نحن قسى وقسا أبونا
لَهَا صواهلُ فِي صُمِّ السِّلام كَمَا ... صَاح القَسِيّات فِي أَيدي الصياريف وَيُقَال مِنْهُ: قد قسا الدِّرْهَم يقسو. وَمِنْه حَدِيث لعبد الله آخر أَنه قَالَ لأَصْحَابه: أَتَدْرُونَ كَيفَ يَدْرُس العلمُ أَو قَالَ: الْإِسْلَام فَقَالُوا: كَمَا يَخْلُق الثَّوْب أَو كَمَا تقسو الدَّرَاهِم فَقَالَ: لَا وَلَكِن دروس الْعلم بِمَوْت الْعلمَاء. وَفِي هَذَا الحَدِيث من الْفِقْه أَن عمر كره أَن يُبَاع الدِّرْهَم الزائفُ بِدُونِ وَزنه لِأَنَّهُ وَإِن كَانَ فِيهِ نُحَاس فَإِنَّهُ فِي حد الدَّرَاهِم وَالْغَالِب عَلَيْهِ الْفضة وَكره الْفضة إِلَّا بِمثل وَزنهَا سَوَاء.
قسا: القَساء: مصدر قَسا القَلبُ يَقْسُو قَساء.والقَسْوَةُ: الصَّلابةُ
في كل شيء. وحجَر قاسٍ: صُلْب. وأَرض قاسيةٌ: لا تُنبت شيئاً. وقال أَبو
إِسحق في قوله تعالى: ثم قَسَتْ قلوبُكم من بعد ذلك؛ تأْويل قَسَت في
اللغة غَلُظت ويَبِست وعَسَت، فتأْويل القَسْوة في القلب ذَهاب اللِّين
والرحمة والخشوع منه. وقَسا قلبُه قَسْوة وقساوة وقَساء، بالفتح والمد، وهو
غِلَظ القلب وشدَّته، وأَقْساه الذنب، ويقال: الذنب مَقْساةٌ للقلب. ابن
سيده: قَسا القلب يَقْسُو قَسْوة اشتدَّ وعَسا، فهو قاسٍ، واستعمل أَبو
حنيفة القسوة في الأزمنة فقال: من أَحوال الأَزمنة في قَسَوْتَها ولِينها.
التهذيب: عام قَسِيٌّ ذو قَحْط؛ قال الراجز:
ويُطْعِمُونَ الشحمَ في العامِ القَسِيّْ
قُِدْماً، إِذا ما احْمَرّ آفاقُ السُّمِيّْ
وأَصْبَحَتْ مِثْلَ حَواشِي الأَتْحَمِيّْ
قال شمر: العامُ القَسِيُّ الشديد لا مطَرَ فيه. وعشية قَسِيَّةٌ:
باردة؛ قال ابن بري: ومنه قول العُجير السَّلُولي:
يا عَمْرُو يا أُكَيْرِمَ البَريَّهْ،
واللهِ لا أَكْذِبُكَ العَشِيَّهْ،
إِنا لَقِينا سَنةً قَسِيَّهْ،
ثم مُطِرْنا مَطْرةً رَوِيَّهْ،
فنَبَتَ البَقْلُ ولا رَعِيَّهْ
أَي ليس لنا مال يَرعاه. والقَسِيَّةُ: الشديدة. وليلة قاسِيةٌ: شديدةُ
الظُّلمة. والمُقاساةُ: مكابدة الأَمر الشديد. وقاساه أَي كابَده. ويوم
قَسِيٌّ، مثال شقي: شديد من حَرْب أَو شرّ. وقَرَبٌ قَسِيٌّ: شديد؛ قال
أَبو نخيلة:
وهُنَّ، بَعْد القَرَبِ القَسِيِّ،
مُسْتَرْعِفاتٌ بشَمَرْذَليِّ
القَسِيُّ: الشديد: ودِرْهَم قَسِيٌّ: رديء، والجمع قِسْيانٌ مثل صَبيّ
وصِبْيان، قلبت الواو ياء للكسرة قبلها كقِنْية، وقد قَسا قَسْواً. قال
الأَصمعي: كأَنه إِعراب قاشِي؛ ،قيل: درهم قَسِيٌّ ضَرْبٌ من الزُّيوف أَي
فِضته صُلبة رديئة ليست بلينة. وفي حديث عبد الله بن مسعود: أَنه باع
نُفاية بيت المال وكانت زيُوفاً وقِسْياناً بدون وزنها، فذُكر ذلك لعُمر
فنهاه وأَمره أَن يرُدَّها؛ قال أَبو عبيد: قال الأَصمعي واحد القِسْيان درهم
قَسِيٌّ مخفف السين مشدد الياء على مثال شَقِيٍّ؛ ومنه الحديث الآخر: ما
ىَسُرُّني دينُ الذي يأْتي العَرَّاف بدرهم قَسِيٍّ. ودراهمُ قَسِيَّةٌ
وقَسِيَّاتٌ وقد قَسَتِ الدراهم تَقْسُو إِذا زافت. وفي حديث الشعبي: قال
لأَبي الزِّناد تأْتينا بهذه الأَحاديث قَسِيَّة وتأْخذها منا طازَجةً
أَي تأْتينا بها رديئة وتأْخذها خالصة مُنقّاة؛ قال أَبو زبيد يذكر
المَساحي:
لهَا صَواهِلُ في صُمِّ السِّلامِ، كما
صاحَ القَسِيَّاتُ في أَيْدي الصَّياريفِ
ومنه حديث آخر لعبد الله أَنه قال لأَصحابه: أَتدرون كيف يَدْرُسُ
العِلمُ؟فقالوا: كما يَخْلُقُ الثوبُ أَو كما تَقْسُو الدراهم، فقال: لا ولكنْ
دُرُوسُ العِلم بموت العُلماء؛ ومنه قول مُزَرِّد:
وما زَوَّدُوني غَيْرَ سَحْقِ عِمامةٍ،
وخَمْسِمِئٍ منها قَسِيٌّ وزائِفُ
وفي خطبة الصدِّيق، رضي الله عنه: فهو كالدرهم القَسِيِّ والسَّراب
الخادع؛ القَسِيُّ: هو الدرهم الرديء والشيء المرذول. وسارُوا سيراً قَسِيّاً
أَي سيراً شديداً.
وقَسِيُّ بن مُنَبِّه: أَخو ثَقِيف. الجوهري: قَسِيٌّ لقب ثقيف، قال
أَبو عبيد: لأَنه مرَّ على أَبي رِغالٍ وكان مُصَدِّقاً فقتله فقيل قَسا
قلبه فسمي قَسِيّاً؛ قال شاعرهم:
نحنُ قَسِيٌّ وقَسا أَبونا
وقَسًى: موضع، وقيل: هو موضع بالعالية، قال ابن أَحمر:
بِجَوٍّ، من قَسًى، ذَفِرِ الخُزامى،
تَهادى الجِرْبِياء به الجَنِينا
(* قوله« يجوّ من قسى إلخ» اورده ابن سيده في اليائي بهذا اللفظ، واورده
الازهري وتبعه ياقوت بما لفظه:
بهجل من قسا ذفر الخزامى
تداعى الجربياء به الحنينا
وفيهما الحنينا بالحاء المهملة، وقال ياقوت: قسا منقول من الفعل.)
وأَنشد الجوهري لرجل من بني ضبة:
لنا إِبلٌ لم تَدْرِ ما الذُّعْرُ، بَيْتُها
بِتِعْشارَ، مَرْعاها قَسا فصَرائِمُهْ
وقيل: قَسا حَبْل رَمْل من رمال الدَّهناء؛ قال ذو الرمة:
سَرَتْ تَخْبِطُ الظَّلْماء من جانِبَيْ قَسا،
وحُبَّ بها، مِن خابِطِ الليلِ، زائر
وقال أَيضاً:
ولكنَّني أُفْلِتُ مِنْ جانِبَيْ قَسا،
أَزُورُ امرأً مَحْضاً كرِيماً يَمانِيا
ابن سيده: وقُساءٌ موضع أَيضاً، وقد قيل: هو قَسًى بعينه، فإِن قلت:
فلعل قَسًى مبدل من قُساءٍ والهمزة فيه هو الأَصل؟ قيل: هذا حَمْل على
الشذوذ لأَن إِبدال الهمز شاذ، والأَوّل أَقْوى لأَن إِبدال حرف العلة همزةً
إِذا وقع طرفاً بعد أَلف زائدة هو الباب.
ابن الأَعرابي: أَقْسَى إِذا سكن قُساء، وهو جبل، وكل اسم على فُعال فهو
ينصرف، فأَما قُساء
(* قوله« فأَما قساء إلخ» عبارة التكملة: فأما قساء فلا ينصرف لانه في
الأصل على فعلاء في الأَصل قُسَواء على فُعَلاء.) ، ولذلك لم يصرف؛ قال
ابن بري: قُساء، بالضم والمد، اسم جبل، ويقال: ذو قُساء؛ قال جِرانُ
العَوْدِ:
يُذكِّر أَيّاماً لَنا بِسُوَيْقَةٍ
وهَضْبِ قُساءٍ، والتَّذَكُّرُ يَشْعَفُ
وقال الفرزدق:
وقَفْتُ بأَعلى ذِي قُساء مَطِيَّتي،
أُمَيِّلُ في مَرْوانَ وابنِ زِيادِ
ويقال: ذو قُساء موضع؛ قال نَهْشَلُ بن حَرِّيٍّ:
تَضَمَّنها مشَارِفُ ذي قُساءٍ،
مَكانَ النَّصْلِ من بَدَنِ السِّلاحِ
قال الوزير: قِساء اسم موضع مصروف، وقُساء اسم موضع غير مصروف