ:
تَمْشِي إلى رِوَاءِ عاطِنَاتِها.
قال ابن السكيت: وتقول هذا عَطَنُ الغَنم ومَعطِنُها لمَرابضها حولَ
الماء. وأَعْطَنَ الرجلُ بعيرَه: وذلك إذا لم يشرب فَرَدَّه إلى العَطَن
ينتظر به؛ قال لبيد:
فَهَرَقْنا لهما في دَاثِرٍ،
لضَواحِيه نَشِيشٌ بالبَلَلْ
راسِخ الدِّمْنِ على أَعضادِهِ،
ثَلَمَتْهُ كُلُّ رِيحٍ وسبَلْ
عافَتا الماءَ فلم نُعْطِنْهما،
إنما يُعْطِنُ من يَرْجُو العَلَلْ.
ورجل رَحْبُ العَطَنِ وواسع العَطَن أَي رَحْبُ الذِّراعِ كثير المال
واسع الرَّحْل. والعَطَنُ: العِرْضُ؛ وأَنشد شَمِرٌ لعَدِيِّ بن زيد:
طاهِرُ الأَثوابِ يَحْمِي عِرْضَه
من خَنَى الذِّمَّةِ، أَو طَمثِ العَطَنْ.
الطَّمْث: الفَسادُ. والعَطَنُ: العِرْض، ويقال: منزله وناحيته. وعَطِنَ
الجلد، بالكسر، يَعْطَنُ عَطَناً، فهو عَطِنٌ وانْعَطَنَ: وُضِعَ في
الدباغ وتُرِكَ حتى فَسَدَ وأَنْتَنَ، وقيل: هو أَن يُنضح عليه الماء
ويُلَفَّ ويدفن يوماً وليلة ليسترخي صوفه أَو شعره فينتف ويلقى بعد ذلك في
الدباغ، وهو حينئذ أَنتن ما يكون، وقيل: العَطْنُ، بسكون الطاء، في الجلد أَن
تُؤخذ غَلْقَةٌ، وهو نبت، أَو فَرْثٌ أَو مِلْحٌ فيلقــى الجلد فيه حتى
يُنْتِنَ ثمَّ يُلْقَى بعد ذلك في الدِّباغ، والذي ذكره الجوهري في هذا
الموضع قال: أَن يؤْخذ الغَلْقَى فيلقــى الجلد فيه ويُغَمَّ لينفسخ صوفه
ويسترخي، ثم يلقى في الدباغ. قال ابن بري: قال علي بن حمزة الغَلْقَى لا
يُعْطَنُ به الجلد، وإنما يعطن بالغَلْقَة نبتٍ معروف. وفي حديث علي، كرم
الله وجهه: أَخذت إِهاباً مَعْطُوناً فأَدخلته عُنُقي؛ المَعْطُون:
المُنْتِنُ المَنْمَرِقُ الشعرِ، وفي حديث عمر، رضي الله عنه: دخل على النبي، صلى
الله عليه وسلم، وفي البيت أُهُبٌ عَطِنة؛ قال أَبو عبيد: العَطِنَةُ
المُنْتِنة الريح. ويقال للرجل الذي يُسْتَقْذَر: ما هو إلاَّ عَطِنَةٌ من
نَتْنِه. قال أَبو زيد: عَطِنَ الأَديمُ إذا أَنتن وسقط صوفه في
العَطْنِ، والعَطْنُ: أَن يُجْعَلَ في الدباغ. وقال أَبو زيد: موضع العَطْنِ
العَطَنَةُ. وقال أَبو حنيفة: انْعَطَنَ الجلد استرخى شعره وصوفه من غير أَن
يَفْسُدَ، وعَطَنه يَعْطُنُه عَطْناً، فهو مَعْطُون وعَطِين، وعَطَّنه:
فَعَل به ذلك. والعِطَانُ: فَرْثٌ أَو ملح يجعل في الإهاب كيلا يُنْتِنَ.
ورجل عَطِينٌ: مُنْتِنُ البشرة. ويقال: إنما هو عَطِينة إذا ذُمَّ في
أَمر أَي مُنْتِنٌ كالإِهابِ المَعْطُون.