خَضع
خَضَعَ للهِ عَزَّ وجَلَّ، كَمَنَعَ، يَخْضَعُ خُضُوعاً: ذَلَّ وتَطامَنَ وتَوَاضَع ومِنْهُ قَوْلُه تَعَالَى: فظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ، أَيْ مُنْقَادِينَ. وفِي إِتْيَانِ خاضِعينَ مَعَ ذِكْرِ الأَعْنَاقِ كَلامٌ وَاسِعٌ لِلْعُلَمَاءِ كأَبِي عَمْروٍ، والكِسَائِيّ، والفَرّاءِ، وجَعَلَهُ بَعْضُهُم بَدَلَ غَلَطٍ. والَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الخَلِيلُ وسِيبَوَيْه أَنَّهُ لَمّا لَمْ يَكُنِ الخُضُوعُ إِلاَّ خُضُوعَ الأَعْنَاقِ جازَ أَنْ يُخْبِرَ عَن المُضَافِ إِلَيْهِ، كاخْتَضَعَ، قالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الظَّلِيم:
(يَظَلُّ مُخْتَضعاً يَبْدُو فَتُنْكِرُهُ ... حَالاً، ويَسْطَعُ أَحْيَاناً فَيَنْتَسِبُ)
أَي مُطَأْطِئاً. ويَسْطَعُ: يَنْتَصِبُ. وخَضَعَ: سَكَنَ وانْقادَ، وأَيْضاً سَكَّنَ لازِمٌ مُتَعَدٍّ. يُقَالُ: خَضَعْتُهُ فخَضَعَ، أَي سَكَّنْتُهُ فسَكَنَ، فمِن الّلازِمِ قَوْلُه تَعالَى: فَلا تَخْضَعْنَ بالقَوْلِ أَيْ لَا تَلِنَّ، وقَالَ جَرِيرٌ فِي تَعْدِيَةِ خَضَعَ:
(أَعَدَّ اللهُ لِلشُّعَرَاءِ مِنِّي ... صَوَاعِقَ يَخْضَعُونَ لَهَا الرِّقابَا)
وخَضَعَ فُلاناً إِلَى السُّوءِ، هكَذَا فِي النسخِ، وصَوَابُهُ إِلى السَّوْأَةِ، أَيْ دَعَاهُ فَهُوَ خاضِعٌ، وكذلِكَ خَنَعَ فَهُوَ خانِعٌ، ومنهُ قَوُلُهُم: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْوذُ بِكَ مِن الخُنُوعِ والخُضُوعِ. ومِنَ المَجَازِ: خَضَعَ النَّجْمُ، أَيْ مَالَ لِلْغُرُوبِ، وَفِي الصّحاح: للمَغِيبِ. وكذلِكَ خَضَعَت الشَّمْسُ، كَمَا قِيلَ: ضَرَعَتْ وضَجَعَتْ، والنُّجُومُ خَوَاضِعُ، وضَوَارِعُ، وضَوَاجعُ، كَمَا فِي الأَسَاسِ، وقالَ ابنُ أحْمَرَ:
(تَكَادُ الشمَس تخْضَعُ حِين تَبْدو ... لَهُنَّ وَمَا وُبِدْنَ ومالُحِينا)
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة: إِذَا جَعَلَت أَيْدِي الكَوَاكِبِ تَخْضَعُ وَمن المَجَازِ: خَضَعَتِ الإِبِلُ، إِذا جَدَّتْ فِي سَيْرِهَا، وهُنَّ خَوَاضِعُ، لأَنَّهَا إِذا جَدَّت طَامَنَتْ أَعْنَاقَها، قَالَ الكُمَيْتُ:)
(خَوَاضِعُ فِي كُلِّ دَيْمُومَةٍ ... يَكَادُ الظَّلِيمُ بِهَا يَنْحَل)
وقَالَ جَرِيرٌ:
(ولَقَدْ ذَكْرْتُكِ والمَطِيُّ خَوَاضِعٌ ... وكَأَنَّهُنَّ قَطَاً فَلاةٍ مَجْهَلِ)
والخُضَعَة، كهُمَزة: مَنْ يَخْضَع لكل أَحَدٍ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ والصّاغَانِيّ. وَقَالَ أَبو عَمْروٍ: الخُضَعَةُ: نَخْلَة تَنْبُتُ من النَّواةِ، لُغَةُ بَنِي حَنِيفَةَ. والخُضَعَةُ: مَنْ يَقْهَرُ أَقْرَانَه ويُخْضِعُهُمْ ويُذِلُّهُمْ.
والخَضُوعُ، كصَبُورٍ: الخاضِع، ج: خُضُعٌ ككُتُبٍ وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لِلْفَرَزْدَقِ يَمْدَح يَزِيدَ بنَ المُهَلَّبِ:
(وإِذا الرِّجَالُ رَأَوْا يَزِيدَ رَأَيْتَهُمْ ... خَضُعَ الرِّقَابِ نَوَاكِسَ الأَبْصَارِ)
وقالَ ابنُ عَبّادٍ: الخَضُوعُ: المَرْأَةُ الَّتِي لخَوَاصِرِهَا صَوْتٌ. وقَالَ ابنُ فارِسٍ: كخَضَيعَةِ الفَرَسِ، وأَنْشَدَ لِجَنْدَلٍ: لَيْسَتْ بِسَوْدَاءَ خَضُوعِ الأَعْفَاجْ سِرْدَاحَةٍ ذَاتِ إِهَابٍ مَوَّاجْ قَالَ الصّاغَانِيّ: لَمْ أَجِدِ المَشْطُورَيْنِ فِي جِيمِيَّةِ جَنْدِلٍ المُقَيَّدَةِ. والخَضِيعَةُ كسَفِينةَ: صَوْتٌ يُسْمعُ مِن بَطْنِ الفَرَسَ إِذا جَرَى. وقالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ صَوْتُ قُنْبِ الفَرَسِ الجَوَادِ، وأَنْشَدَ لامْرِئ القَيْسِ:
(كَأَنَّ خَضِيعَةَ بَطْنِ الجَوَا ... دِ وَعْوَعَةُ الذِّئْبِ بِالفَدْفَدِ) قَالَ الجَوْهَرِيّ: وَلَا يُبْنَى مِنْهُ فِعْلٌ. وقَال غَيْرُهُ: هُوَ صَوْتُ الأَجْوَفِ مِنْهَا. وقَال أَبُو زَيْدٍ: هُوَ صَوْتٌ يَخْرُجُ مِن قُنْبِ الفَرَسِ الحِصَانِ، وَهُوَ الوَقِيبُ. وقالَ ابنُ بَرِّيّ: الخَضِيعَةُ والوَقِيبُ: الصَّوْتُ الَّذِي يُسْمَعُ مِنْ بَطْنِ الفَرَسِ وَلَا يُعْلَمُ مَا هُوَ. ويُقَالُ: هُوَ تَقَلْقُلُ مِقْلَمِ الفَرَسِ فِي قُنْبِه، ويُقَالُ لِهذَا الصَّوْتِ أَيْضاً الذُّعَاقُ، وهُوَ غَرِيبٌ. أَو الخَضِيعَتانِ: لَحْمَتَانِ مُجَوَّفَتَانِ فِي بَطْنِ الفَرَسِ يُسْمَعُ الصَّوْتُ مِنْهُمَا. نَقَلَهُ ابنُ عَبّادٍ. قالَ: والخَضِيعَةُ: صَوْتُ السَّيْلِ.
وقالَ عَلِيُّ بنُ حَمْزَةَ: الخَيْضَعَةُ، كحَيْدَرَة: اخْتِلافُ، كَذَا فِي النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا: الْتِفَافُ، وَفِي بَعْضِهَا: اخْتِلاطُ الأَصْوَاتِ فِي الحَرْبِ، وَبِه فُسِّرَ قَوْلُ لَبِيدٍ رَضِيَ الله عَنْهُ: نَحْنُ بَنُو أُمِّ البَنِينَ الأَرْبَعَهْ ونَحْنُ خَيْرُ عامِرِ بنِ صَعْصَعَهْ المُطْعِمُون الجَفْنَة المُدَعْدَعَهْ)
والضارِبُونَ الهامَ تَحْتَ الخَيْضَعَهْ وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ الشَّطْرَ الأَخِيرَ من الرَّجَزِ، وقالَ: إِنّ أَبَا عُبَيْدٍ حَكَى عَن الفَرّاءِ أَنَّهَا البَيْضَة. وَحَكَى سَلَمَةُ عَن الفَرّاءِ أَنّهُ الصَّوْتُ فِي الحَرْبِ. انْتَهَى. قُلْتُ: وقالَ أَبُو حاتِمٍ: إِنَّمَا قالَ لَبِيدُ: تَحْتَ الخَضَعَة. فزَادُوا الياءِ فِرَاراً من الزِّحافِ.
وقيلَ الخَيْضَعةُ: الغُبَارُ فِي الحَرْبِ. وقِيلَ: المَعْرَكَةُ نَفْسُهَا حَيْثُ يَخْضَع الأَقْرانُ بَعْضُهُم لِبَعْضٍ. وقَال كُرَاع: لأَنَّ الكُمَاةَ يَخْضَعُ بَعضُهَمُ لبَعْضٍ، وأَنْكَرَ عَلِيّ ُ ابنُ حَمْزَةَ أَنَ يَكُونَ المُرَادُ بالخَيْضَعَةِ فِي قُوْلِ لَبِيدٍ البَيْضَة. والأَخْضَعُ: الرّاضِي بالذُّلِّ، وَهِي خَضْعَاءُ، قالَهُ اللَّيْثُ، وأَنْشَدَ لِلْعَجّاجِ: وصِرْتُ عَبْداً للْبَعُوضِ أَخْضَعَاً تَمَصُّنِي مَصَّ الصَّبِيِّ المُرْضِعَا وكذلِكَ أَنْشَدَهُ الأَزْهَرِيُّ فِي التَّهْذِيب وابنُ فارِسٍ فِي المَقَايِيسِ. قَالَ الصّاغَانِيّ: وللْعَجَّاجِ أُرْجُوزَة عَيْنِيَّةٌ أَوْلُهَا: أَمْسَى حُمَانٌ كالرَّهِينِ مُشْرَعَاً وهِيَ اثْنَا عَشَرَ مَشْطُوراً، ولَيْسَ مَا ذَكَرَهُ اللَّيْثُ فِيها، وَلَا فِي عَيْنِيَّةِ رُؤْبَةَ الَّتِي أَوْلُهَا: هاجَتْ ومِثْلِي نَوْلُه أَنْ يَرْبَعَا وهِي مِائَتَان وثَمَانِيَةُ مَشَاطِيرَ. والأَخْضَعُ: مَنْ فِي عُنَقِه خُضُوعٌ وتَطَامُنٌ، خِلْقَةً، وَقَدْ خَضِعَ يَخْضَعُ خَضَعاً. وَقَالَ عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ: كانَ الزُّبَيْرُ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، طَوِيلاً أَزْرَقَ أَخْضَعَ أَشْعَرَ، ورُبَّمَا أَخَذْتُ وأَنا غُلامٌ بشَعرِ كَتِفَيْهِ حَتَّى أَقُومَ، تَخُطُّ رِجْلاهُ إِذا رَكِبَ الدَّابَّةَ، نُفُجَ الحَقِيبَةِ. وخَضَعَةُ الكِبَرُ خَضْعاً وخُضُوعاً وأَخْضَعَهُ: جَعَلَهُ كذلِكَ، أَيْ حَنَاهُ، فخَضَع هُوَ، وأَخْضَعَ، أَيْ انْحَنَى، قَالَهُ الزَّجَّاج. وأَخْضَعَ الرَّجُلُ: لاَنَ كَلامُهُ لِلْمَرْأَةِ، هكَذَا هُوَ فِي العُبَابِ.
وَفِي اللِّسَان: خَضَعَ الرجلُ، وأَخْضَعَ: أَلانَ كلامَه للمرأَة، وَمِنْه حديثُ عمرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَن رجلا مرَّ برجلٍ وامرأَةٍ قد خضَعا بَينهمَا حَدِيثا، فَضَربهُ حَتَّى شجَّه، فرُفع إِلى عمرَ رَضِي اللهُ عَنهُ فأَهدره، أَي لَيَّنَا بَينهمَا الحديثَ، وتكلَّما بمَا يُطْمِعُ كلاًّ مِنْهُمَا فِي الآخر كخاضَعَها. مخَاضَعَةً، إِذا خَضَع لَهَا بكَلامِهِ وخَضَعَتْ لَهُ وتطَمَّعَ فِيهَا، عَن ابْنِ الأَعْرَابِيّ.
والتَّخْضِيعُ: تَقْطِيعُ اللَّحْمِ، قالَهُ ابنُ فارِسٍ. واخْتَضَعَ الرَّجُلُ: خَضَعَ، وَقد تَقَدَّمَ هَذَا قَرِيباً،)
كاخْضَوْضَعَ، نَقَلَه الصّاغَانِيّ. واخْتَضَعَ: مَرَّ سَرِيعاً، وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيّ فِي صِفَةِ فَرَسٍ سَرِيعَةٍ:
(إِذَا اخْتَلَطَ المَسِيحُ بِهَا تَوَلَّتْ ... بسَوْمٍ بَيْنَ جَرْىٍ واخْتِضَاعِ)
يَقُولُ: إِذا عَرِقَتْ أَخْرَجَتْ أَفانِينَ جَرْيِهَا. واخْتَضَعَ الفَحْلُ النَّاقَةَ: سَانَّهَا، نَقَلَه الصّاغَانِيّ. وَفِي الأَسَاسِ: اخْتَضَعَ الفَحْلُ النَّاقَةَ بكَلْكَلِهِ: أَرادَ الضِّرَاب. وَسَمَّوْا مَخْضَعَةَ، كمَسْعَدةً.
وممّا يُسْتَدْرِكُ عَلَيْه: الخَضْعُ، كالمَنْعِ، والخُضْعانُ، بالضَّمِّك كِلاهُمَا مَصْدَرُ خَضَع يَخْضَعُ كمَنَعَ. ومِنْهُ حَدِيثُ اسْتِراقِ السَّمْعِ خُضْعاناً لقَوْلهِ وَهُوَ كُغْفْرَانٍ، ويُرْوَى بالكَسْرِ كالوِجْدَانِ، ويَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ خَاضِع، وَفِي رِوَايَةٍ: خُضَّعاً لِقَوْلِهِ: جَمْع خاضِع. والخُضَّعُ: كرُكَّعٍ: اللَّوَاتِي قَدْ خَضَعْنَ بالقَوْلِ ومِلْنَ. عَن ابْنِ الأَعْرَابِيّ، ويُقَالُ: فُرَسٌ أَخْضَعُ بَيِّنُ الخَضَع، وكَذلِكَ البَعيرُ والظَّلِيمُ والظِّبَاءُ. وأَخْضَعَتْنِي إِلَيْكَ الحَاجَةُ، نُقَلَه الجَوْهَرِيّ ولمْ يُفَسِّرْه، وَهُوَ قَوْلُ الزَّجّاج. أَرادَ: أَلْجَأَتْنِي وأَحْوَجَتِنِي. ومِنْكبٌ خَاضِعٌ وأَخْضَعَ: مُطْمَئنٌّ. ونَعَامٌ خَوَاضِعُ، وكذلِكَ الظِّبَاءُ، أَي مُمِيلاَت رُؤُوسَهَا إِلَى الأَرْضِ فِي مَرَاعِيهَا. ونَبَاتٌ خَضِعٌ، ككَتِفِ: مُتَثَنٍّ مِن النَّعْمَةِ كأَنَّهُ مُنْحَنٍ. قالَ ابنُ سِيدَه: وَهُوَ عِنْدِي علَى النَّسَبِ، لأَنَّهُ لَا فِعْلَ لَهُ يَصْلُح أَنْ يَكُون خَضِعٌ مَحْمُولاً عَلَيْه. وَمِنْه قَوْلُ أَبِي فَقْعَسٍ يَصِفُ الكَلأَ: خَضِعٌ مَضِعٌ، ضافٍ رَتِعٌ كَذا حَكَاهُ ابنُ جِنِّى.
واخْتَضَع الصَّقْرُ: طَامَنَ رَأْسَهُ للانْقِضَاضِ، نَقَلَهُ الزَّمَخْشَرِيّ.
وَفِي الصّحاح: قَوْلُهُم: سَمِعْت للسِّياط خَضْعَةً، وللسُّيُوفِ بِضَعَةً، فالخَضْعَةُ: وَقْعُ السِّيَاطِ، والبَضْعَةُ: القَطْعُ. انْتَهَى، ومِثْلُه فِي الأَسَاسِ، وَقد ضَبَطاهَما بالفَتْحِ.
وَفِي اللِّسَان: الخَضَعَةُ بالتَّحْرِيك السِّياط لانْصِبَابِهَا عَلَى مَنْ تَقَعُ عَلَيْه، وقِيلَ: الخَضْعَةُ السُّيُوفُ، ويُقَالُ: للسُّيوف خَضْعَةٌ، وَهُوَ صَوْتُ وَقْعِهَا. وقالَ ابْنُ بَرّيّ: الخَضْعَةُ: أَصْواتُ السُّيُوفِ.
والبَضْعَةُ: أَصْوَاتُ السِّيَاطِ، وقَدْ جاءِ فِي الشِّعْرِ مُحَرَّكاً، كَمَا قَالَ: أَرْبَعَةٌ وأَرْبَعَهْ اجْتَمَعا بالبَلْقَعَهْ لِمَالِكِ بنِ بَرْذَعَهْ وللسُّيُوفِ خَضَعَهْ وللسِّياطِ بَضَعَهْ) وَسَمَّوْا مَخْضَعاً، كمَقْعَدٍ.
خَضَعَ للهِ عَزَّ وجَلَّ، كَمَنَعَ، يَخْضَعُ خُضُوعاً: ذَلَّ وتَطامَنَ وتَوَاضَع ومِنْهُ قَوْلُه تَعَالَى: فظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ، أَيْ مُنْقَادِينَ. وفِي إِتْيَانِ خاضِعينَ مَعَ ذِكْرِ الأَعْنَاقِ كَلامٌ وَاسِعٌ لِلْعُلَمَاءِ كأَبِي عَمْروٍ، والكِسَائِيّ، والفَرّاءِ، وجَعَلَهُ بَعْضُهُم بَدَلَ غَلَطٍ. والَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الخَلِيلُ وسِيبَوَيْه أَنَّهُ لَمّا لَمْ يَكُنِ الخُضُوعُ إِلاَّ خُضُوعَ الأَعْنَاقِ جازَ أَنْ يُخْبِرَ عَن المُضَافِ إِلَيْهِ، كاخْتَضَعَ، قالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الظَّلِيم:
(يَظَلُّ مُخْتَضعاً يَبْدُو فَتُنْكِرُهُ ... حَالاً، ويَسْطَعُ أَحْيَاناً فَيَنْتَسِبُ)
أَي مُطَأْطِئاً. ويَسْطَعُ: يَنْتَصِبُ. وخَضَعَ: سَكَنَ وانْقادَ، وأَيْضاً سَكَّنَ لازِمٌ مُتَعَدٍّ. يُقَالُ: خَضَعْتُهُ فخَضَعَ، أَي سَكَّنْتُهُ فسَكَنَ، فمِن الّلازِمِ قَوْلُه تَعالَى: فَلا تَخْضَعْنَ بالقَوْلِ أَيْ لَا تَلِنَّ، وقَالَ جَرِيرٌ فِي تَعْدِيَةِ خَضَعَ:
(أَعَدَّ اللهُ لِلشُّعَرَاءِ مِنِّي ... صَوَاعِقَ يَخْضَعُونَ لَهَا الرِّقابَا)
وخَضَعَ فُلاناً إِلَى السُّوءِ، هكَذَا فِي النسخِ، وصَوَابُهُ إِلى السَّوْأَةِ، أَيْ دَعَاهُ فَهُوَ خاضِعٌ، وكذلِكَ خَنَعَ فَهُوَ خانِعٌ، ومنهُ قَوُلُهُم: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْوذُ بِكَ مِن الخُنُوعِ والخُضُوعِ. ومِنَ المَجَازِ: خَضَعَ النَّجْمُ، أَيْ مَالَ لِلْغُرُوبِ، وَفِي الصّحاح: للمَغِيبِ. وكذلِكَ خَضَعَت الشَّمْسُ، كَمَا قِيلَ: ضَرَعَتْ وضَجَعَتْ، والنُّجُومُ خَوَاضِعُ، وضَوَارِعُ، وضَوَاجعُ، كَمَا فِي الأَسَاسِ، وقالَ ابنُ أحْمَرَ:
(تَكَادُ الشمَس تخْضَعُ حِين تَبْدو ... لَهُنَّ وَمَا وُبِدْنَ ومالُحِينا)
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة: إِذَا جَعَلَت أَيْدِي الكَوَاكِبِ تَخْضَعُ وَمن المَجَازِ: خَضَعَتِ الإِبِلُ، إِذا جَدَّتْ فِي سَيْرِهَا، وهُنَّ خَوَاضِعُ، لأَنَّهَا إِذا جَدَّت طَامَنَتْ أَعْنَاقَها، قَالَ الكُمَيْتُ:)
(خَوَاضِعُ فِي كُلِّ دَيْمُومَةٍ ... يَكَادُ الظَّلِيمُ بِهَا يَنْحَل)
وقَالَ جَرِيرٌ:
(ولَقَدْ ذَكْرْتُكِ والمَطِيُّ خَوَاضِعٌ ... وكَأَنَّهُنَّ قَطَاً فَلاةٍ مَجْهَلِ)
والخُضَعَة، كهُمَزة: مَنْ يَخْضَع لكل أَحَدٍ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ والصّاغَانِيّ. وَقَالَ أَبو عَمْروٍ: الخُضَعَةُ: نَخْلَة تَنْبُتُ من النَّواةِ، لُغَةُ بَنِي حَنِيفَةَ. والخُضَعَةُ: مَنْ يَقْهَرُ أَقْرَانَه ويُخْضِعُهُمْ ويُذِلُّهُمْ.
والخَضُوعُ، كصَبُورٍ: الخاضِع، ج: خُضُعٌ ككُتُبٍ وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لِلْفَرَزْدَقِ يَمْدَح يَزِيدَ بنَ المُهَلَّبِ:
(وإِذا الرِّجَالُ رَأَوْا يَزِيدَ رَأَيْتَهُمْ ... خَضُعَ الرِّقَابِ نَوَاكِسَ الأَبْصَارِ)
وقالَ ابنُ عَبّادٍ: الخَضُوعُ: المَرْأَةُ الَّتِي لخَوَاصِرِهَا صَوْتٌ. وقَالَ ابنُ فارِسٍ: كخَضَيعَةِ الفَرَسِ، وأَنْشَدَ لِجَنْدَلٍ: لَيْسَتْ بِسَوْدَاءَ خَضُوعِ الأَعْفَاجْ سِرْدَاحَةٍ ذَاتِ إِهَابٍ مَوَّاجْ قَالَ الصّاغَانِيّ: لَمْ أَجِدِ المَشْطُورَيْنِ فِي جِيمِيَّةِ جَنْدِلٍ المُقَيَّدَةِ. والخَضِيعَةُ كسَفِينةَ: صَوْتٌ يُسْمعُ مِن بَطْنِ الفَرَسَ إِذا جَرَى. وقالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ صَوْتُ قُنْبِ الفَرَسِ الجَوَادِ، وأَنْشَدَ لامْرِئ القَيْسِ:
(كَأَنَّ خَضِيعَةَ بَطْنِ الجَوَا ... دِ وَعْوَعَةُ الذِّئْبِ بِالفَدْفَدِ) قَالَ الجَوْهَرِيّ: وَلَا يُبْنَى مِنْهُ فِعْلٌ. وقَال غَيْرُهُ: هُوَ صَوْتُ الأَجْوَفِ مِنْهَا. وقَال أَبُو زَيْدٍ: هُوَ صَوْتٌ يَخْرُجُ مِن قُنْبِ الفَرَسِ الحِصَانِ، وَهُوَ الوَقِيبُ. وقالَ ابنُ بَرِّيّ: الخَضِيعَةُ والوَقِيبُ: الصَّوْتُ الَّذِي يُسْمَعُ مِنْ بَطْنِ الفَرَسِ وَلَا يُعْلَمُ مَا هُوَ. ويُقَالُ: هُوَ تَقَلْقُلُ مِقْلَمِ الفَرَسِ فِي قُنْبِه، ويُقَالُ لِهذَا الصَّوْتِ أَيْضاً الذُّعَاقُ، وهُوَ غَرِيبٌ. أَو الخَضِيعَتانِ: لَحْمَتَانِ مُجَوَّفَتَانِ فِي بَطْنِ الفَرَسِ يُسْمَعُ الصَّوْتُ مِنْهُمَا. نَقَلَهُ ابنُ عَبّادٍ. قالَ: والخَضِيعَةُ: صَوْتُ السَّيْلِ.
وقالَ عَلِيُّ بنُ حَمْزَةَ: الخَيْضَعَةُ، كحَيْدَرَة: اخْتِلافُ، كَذَا فِي النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا: الْتِفَافُ، وَفِي بَعْضِهَا: اخْتِلاطُ الأَصْوَاتِ فِي الحَرْبِ، وَبِه فُسِّرَ قَوْلُ لَبِيدٍ رَضِيَ الله عَنْهُ: نَحْنُ بَنُو أُمِّ البَنِينَ الأَرْبَعَهْ ونَحْنُ خَيْرُ عامِرِ بنِ صَعْصَعَهْ المُطْعِمُون الجَفْنَة المُدَعْدَعَهْ)
والضارِبُونَ الهامَ تَحْتَ الخَيْضَعَهْ وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ الشَّطْرَ الأَخِيرَ من الرَّجَزِ، وقالَ: إِنّ أَبَا عُبَيْدٍ حَكَى عَن الفَرّاءِ أَنَّهَا البَيْضَة. وَحَكَى سَلَمَةُ عَن الفَرّاءِ أَنّهُ الصَّوْتُ فِي الحَرْبِ. انْتَهَى. قُلْتُ: وقالَ أَبُو حاتِمٍ: إِنَّمَا قالَ لَبِيدُ: تَحْتَ الخَضَعَة. فزَادُوا الياءِ فِرَاراً من الزِّحافِ.
وقيلَ الخَيْضَعةُ: الغُبَارُ فِي الحَرْبِ. وقِيلَ: المَعْرَكَةُ نَفْسُهَا حَيْثُ يَخْضَع الأَقْرانُ بَعْضُهُم لِبَعْضٍ. وقَال كُرَاع: لأَنَّ الكُمَاةَ يَخْضَعُ بَعضُهَمُ لبَعْضٍ، وأَنْكَرَ عَلِيّ ُ ابنُ حَمْزَةَ أَنَ يَكُونَ المُرَادُ بالخَيْضَعَةِ فِي قُوْلِ لَبِيدٍ البَيْضَة. والأَخْضَعُ: الرّاضِي بالذُّلِّ، وَهِي خَضْعَاءُ، قالَهُ اللَّيْثُ، وأَنْشَدَ لِلْعَجّاجِ: وصِرْتُ عَبْداً للْبَعُوضِ أَخْضَعَاً تَمَصُّنِي مَصَّ الصَّبِيِّ المُرْضِعَا وكذلِكَ أَنْشَدَهُ الأَزْهَرِيُّ فِي التَّهْذِيب وابنُ فارِسٍ فِي المَقَايِيسِ. قَالَ الصّاغَانِيّ: وللْعَجَّاجِ أُرْجُوزَة عَيْنِيَّةٌ أَوْلُهَا: أَمْسَى حُمَانٌ كالرَّهِينِ مُشْرَعَاً وهِيَ اثْنَا عَشَرَ مَشْطُوراً، ولَيْسَ مَا ذَكَرَهُ اللَّيْثُ فِيها، وَلَا فِي عَيْنِيَّةِ رُؤْبَةَ الَّتِي أَوْلُهَا: هاجَتْ ومِثْلِي نَوْلُه أَنْ يَرْبَعَا وهِي مِائَتَان وثَمَانِيَةُ مَشَاطِيرَ. والأَخْضَعُ: مَنْ فِي عُنَقِه خُضُوعٌ وتَطَامُنٌ، خِلْقَةً، وَقَدْ خَضِعَ يَخْضَعُ خَضَعاً. وَقَالَ عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ: كانَ الزُّبَيْرُ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، طَوِيلاً أَزْرَقَ أَخْضَعَ أَشْعَرَ، ورُبَّمَا أَخَذْتُ وأَنا غُلامٌ بشَعرِ كَتِفَيْهِ حَتَّى أَقُومَ، تَخُطُّ رِجْلاهُ إِذا رَكِبَ الدَّابَّةَ، نُفُجَ الحَقِيبَةِ. وخَضَعَةُ الكِبَرُ خَضْعاً وخُضُوعاً وأَخْضَعَهُ: جَعَلَهُ كذلِكَ، أَيْ حَنَاهُ، فخَضَع هُوَ، وأَخْضَعَ، أَيْ انْحَنَى، قَالَهُ الزَّجَّاج. وأَخْضَعَ الرَّجُلُ: لاَنَ كَلامُهُ لِلْمَرْأَةِ، هكَذَا هُوَ فِي العُبَابِ.
وَفِي اللِّسَان: خَضَعَ الرجلُ، وأَخْضَعَ: أَلانَ كلامَه للمرأَة، وَمِنْه حديثُ عمرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَن رجلا مرَّ برجلٍ وامرأَةٍ قد خضَعا بَينهمَا حَدِيثا، فَضَربهُ حَتَّى شجَّه، فرُفع إِلى عمرَ رَضِي اللهُ عَنهُ فأَهدره، أَي لَيَّنَا بَينهمَا الحديثَ، وتكلَّما بمَا يُطْمِعُ كلاًّ مِنْهُمَا فِي الآخر كخاضَعَها. مخَاضَعَةً، إِذا خَضَع لَهَا بكَلامِهِ وخَضَعَتْ لَهُ وتطَمَّعَ فِيهَا، عَن ابْنِ الأَعْرَابِيّ.
والتَّخْضِيعُ: تَقْطِيعُ اللَّحْمِ، قالَهُ ابنُ فارِسٍ. واخْتَضَعَ الرَّجُلُ: خَضَعَ، وَقد تَقَدَّمَ هَذَا قَرِيباً،)
كاخْضَوْضَعَ، نَقَلَه الصّاغَانِيّ. واخْتَضَعَ: مَرَّ سَرِيعاً، وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيّ فِي صِفَةِ فَرَسٍ سَرِيعَةٍ:
(إِذَا اخْتَلَطَ المَسِيحُ بِهَا تَوَلَّتْ ... بسَوْمٍ بَيْنَ جَرْىٍ واخْتِضَاعِ)
يَقُولُ: إِذا عَرِقَتْ أَخْرَجَتْ أَفانِينَ جَرْيِهَا. واخْتَضَعَ الفَحْلُ النَّاقَةَ: سَانَّهَا، نَقَلَه الصّاغَانِيّ. وَفِي الأَسَاسِ: اخْتَضَعَ الفَحْلُ النَّاقَةَ بكَلْكَلِهِ: أَرادَ الضِّرَاب. وَسَمَّوْا مَخْضَعَةَ، كمَسْعَدةً.
وممّا يُسْتَدْرِكُ عَلَيْه: الخَضْعُ، كالمَنْعِ، والخُضْعانُ، بالضَّمِّك كِلاهُمَا مَصْدَرُ خَضَع يَخْضَعُ كمَنَعَ. ومِنْهُ حَدِيثُ اسْتِراقِ السَّمْعِ خُضْعاناً لقَوْلهِ وَهُوَ كُغْفْرَانٍ، ويُرْوَى بالكَسْرِ كالوِجْدَانِ، ويَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ خَاضِع، وَفِي رِوَايَةٍ: خُضَّعاً لِقَوْلِهِ: جَمْع خاضِع. والخُضَّعُ: كرُكَّعٍ: اللَّوَاتِي قَدْ خَضَعْنَ بالقَوْلِ ومِلْنَ. عَن ابْنِ الأَعْرَابِيّ، ويُقَالُ: فُرَسٌ أَخْضَعُ بَيِّنُ الخَضَع، وكَذلِكَ البَعيرُ والظَّلِيمُ والظِّبَاءُ. وأَخْضَعَتْنِي إِلَيْكَ الحَاجَةُ، نُقَلَه الجَوْهَرِيّ ولمْ يُفَسِّرْه، وَهُوَ قَوْلُ الزَّجّاج. أَرادَ: أَلْجَأَتْنِي وأَحْوَجَتِنِي. ومِنْكبٌ خَاضِعٌ وأَخْضَعَ: مُطْمَئنٌّ. ونَعَامٌ خَوَاضِعُ، وكذلِكَ الظِّبَاءُ، أَي مُمِيلاَت رُؤُوسَهَا إِلَى الأَرْضِ فِي مَرَاعِيهَا. ونَبَاتٌ خَضِعٌ، ككَتِفِ: مُتَثَنٍّ مِن النَّعْمَةِ كأَنَّهُ مُنْحَنٍ. قالَ ابنُ سِيدَه: وَهُوَ عِنْدِي علَى النَّسَبِ، لأَنَّهُ لَا فِعْلَ لَهُ يَصْلُح أَنْ يَكُون خَضِعٌ مَحْمُولاً عَلَيْه. وَمِنْه قَوْلُ أَبِي فَقْعَسٍ يَصِفُ الكَلأَ: خَضِعٌ مَضِعٌ، ضافٍ رَتِعٌ كَذا حَكَاهُ ابنُ جِنِّى.
واخْتَضَع الصَّقْرُ: طَامَنَ رَأْسَهُ للانْقِضَاضِ، نَقَلَهُ الزَّمَخْشَرِيّ.
وَفِي الصّحاح: قَوْلُهُم: سَمِعْت للسِّياط خَضْعَةً، وللسُّيُوفِ بِضَعَةً، فالخَضْعَةُ: وَقْعُ السِّيَاطِ، والبَضْعَةُ: القَطْعُ. انْتَهَى، ومِثْلُه فِي الأَسَاسِ، وَقد ضَبَطاهَما بالفَتْحِ.
وَفِي اللِّسَان: الخَضَعَةُ بالتَّحْرِيك السِّياط لانْصِبَابِهَا عَلَى مَنْ تَقَعُ عَلَيْه، وقِيلَ: الخَضْعَةُ السُّيُوفُ، ويُقَالُ: للسُّيوف خَضْعَةٌ، وَهُوَ صَوْتُ وَقْعِهَا. وقالَ ابْنُ بَرّيّ: الخَضْعَةُ: أَصْواتُ السُّيُوفِ.
والبَضْعَةُ: أَصْوَاتُ السِّيَاطِ، وقَدْ جاءِ فِي الشِّعْرِ مُحَرَّكاً، كَمَا قَالَ: أَرْبَعَةٌ وأَرْبَعَهْ اجْتَمَعا بالبَلْقَعَهْ لِمَالِكِ بنِ بَرْذَعَهْ وللسُّيُوفِ خَضَعَهْ وللسِّياطِ بَضَعَهْ) وَسَمَّوْا مَخْضَعاً، كمَقْعَدٍ.