Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب): https://arabiclexicon.hawramani.com/?p=13809&book=13#d20da9
(عَمَدَ) الْعَيْنُ وَالْمِيمُ وَالدَّالُ أَصْلٌ كَبِيرٌ، فُرُوعُهُ كَثِيرَةٌ تَرْجِعُ إِلَى مَعْنًى، وَهُوَ الِاسْتِقَامَةُ فِي الشَّيْءِ، مُنْتَصِبًا أَوْ مُمْتَدًّا، وَكَذَلِكَ فِي الرَّأْيِ وَإِرَادَةِ الشَّيْءِ.
مِنْ ذَلِكَ عَمَدْتُ فُلَانًا وَأَنَا أَعْمِدُهُ عَمْدًا، إِذَا قَصَدْتَ إِلَيْهِ. وَالْعَمْدُ: نَقِيضُ الْخَطَأِ فِي الْقَتْلِ وَغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ ذَلِكَ عَمْدًا لِاسْتِوَاءِ إِرَادَتِكَ إِيَّاهُ. قَالَ الْخَلِيلُ: وَالْعَمْدُ: أَنْ تَعْمِدَ الشَّيْءَ بِعِمَادٍ يُمْسِكُهُ وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: عَمَدْتُ الشَّيْءَ: أَسْنَدْتُهُ. وَالشَّيْءُ الَّذِي يُسْنَدُ إِلَيْهِ عِمَادٌ، وَجَمْعُ الْعِمَادِ عُمُدٌ. وَيُقَالُ عَمُودٌ وَعَمَدٌ. وَالْعَمُودُ مِنْ خَشَبٍ أَوْ حَدِيدٍ، وَالْجَمْعُ أَعْمِدَةٌ; وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي عَمْدِ الْخِبَاءِ. وَيُقَالُ لِأَصْحَابِ الْأَخْبِيَةِ الَّذِينَ لَا يَنْزِلُونَ غَيْرَهَا: هُمْ أَهْلُ عَمُودٍ، وَأَهْلُ عِمَادٍ. قَالَ الْخَلِيلُ: وَعَمُودُ السِّنَانِ: مُتَوَسِّطٌ مِنْ شَفْرَتَيْهِ مِنْ أَصْلِهِ، وَهُوَ الَّذِي فِيهِ خَطُّ الْعَيْرِ. وَيُقَالُ لِرِجْلَيِ الظَّلِيمِ: عَمُودَانِ. وَعَمُودُ الْأَمْرِ: قِوَامُهُ الَّذِي لَا يَسْتَقِيمُ إِلَّا بِهِ. وَعَمِيدُ الْقَوْمِ: سَيِّدُهُمْ وَمُعْتَمَدُهُمُ الَّذِي يَعْتَمِدُونَهُ إِذَا حَزَبَهُمْ [أَمْرٌ] فَزِعُوا إِلَيْهِ. وَعَمُودُ الْأُذُنِ: مُعْظَمُهَا وَقِوَامُهَا الَّذِي ثَبَتَتْ إِلَيْهِ. فَأَمَّا قَوْلُهُمْ لِلْمَرِيضِ عَمِيدٌ، فَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: الْعَمِيدُ: الرَّجُلُ الْمَعْمُودُ، الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الْجُلُوسَ مِنْ مَرَضِهِ حَتَّى يُعْمَدَ مِنْ جَوَانِبِهِ بِالْوَسَائِدِ. قَالُوا: وَمِنْهُ اشْتُقَّ الْقَلْبُ الْعَمِيدُ، وَهُوَ الْمَعْمُودُ الْمَشْعُوفُ الَّذِي هَدَّهُ الْعِشْقُ وَكَسَرَهُ، وَصَارَ كَالشَّيْءِ عُمِدَ بِشَيْءٍ. قَالَ الْأَخْطَلُ:
بَانَتْ سُعَادُ فَنَوْمُ الْعَيْنِ تَسْهِيدُ ... 206 وَالْقَلْبُ مُكْتَئِبٌ حَرَّانُ مَعْمُودُ
وَيُقَالُ: عَمِيدٌ، وَمَعْمُودٌ، وَمُعَمَّدٌ. قَالَ الْخَلِيلُ: الْعَمْدُ: أَنْ تُكَابِدَ أَمْرًا بِجِدٍّ وَيَقِينٍ. تَقُولُ: فَعَلْتُ ذَلِكَ عَمْدًا وَعَمْدَ عَيْنٍ، وَتَعَمَّدْتُ لَهُ وَفَعَلْتُهُ مُعْتَمِدًا، أَيْ مُتَعَمِّدًا.
وَمِنَ الْبَابِ: السَّنَامُ الْعَمِدُ [عَمِدَ] يَعْمَدُ عَمْدًا. وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَوْلِهِمْ: قَلْبٌ عَمِيدٌ وَمَعْمُودٌ، وَذَلِكَ السَّنَامُ إِذَا كَانَ ضَخْمًا وَارِيًا فَحُمِلَ عَلَيْهِ فَكُسِرَ وَمَاتَ فِيهِ شَحْمُهُ فَلَا يَسْتَوِي أَبَدًا - وَالَوَارِي: السَّمِينُ - كَمَا يَعْمَدُ الْجُرْحُ إِذَا عُصِرَ قَبْلَ أَنْ تَنْضَجَ بَيْضَتُهُ فَيَرِمَ، وَبَعِيرٌ عَمِدٌ، وَنَاقَةٌ عَمِدَةٌ، وَسَنَامُهَا عَمِدٌ. فَأَمَّا قَوْلُهُ - تَعَالَى -: {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} [الهمزة: 9] ، أَيْ فِي شِبْهِ أَخْبِيَةٍ مِنْ نَارٍ مَمْدُودَةٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: {فِي عَمَدٍ} [الهمزة: 9] وَقُرِئَتْ " فِي عُمُدٍ " وَهُوَ جَمْعُ عِمَادٍ.
وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: رَجُلٌ مُعْمَدٌ، أَيْ طَوِيلٌ. وَالْعِمَادُ: الطُّولُ. قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} [الفجر: 7] ، أَيْ ذَاتِ الطُّولِ. وَفِي الْحَدِيثِ: «هُوَ رَفِيعُ الْعِمَادِ، طَوِيلُ النِّجَادِ» . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: عَمَدْتُ الشَّيْءَ: أَقَمْتُهُ، فَهُوَ مَعْمُودٌ. وَأَعْمَدْتُهُ بِالْأَلْفِ إِعْمَادًا، أَيْ جَعَلْتُ تَحْتَهُ عَمَدًا. وَمِنَ الْبَابِ: الْعُمُدُّ، الدَّالُّ شَدِيدَةٌ وَالْعَيْنُ وَالْمِيمُ مَضْمُومَتَانِ: الشَّابُّ الْمُمْتَلِئُ شَبَابًا. وَهُوَ الْعُمُدَّانِيُّ، وَالْجَمْعُ الْعُمُدَّانِيُّونَ. وَامْرَأَةٌ عُمُدَّانِيَّةٌ، أَيْ ذَاتُ جِسْمٍ وَعَبَالَةٍ. وَمِنَ الْبَابِ الْعَمُودُ: عِرْقُ الْكَبِدِ الَّذِي يَسْقِيهَا. وَيُقَالُ لِلْوَتِينِ: عَمُودُ السَّحْرِ. قَالَ: وَعَمُودُ الْبَطْنِ: شِبْهُ عِرْقٍ مَمْدُودٍ مِنْ لَدُنِ الرُّهَابَةِ إِلَى دُوَيْنِ السُّرَّةِ فِي وَسَطِهِ يُشَقُّ عَنْ بَطْنِ الشَّاةِ. وَيَقُولُونَ أَيْضًا: إِنَّ عَمُودَا الْبَطْنِ: الظَّهْرُ وَالصُّلْبُ; وَإِنَّمَا قِيلَ عَمُودَا الْبَطْنِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُعْتَمِدٌ عَلَى الْآخَرِ.
وَمِنَ الْبَابِ: ثَرًى عَمِدٌ، وَذَلِكَ إِذَا بَلَّتْهُ الْأَمْطَارُ. قَالَ:
وَهَلْ أَحْطِبَنَّ الْقَوْمَ وَهِيَ عَرِيَّةٌ ... أُصُولَ أَلَاءٍ فِي ثَرًى عَمِدٍ جَعْدِ
قَالَ أَبُو زَيْدٍ: عَمِدَتِ الْأَرْضُ عَمْدًا، أَيْ رَسَخَ فِيهَا الْمَطَرُ إِلَى الثَّرَى حَتَّى إِذَا قَبَضْتَ عَلَيْهِ تَعَقَّدَ فِي كَفِّكَ وَجَعُدَ. وَيَقُولُونَ: الْزَمْ عُمْدَتَكَ، أَيْ قَصْدَكَ.
قَدْ مَضَى هَذَا الْبَابُ عَلَى اسْتِقَامَةٍ فِي أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ، وَبَقِيَتْ كَلِمَةٌ، أَمَّا نَحْنُ فَلَا نَدْرِي مَا مَعْنَاهَا، وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ مَأْخَذُهَا، وَفِيمَا أَحْسَبُ إِنَّهَا مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي دَرَجَ بِذَهَابِ مَنْ كَانَ يُحْسِنُهُ، وَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: إِنَّ أَبَا جَهْلٍ لَمَّا صُرِعَ قَالَ: " أَعْمَدُ مِنْ سَيِّدٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ "، وَالْحَدِيثُ مَشْهُورٌ. فَأَمَّا مَعْنَاهُ فَقَالُوا: أَرَادَ: هَلْ زَادَ عَلَى سَيِّدٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ؟ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى التَّفْسِيرِ وَلَا تُقَارِبُهُ، فَلَسْتُ أَدْرِي كَيْفَ هِيَ. وَأَنْشَدُوا لِابْنِ مَيَّادَةَ:
وَأَعْمَدُ مِنْ قَوْمٍ كَفَاهُمْ أَخُوهُمُ ... صِدَامَ الْأَعَادِي حِينَ فُلَّتْ نُيُوبُهَا
قَالُوا: مَعْنَاهُ هَلْ زِدْنَا عَلَى أَنْ كَفَيْنَا إِخْوَتَنَا. فَهَذَا مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ. وَحُكِيَ عَنِ النَّضْرِ أَنَّ مَعْنَاهَا أَعْجَبُ مِنْ سَيِّدٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ. قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَنَا أَعْمَدُ مِنْ كَذَا، أَيْ أَعْجَبَ مِنْهُ. وَهَذَا أَبْعَدُ مِنَ الْأَوَّلِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَيْفَ هُوَ.