قَمح
: (القَمْح: البُرّ) حينَ يَجْرِي الدَّقِيقُ فِي السُّنْبُل، وَقيل: من لدُنِ الإِنضاجِ إِلى الاكتناز، وَهِي لُغة شامِيّة، وأَهل الْحجاز قد تَكلَّمُوا بهَا، وَقد تَكرّر ذِكْرُه فِي الحَدِيث، وقيلَ لُغَةٌ قِبطيَّة، نَقله شَيخنَا، وَالصَّوَاب الأَوّل، كَمَا فِي (الْمِصْبَاح) وَغَيره.
(و) القَمْح مَصدرُ (قَمِحَه، كسَمِعَه) ، أَي السَّوِيقَ (، استَفَّه، كاقْتَمَحَه) واقتمحَهُ أَيضاً: أَخَذَه فِي رَاحَتِه فَلَطَعه، كَذَا فِي (الأَساس) و (اللِّسَان) .
(والقَمِيحَة: الجُوَارِش) ، بضمّ الْجِيم، هاكذا فِي النُّسخ، وَفِي بَعْضهَا بِزِيَادَة النُّون فِي آخِره. والقَمِيحة أَيضاً: السَّفُوفُ من السَّويق وَغَيره.
(و) الاسمُ (القُمْحَة، بالضّمّ) ، كاللُّقْمَة. والقُحْمَةُ: (مِلْءُ الفَمِ مِنْهُ) ، أَي من السَّويقِ أَو من الماءِ، كَمَا صَرَّح بِهِ غيرُ وَاحِد.
(والقُمُّحَانُ، كعُنْفُوان وتُفتَح الْمِيم) ، وَهِي رِوَايَة البصرّيين فِي قَول النَّابغة الْآتِي: (الوَرْسُ) أَو الذَّرِيرةُ نَفْسُها، (أَو كالذَّرِيرة يَعلو الخَمْرَ) ، وَهُوَ زَبَدُهَا، (و) قيل: هُوَ (الزَّعْفَرَانُ، وكالقُمْحَة، بالضَّمّ فِي الكُلّ) ، وَقيل هُوَ طِيبٌ. قَالَ النَّابغة: إِذا فُضّتْ خَوَاتِمُه عَلاَهُ
يَبِيسُ القُمَّحَانِ من المُدَامِ
يَقُول: إِذا فُتِحَ رَأْسُ الحُبّ من حِنبَاب الخَمْر العَتِيقةِ رَأَيتَ عَلَيْهَا بَيَاضاً يَتَغَشَّاها مِثْلَ الذَّرِيرةِ. قَال أَبو حنيفةَ: لَا أَعلم أَحداً من الشُّعَرَاءِ ذَكَرَ القُمَّحَان غَيْرَ النّابِغَة. قَالَ: وَكَانَ النالبغةُ يأْتِي المدينةَ ويُنْشِد بهَا النّاسَ ويَسمع مِنْهُم، وَبهَا جَماعةُ الشعراءِ.
(و) فِي (الصِّحَاح) و (الأَساس) و (اللِّسَان) نقلا عَن أَبي عُبَيْدٍ: (قَمَحَ البَعِيرُ قُمُوحاً) ، وقَمَه يَقْمَه قُمُوهاً، إِذا (رَفَعَ رأْسه عِنْد الحَوْضِ وامتَنَعَ مِن الشُّرْب) رِيًّا، (كتقَمَّحَ وانْقَمَحَ) وقَامَحَ، الأَخِيرَة من (الأَساس) و (اللِّسَان) .
قَالَ أَبو زيد: تقَمَّحَ فُلانٌ من الماءِ، إِذا شَرِب الماءَ وَهُوَ مُتكارِهٌ، (فَهُوَ) بعيرٌ (قامِحٌ) ، يُقَال: شَرِب فتقَمَّحَ وانقمَحَ بِمَعْنى. و (ج) قُمَّحٌ (كَرُكّه. و) قد (قَامَحَتْ إِبلُك) ، إِذا (وَرَدَتْ فَلم تَشْرَبْ) ورَفَعَتْ رؤُوسَها (لِداءٍ) يكون بهَا (أَو، بَرْد) ماءٍ، أَوريَ أَو عِلَّة. (وَهِي ناقةٌ مُقَامِحٌ) ، بِغَيْر هاءٍ (وإِبلٌ مُقامِحَةٌ) وقِمَاحٌ، على طَرْح الزائدِ. قَالَ بِشْرُ بن أَبي خازمٍ يَذكر سَفينةً ورُكْبانَها:
ونَحْنُ على جَوَانِبها قُعُودٌ
نَغُضُّ الطَّرْفَ كالإِبلِ القِمَاحِ
(و) من الْمجَاز: (أَقْمَحَ) الرّجلُ، إِذا (رَفَع رأْسَه وغَصِّ بَصَرَه) ، قَالَه الزَّجَّاج، وَرَوَاهُ سَلَمَةُ عَن الفرّاءِ. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {7. 004 فَهِيَ الى الاءَذقان. . مقمحون} (يس: 8) وَفِي حَدِيث عليَ كرَّم الله وَجهَه، قَالَ لَهُ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سَتَقْدَمُ على الله أَنتَ وشِيعَتُك راضينَ مَرْضِيِّين، ويَقْدَمُ عَلَيْك عَدُوُّك غِضَاباً مُقمَحِين) ثمَّ جمَعَ يدَه إِلى عُنقِه يُريهم كَيفَ الإِقماحُ، وَهُوَ رَفْعُ الرأْسِ وغَضُّ البَصر.
(و) أَقْمَحَ (بأَنْفِهِ: شَمَخَ) وَرَفَعَ رأْسَه لَا يكَاد يَضَعُه، فكأَنَّه ضِدّ.
(و) أَقمَحَ (السُّنْبُلُ: جَرَى فِيهِ الدَّقِيقُ) ، تَقول: قد جَرَى القمْحُ فِي السُّنبُل وَقد أَمَحَ البُرُّ. قَالَ الأَزهَرِيّ وَقد أَنضَجَ ونَضِجَ.
(و) من الْمجَاز: أَمَحَ (الغُلُّ الأَسِيرَ) ، إِذا (تَرَكَ رأْسَه مَرفُوعاً لضِيقِه) ، فَهُوَ مُقْمَح، وذالك إِذا لم يَترُكه عَمودُ الغُلُّ الَّذِي يَنخُس ذَقَنَهُ أَن يُطَأْطىء رأْسَه، كَمَا فِي (الأَساس) . وَقَالَ ابْن الأَثير: قَوْله تَعَالَى: {7. 004 فَهِيَ الى الاءَذقان} (هِيَ كِنايةٌ عَن الأَيدِي لَا عنِ الأَعناقِ، لأَنّ الغُلّ يَجْعَل اليدَ تلى الذَّقنَ والعُنُقَ وَهُوَ مُقاربٌ للذَّقن. قَالَ الأَزهريّ: وأَراد عزّ وجلّ أَنّ أَيديَهم لما غُلّتْ عِنْد أَعناقهم رَفعَت الأَغلالُ أَذقَانَهم ورؤُسَهم صُعُداً كالإِبل الرّافعةِ رُءُوسها.
(وشَهْرَا قُمَاحٍ، ككِتَاب وغُرَابِ) : شَهْرَا الكانُونِ، لأَنَّهما يُكْرَه فيهمَا شُرْبُ الماءُ إِلاّ عَلَى ثْفلٍ، قَالَ مَالك بن خالدٍ الهُذَليّ:
فَتًى مَا ابْنُ الأَغرِّ إِذَا شَتَوْنَا
وحُبَّ الزّادُ فِي شَهْرَيْ قُمَاحٍ
رُوِي بالوَجهين، وَقيل سُمِّيَ بذالك لأَنّ الإِبِلَ فيهمَا تُقَامِحُ عَن الماءِ فَلَا تَشْربُه. قَالَ الأَزهريُّ: هُمَا (أَشَدُّ مَا يَكُونُ من البَرْدِ) ، سَمِّيا بذالك لِكَرَاهَة كلِّ ذِي كَبِد شُرْبَ الماءِ فيهمَا، ولأَنّ الإِبل لَا تَشرب فيهمَا إِلاّ تعذيراً، وَقَالَ شَمِرٌ: يُقَال لشَهْرَيْ قُماح: شَيْبَانُ ومِلْحَانُ.
(والقمْحَى والقِمْحَاة، بكسرِهما: الفَسْشَةُ) ، بالفَتْح، و (والقِمْحَانَةُ، بِالْكَسْرِ: مَا بينَ القَمَحْدُوَةِ ونُقْرَةِ القَفَا) .
(و) من الْمجَاز (قَمَّحَهُ تَقميحاً) ، إِذا (دفَعَه بالقَليل عَنْ كثيرٍ) مِمَّا (يَجِبُ لَهُ) . كَمَا يفعل الأَميرُ الظالمُ بِمن يَغْزُو مَعَه، يَرْضَخُه أَدنى شَيْءٍ ويَستأْثر عَلَيْهِ بالغَنيمَة. كَذَا فِي (الأَساس) .
(والقامِحُ: الكَارِعُ للماءِ لأَيَّةِ عِلَّةٍ كَانَت) ، كالعِيافة لَهُ أَو قِلّة ثُفْلٍ فِي جَوْفه أَو غيرِ ذالك ممّا ذكرَ.
(و) عَن الأَزهريّ: قَالَ اللَّيْث: القامِح (من الإِبلِ مَا اشْتَدّ عَطشُه حتّى فَتَرَ شَديداً) . وبَعيرٌ مُقمَحٌ وَقد قَمَحَ يَقْمَحٌ منشِدّة العَطش قُموحاً، وأَقْمحَه العَطشُ فَهُوَ مُقمَح. قَالَ الله تَعَالَى: {7. 004 فَهِيَ الى الاءَذقان. . مقمحون} : خاشعون لَا يَرفَعُون أَبصارَهم.
قَالَ الأَزهريّ: كلُّ مَا قالَه اللَّيث فِي تَفْسِير القامح والمُقَامِح، وَفِي تَفْسِير قَوْله عزّ وجلّ {فَهُم مُّقْمَحُونَ} فَهُوَ خَطأٌ، وأَهل العربيّة والتفسيرِ على غيرِه. فأَمّا المُقامِح فإِنّه رُوِيَ عَن الأَصمعيّ أَنه قَالَ: بعيرٌ مُقَامِحٌ وناقَةٌ مُقَامِحٌ، إِذَا رَفَعَ رأْسَه عَن الأَصمعيّ أَنه قَالَ: بعيرٌ مُقَامِحٌ وناقَةٌ مُقَامِحٌ، إِذَا رَفَعَ رأْسَه عَن الحَوْضِ وَلم يَشْرَبْ وَجمعه قِماحٌ. ورُوِيَ عَن الأَصمعيّ أَنّه قَالَ: التَّقَمُّح: كراهَةُ الشُّرْب قَالَ: وأَما قَوْله تَعَالَى: {فَهُم مُّقْمَحُونَ} فإِنّ سَلمةَ روَى عَن الفرّاءِ أَنه قَالَ: المُقْمَح الغاضُّ بصرَه بعد رَفْعِ رأْسه. وَقد مرّ شيءٌ مِنْهُ.
(واقْتَمَحَ، البُرُّ: صَار قَمْاً نَضْيجاً) هَكَذَا فِي سَائِر النّسخ، وَالَّذِي فِي (اللِّسَان) وَغَيره: أَقمَحَ البُرُّ، كَمَا تَقول أَنضَجَ، صَرَّحَ بِهِ الأَزهريّ وغيرُه، فَلْينْظر ذالك.
(و) اقتَمحَ (النَّبِيذَ) والشَّرَابَ واللَّبنَ والماءَ: (شَرِبَه) كقَمِحَه.
وَقَالَ ابْن شُميل: إِنّ فُلاناً لقَمُوحٌ للنَّبِيذ، أَي شَرُوبٌ لَهُ. وإِنّه لقَحُوفٌ للنَّبيذ. وقَمِحَ السَّوِيقَ قمْحاً، وأَمّا الخُبْز والتّمر فَلَا يُقَال فيهمَا قَمِحَ، إِنّما يُقَال القَمْحُ فِيمَا يُسَفُّ. وَفِي الحَدِيث (أَنّه كانَ إِذا اشتَكَى تَقَمَّحَ كَفًّا من حَبَّةِ السَّوداءِ) .
وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ:
قَالَ اللَّيْث: يُقَال فِي مثَلٍ (الظمأُ القامح خيرٌ من الرِّيِّ الفاضِح) . قَالَ الأَزهريّ: وهاذا خلافُ مَا سمِعناه من الْعَرَب، والمسموع مِنْهُم الظمأُ الفادِحُ خير من الرِّيِّ الفاضِح) ومعناهُ الْعَطش الشّاقّ خيرٌ من رِيَ يَفضَح صاحبَه.
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَول أُمِّ زَرْع: (وعِندَه أَقُولُ فَلَا أُقَبَّح، وأَشرَبُ فأَتقمَّح) ، أَي أَروَى حتّى أَدَعَ الشُّرْبع.، أَرادَتْ أَنّهَا تَشْرب حتّى تروَى وتَرْفَعَ رَأْسَهَا. ويُروَى بالنُّون. قَالَ الأَزهَريّ: وأَصْل التقَمُّح فِي الماءِ، فاستعارَتْه للّبَنِ، أَرادَت أَنَّهَا تَرْوَى من اللبَن حَتَّى تَرفَع رأْسَها عَن شُرْبِه كَمَا يَفْعَلُ البَعِيرُ إِذا كرِعَ شُرْبَ الماءِ.
وَمن الأَساس فِي الْمجَاز: قَوْلهم: وَمَا أَصابَت الإِبلُ إِلاّ قَمِيحَةً من كلإٍ: شيْئاً من اليابِس تَسْتَفُّه. والقَمْحَة نَهْرٌ أَوّلَ هَجَرَ. والقَمْحَة: قَرْيَة بالصَّعِيد.
: (القَمْح: البُرّ) حينَ يَجْرِي الدَّقِيقُ فِي السُّنْبُل، وَقيل: من لدُنِ الإِنضاجِ إِلى الاكتناز، وَهِي لُغة شامِيّة، وأَهل الْحجاز قد تَكلَّمُوا بهَا، وَقد تَكرّر ذِكْرُه فِي الحَدِيث، وقيلَ لُغَةٌ قِبطيَّة، نَقله شَيخنَا، وَالصَّوَاب الأَوّل، كَمَا فِي (الْمِصْبَاح) وَغَيره.
(و) القَمْح مَصدرُ (قَمِحَه، كسَمِعَه) ، أَي السَّوِيقَ (، استَفَّه، كاقْتَمَحَه) واقتمحَهُ أَيضاً: أَخَذَه فِي رَاحَتِه فَلَطَعه، كَذَا فِي (الأَساس) و (اللِّسَان) .
(والقَمِيحَة: الجُوَارِش) ، بضمّ الْجِيم، هاكذا فِي النُّسخ، وَفِي بَعْضهَا بِزِيَادَة النُّون فِي آخِره. والقَمِيحة أَيضاً: السَّفُوفُ من السَّويق وَغَيره.
(و) الاسمُ (القُمْحَة، بالضّمّ) ، كاللُّقْمَة. والقُحْمَةُ: (مِلْءُ الفَمِ مِنْهُ) ، أَي من السَّويقِ أَو من الماءِ، كَمَا صَرَّح بِهِ غيرُ وَاحِد.
(والقُمُّحَانُ، كعُنْفُوان وتُفتَح الْمِيم) ، وَهِي رِوَايَة البصرّيين فِي قَول النَّابغة الْآتِي: (الوَرْسُ) أَو الذَّرِيرةُ نَفْسُها، (أَو كالذَّرِيرة يَعلو الخَمْرَ) ، وَهُوَ زَبَدُهَا، (و) قيل: هُوَ (الزَّعْفَرَانُ، وكالقُمْحَة، بالضَّمّ فِي الكُلّ) ، وَقيل هُوَ طِيبٌ. قَالَ النَّابغة: إِذا فُضّتْ خَوَاتِمُه عَلاَهُ
يَبِيسُ القُمَّحَانِ من المُدَامِ
يَقُول: إِذا فُتِحَ رَأْسُ الحُبّ من حِنبَاب الخَمْر العَتِيقةِ رَأَيتَ عَلَيْهَا بَيَاضاً يَتَغَشَّاها مِثْلَ الذَّرِيرةِ. قَال أَبو حنيفةَ: لَا أَعلم أَحداً من الشُّعَرَاءِ ذَكَرَ القُمَّحَان غَيْرَ النّابِغَة. قَالَ: وَكَانَ النالبغةُ يأْتِي المدينةَ ويُنْشِد بهَا النّاسَ ويَسمع مِنْهُم، وَبهَا جَماعةُ الشعراءِ.
(و) فِي (الصِّحَاح) و (الأَساس) و (اللِّسَان) نقلا عَن أَبي عُبَيْدٍ: (قَمَحَ البَعِيرُ قُمُوحاً) ، وقَمَه يَقْمَه قُمُوهاً، إِذا (رَفَعَ رأْسه عِنْد الحَوْضِ وامتَنَعَ مِن الشُّرْب) رِيًّا، (كتقَمَّحَ وانْقَمَحَ) وقَامَحَ، الأَخِيرَة من (الأَساس) و (اللِّسَان) .
قَالَ أَبو زيد: تقَمَّحَ فُلانٌ من الماءِ، إِذا شَرِب الماءَ وَهُوَ مُتكارِهٌ، (فَهُوَ) بعيرٌ (قامِحٌ) ، يُقَال: شَرِب فتقَمَّحَ وانقمَحَ بِمَعْنى. و (ج) قُمَّحٌ (كَرُكّه. و) قد (قَامَحَتْ إِبلُك) ، إِذا (وَرَدَتْ فَلم تَشْرَبْ) ورَفَعَتْ رؤُوسَها (لِداءٍ) يكون بهَا (أَو، بَرْد) ماءٍ، أَوريَ أَو عِلَّة. (وَهِي ناقةٌ مُقَامِحٌ) ، بِغَيْر هاءٍ (وإِبلٌ مُقامِحَةٌ) وقِمَاحٌ، على طَرْح الزائدِ. قَالَ بِشْرُ بن أَبي خازمٍ يَذكر سَفينةً ورُكْبانَها:
ونَحْنُ على جَوَانِبها قُعُودٌ
نَغُضُّ الطَّرْفَ كالإِبلِ القِمَاحِ
(و) من الْمجَاز: (أَقْمَحَ) الرّجلُ، إِذا (رَفَع رأْسَه وغَصِّ بَصَرَه) ، قَالَه الزَّجَّاج، وَرَوَاهُ سَلَمَةُ عَن الفرّاءِ. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {7. 004 فَهِيَ الى الاءَذقان. . مقمحون} (يس: 8) وَفِي حَدِيث عليَ كرَّم الله وَجهَه، قَالَ لَهُ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سَتَقْدَمُ على الله أَنتَ وشِيعَتُك راضينَ مَرْضِيِّين، ويَقْدَمُ عَلَيْك عَدُوُّك غِضَاباً مُقمَحِين) ثمَّ جمَعَ يدَه إِلى عُنقِه يُريهم كَيفَ الإِقماحُ، وَهُوَ رَفْعُ الرأْسِ وغَضُّ البَصر.
(و) أَقْمَحَ (بأَنْفِهِ: شَمَخَ) وَرَفَعَ رأْسَه لَا يكَاد يَضَعُه، فكأَنَّه ضِدّ.
(و) أَقمَحَ (السُّنْبُلُ: جَرَى فِيهِ الدَّقِيقُ) ، تَقول: قد جَرَى القمْحُ فِي السُّنبُل وَقد أَمَحَ البُرُّ. قَالَ الأَزهَرِيّ وَقد أَنضَجَ ونَضِجَ.
(و) من الْمجَاز: أَمَحَ (الغُلُّ الأَسِيرَ) ، إِذا (تَرَكَ رأْسَه مَرفُوعاً لضِيقِه) ، فَهُوَ مُقْمَح، وذالك إِذا لم يَترُكه عَمودُ الغُلُّ الَّذِي يَنخُس ذَقَنَهُ أَن يُطَأْطىء رأْسَه، كَمَا فِي (الأَساس) . وَقَالَ ابْن الأَثير: قَوْله تَعَالَى: {7. 004 فَهِيَ الى الاءَذقان} (هِيَ كِنايةٌ عَن الأَيدِي لَا عنِ الأَعناقِ، لأَنّ الغُلّ يَجْعَل اليدَ تلى الذَّقنَ والعُنُقَ وَهُوَ مُقاربٌ للذَّقن. قَالَ الأَزهريّ: وأَراد عزّ وجلّ أَنّ أَيديَهم لما غُلّتْ عِنْد أَعناقهم رَفعَت الأَغلالُ أَذقَانَهم ورؤُسَهم صُعُداً كالإِبل الرّافعةِ رُءُوسها.
(وشَهْرَا قُمَاحٍ، ككِتَاب وغُرَابِ) : شَهْرَا الكانُونِ، لأَنَّهما يُكْرَه فيهمَا شُرْبُ الماءُ إِلاّ عَلَى ثْفلٍ، قَالَ مَالك بن خالدٍ الهُذَليّ:
فَتًى مَا ابْنُ الأَغرِّ إِذَا شَتَوْنَا
وحُبَّ الزّادُ فِي شَهْرَيْ قُمَاحٍ
رُوِي بالوَجهين، وَقيل سُمِّيَ بذالك لأَنّ الإِبِلَ فيهمَا تُقَامِحُ عَن الماءِ فَلَا تَشْربُه. قَالَ الأَزهريُّ: هُمَا (أَشَدُّ مَا يَكُونُ من البَرْدِ) ، سَمِّيا بذالك لِكَرَاهَة كلِّ ذِي كَبِد شُرْبَ الماءِ فيهمَا، ولأَنّ الإِبل لَا تَشرب فيهمَا إِلاّ تعذيراً، وَقَالَ شَمِرٌ: يُقَال لشَهْرَيْ قُماح: شَيْبَانُ ومِلْحَانُ.
(والقمْحَى والقِمْحَاة، بكسرِهما: الفَسْشَةُ) ، بالفَتْح، و (والقِمْحَانَةُ، بِالْكَسْرِ: مَا بينَ القَمَحْدُوَةِ ونُقْرَةِ القَفَا) .
(و) من الْمجَاز (قَمَّحَهُ تَقميحاً) ، إِذا (دفَعَه بالقَليل عَنْ كثيرٍ) مِمَّا (يَجِبُ لَهُ) . كَمَا يفعل الأَميرُ الظالمُ بِمن يَغْزُو مَعَه، يَرْضَخُه أَدنى شَيْءٍ ويَستأْثر عَلَيْهِ بالغَنيمَة. كَذَا فِي (الأَساس) .
(والقامِحُ: الكَارِعُ للماءِ لأَيَّةِ عِلَّةٍ كَانَت) ، كالعِيافة لَهُ أَو قِلّة ثُفْلٍ فِي جَوْفه أَو غيرِ ذالك ممّا ذكرَ.
(و) عَن الأَزهريّ: قَالَ اللَّيْث: القامِح (من الإِبلِ مَا اشْتَدّ عَطشُه حتّى فَتَرَ شَديداً) . وبَعيرٌ مُقمَحٌ وَقد قَمَحَ يَقْمَحٌ منشِدّة العَطش قُموحاً، وأَقْمحَه العَطشُ فَهُوَ مُقمَح. قَالَ الله تَعَالَى: {7. 004 فَهِيَ الى الاءَذقان. . مقمحون} : خاشعون لَا يَرفَعُون أَبصارَهم.
قَالَ الأَزهريّ: كلُّ مَا قالَه اللَّيث فِي تَفْسِير القامح والمُقَامِح، وَفِي تَفْسِير قَوْله عزّ وجلّ {فَهُم مُّقْمَحُونَ} فَهُوَ خَطأٌ، وأَهل العربيّة والتفسيرِ على غيرِه. فأَمّا المُقامِح فإِنّه رُوِيَ عَن الأَصمعيّ أَنه قَالَ: بعيرٌ مُقَامِحٌ وناقَةٌ مُقَامِحٌ، إِذَا رَفَعَ رأْسَه عَن الأَصمعيّ أَنه قَالَ: بعيرٌ مُقَامِحٌ وناقَةٌ مُقَامِحٌ، إِذَا رَفَعَ رأْسَه عَن الحَوْضِ وَلم يَشْرَبْ وَجمعه قِماحٌ. ورُوِيَ عَن الأَصمعيّ أَنّه قَالَ: التَّقَمُّح: كراهَةُ الشُّرْب قَالَ: وأَما قَوْله تَعَالَى: {فَهُم مُّقْمَحُونَ} فإِنّ سَلمةَ روَى عَن الفرّاءِ أَنه قَالَ: المُقْمَح الغاضُّ بصرَه بعد رَفْعِ رأْسه. وَقد مرّ شيءٌ مِنْهُ.
(واقْتَمَحَ، البُرُّ: صَار قَمْاً نَضْيجاً) هَكَذَا فِي سَائِر النّسخ، وَالَّذِي فِي (اللِّسَان) وَغَيره: أَقمَحَ البُرُّ، كَمَا تَقول أَنضَجَ، صَرَّحَ بِهِ الأَزهريّ وغيرُه، فَلْينْظر ذالك.
(و) اقتَمحَ (النَّبِيذَ) والشَّرَابَ واللَّبنَ والماءَ: (شَرِبَه) كقَمِحَه.
وَقَالَ ابْن شُميل: إِنّ فُلاناً لقَمُوحٌ للنَّبِيذ، أَي شَرُوبٌ لَهُ. وإِنّه لقَحُوفٌ للنَّبيذ. وقَمِحَ السَّوِيقَ قمْحاً، وأَمّا الخُبْز والتّمر فَلَا يُقَال فيهمَا قَمِحَ، إِنّما يُقَال القَمْحُ فِيمَا يُسَفُّ. وَفِي الحَدِيث (أَنّه كانَ إِذا اشتَكَى تَقَمَّحَ كَفًّا من حَبَّةِ السَّوداءِ) .
وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ:
قَالَ اللَّيْث: يُقَال فِي مثَلٍ (الظمأُ القامح خيرٌ من الرِّيِّ الفاضِح) . قَالَ الأَزهريّ: وهاذا خلافُ مَا سمِعناه من الْعَرَب، والمسموع مِنْهُم الظمأُ الفادِحُ خير من الرِّيِّ الفاضِح) ومعناهُ الْعَطش الشّاقّ خيرٌ من رِيَ يَفضَح صاحبَه.
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَول أُمِّ زَرْع: (وعِندَه أَقُولُ فَلَا أُقَبَّح، وأَشرَبُ فأَتقمَّح) ، أَي أَروَى حتّى أَدَعَ الشُّرْبع.، أَرادَتْ أَنّهَا تَشْرب حتّى تروَى وتَرْفَعَ رَأْسَهَا. ويُروَى بالنُّون. قَالَ الأَزهَريّ: وأَصْل التقَمُّح فِي الماءِ، فاستعارَتْه للّبَنِ، أَرادَت أَنَّهَا تَرْوَى من اللبَن حَتَّى تَرفَع رأْسَها عَن شُرْبِه كَمَا يَفْعَلُ البَعِيرُ إِذا كرِعَ شُرْبَ الماءِ.
وَمن الأَساس فِي الْمجَاز: قَوْلهم: وَمَا أَصابَت الإِبلُ إِلاّ قَمِيحَةً من كلإٍ: شيْئاً من اليابِس تَسْتَفُّه. والقَمْحَة نَهْرٌ أَوّلَ هَجَرَ. والقَمْحَة: قَرْيَة بالصَّعِيد.