أفاً له وتفاً، وكلمه فتأفف به، واستمره فتأفف من مرارته.
تم باب الفاء بتمام اللفيف ولا رباعي له ولا خماسي، والحمد لله كثيرا
(لَجَجْنَا ولَجَّتْ هَذِه في التَّغَضُّبِ ... )
ورجلٌ أَفَّافٌ كَثيرُ التَّأَفُّف وقد أَفَّ يَئِفُّ ويَؤُفُّ أَفّا قال ابن دُرَيْدٍ هو أن يقول أُفَّ من كَرْبٍ أو ضَجَرٍ ورجلٌ أَفَّافٌ كثير التَّأفُّف وأتانا على إِفِّ ذَاكَ وإِفَّتِهِ وأَفَفِهِ وإِفَّانِه وتَئِفَّتِه أي على إِبَّانِه وَرَقْتِه وسيبويه يَجْعَلُ تَئِفَّةً فَعِلَّةً والفارسيُّ يرد عليه ذلكَ بالاشتقاقِ ويَحْتجُّ بما تقدَّمَ واليَأْفُوفُ الخَفِيفُ السرِيعُ وقيل الضعيفُ الأحْمَقُ واليَأْفُوفَةُ الفَراشةُ
أفف: الأُفُّ: الوَسَخُ الذي حَوْلَ الظُّفُرِ، والتُّفُّ الذي فيه،
وقيل: الأُفُّ وسَخ الأُذن والتُّفُّ وسَخ الأَظفار. يقال ذلك عند
اسْتِقْذارِ الشيء ثم استعمل ذلك عند كل شيء يُضْجَرُ منه ويُتَأَذَّى به.
والأَفَفُ: الضَّجَرُ، وقيل: الأُفُّ والأَفَف القِلة، والتُّفُّ منسوق على
أُفّ، ومعناه كمعناه، وسنذكره في فصل التاء.
وأُفّ: كلمة تَضَجُّرٍ وفيها عشرة أَوجه: أُفَّ له وأُفِّ وأُفُّ
وأُفّاً وأُفٍّ وأُفٌّ، وفي التنزيل العزيز: ولا تَقُلْ لهما أُفٍّ ولا
تَنْهَرْهُما، وأُفِّي مُـمالٌ وأُفَّى وأُفَّةٌ وأُفْ خفيفةً من أُفّ المشددة،
وقد جَمَعَ جمالُ الدِّين بن مالك هذه العشر لغات في بيت واحد، وهو
قوله:فأُفَّ ثَلِّثْ ونَوِّنْ، إن أَرَدْتَ، وقُل:
أُفَّى وأُفِّي وأُفْ وأُفَّةً تُصِبِ
ابن جني: أَما أُفّ ونحوه من أَسماء الفِعْلِ كَهَيْهاتَ في الجَرّ
فَمَحْمُولٌ على أَفعال الأَمر، وكان الموضع في ذلك إنما هو لِصَهْ ومَهْ
ورُوَيْد ونحو ذلك، ثم حمل عليه باب أُف ونحوها من حيث كان اسماً سمي به
الفعل، وكان كل واحد من لفظ الأَمر والخبر قد يَقَعُ مَوْقِع صاحبِه صار كل
واحد منهما هو صاحبه، فكأَنْ لا خِلافَ هنالك في لفظ ولا معنًى.
وأَفَّفَه وأَفَّفَ به: قال له أُف. وتأَفَّفَ الرجلُ: قال أُفَّةً وليس بفعل
موضوع على أَفَّ عند سيبويه، ولكنه من باب سَبَّحَ وهَلَّلَ إذا قال سبحان
اللّه ولا إله إلا اللّه
(* هنا بياض بالأصل.) . . . إذا مَثَّلَ نَصْبَ
أُفَّة وتُفّة لم يُمَثِّلْه بفعل من لفظه كما يفعل ذلك بسَقْياً ورَعْياً
ونحوهما، ولكنه مثَّله بقوله
(* هنا بياض بالأصل.) ... إذ لم نجد له
فعلاً من لفظه. الجوهري: يقال أُفّاً له وأُفَّةً له أَي قَذَراً له،
والتنوين للتنكير، وأُفَّةً وتُفَّةً، وقد أَفَّفَ تأْفِيفاً إذا قال أُف.
ويقال: أُفّاً وتُفّاً وهو إتباعٌ له. وحكى ابن بري عن ابن القطاعِ زيادةً
على ذلك: أَفَّةً وإفَّةً. التهذيب: قال الفراء ولا تقل في أُفَّة إلا
الرفع والنصب، وقال في قوله ولا تقل لهما أُفّ: قرئ أُفِّ، بالكسر بغير
تنوين وأُفٍّ بالتنوين، فمن خفض ونوَّن ذهب إلى أَنها صوت لا يعرف معناه إلا
بالنطق به فخَفَضُوه كما تُخْفَضُ الأَصواتُ ونَوَّنُوه كما قالت العرب
سمعت طاقٍ طاقِ لصوت الضرب، ويقولون سمعت تِغٍ تِغٍ لصوت الضحك، والذين لم
يُنَوِّنُوا وخَفَضُوا قالوا أُفِّ على ثلاثة أَحرف، وأَكثر الأَصوات
على حرفين مثل صَهٍ وتِغٍ ومَهٍ، فذلك الذي يخفض وينون لأَنه متحرك
الأَوّل، قال: ولسنا مضطرين إلى حركة الثاني من الأَدوات وأَشباهها فخفض بالنون،
وشبهت أُف بقولهم مُدّ ورُدّ إذا كانت على ثلاثة أَحرف، قال: والعرب
تقول جعل فلان يَتَأَفَّفُ من ريح وجدها، معناه يقول أُف أُف. وحكي عن
العرب: لا تقولَنَّ له أُفًّا ولا تُفًّا. وقال ابن الأَنباري: من قال أُفّاً
لك نصبه على مذهب الدعاء كما يقال وَيْلاً للكافرين، ومن قال أُفٌّ لك
رفعه باللام كما يقال وَيْلٌ للكافرين، ومن قال أُفٍّ لك خفضه على التشبيه
بالأَصوات كما يقال صَهٍ ومَهٍ، ومن قال أُفِّي لك أَضافه إلى نفسه، ومن
قال أُفْ لك شبهه بالأَدوات بمَنْ وكَمْ وبل وهل. وقال أَبو طالب: أُيفٌّ
لك وتُفٌّ وأُفَّةٌ وتُفّةٌ، وقيل أُفٌّ معناه قلة، وتُفٌّ إتباعٌ
مأْخوذ من الأَفَفِ وهو الشيء القليل. وقال القتيبي في قوله عز وجل: ولا تقل
لهما أُفّ أَي لا تَسْتَثْقِلْ شيئاً من أَمرهما وتَضِقْ صدراً به ولا
تُغْلِظْ لهما، قال: والناس يقولون لما يكرهون ويستثقلون أُف له، وأَصل هذا
نَفْخُكَ للشيء يسقط عليكَ من تُراب أَو رَماد وللمكان تريد إماطةَ أَذًى
عنه، فقِيلَتْ لكل مُسْتَثْقَلٍ. وقال الزجاج: معنى أُف النَّتْنُ،
ومعنى الآية لا تقل لهما ما فيه أَدنى تَبَرُّمٍ إذا كَبِرَا أَو أَسَنّا، بل
تَوَلَّ خَدْمَتَهما. وفي الحديث: فأَلقى طرَفَ ثَوْبه على أَنْفِه وقال
أُف أُف؛ قال ابن الأَثير: معناه الاسْتِقْذارُ لما شَمَّ، وقيسل: معناه
الاحْتِقارُ والاسْتِقْلالُ، وهو صوتٌ إذا صوّتَ به الإنسانُ عُلِم أَنه
متضجر مُتَكَرِّه، وقيل: أَصل الأَفف من وسَخِ الأُذن والإصْبع إذا
فُتِلَ. وأَفَّفْتُ بفلان تَأْفِيفاً إِذا قلت له أُفّ لك، وتأَفَّفَ به
كأَفَّفَه. وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها: أَنها لما قتل أَخوها محمد بن
أَبي بكر، رضي اللّه عنهم، أَرْسلت عبدَ الرحمن أَخاها فجاء بابْنِه
القاسِم وبنته من مصر، فلما جاء بهما أَخَذَتْهُما عائشةُ فَرَبَّتْهما إلى أَن
اسْتَقَلاَّ ثم دعت عبد الرحمن فقالت: يا عبد الرحمن لا تَجِد في نفسك
من أَخْذِ بني أَخِيك دُونكَ لأَنهم كانوا صِبياناً فخشيت أَن تتأَفَّفَ
بهم نِساؤك، فكنت أَلْطَف بهم وأَصْبَرَ عليهم، فخذهم إليك وكن لهم كما
قال حُجَيَّةُ بن الـمُضَرِّب لبني أَخيه سَعْدانَ؛ وأَنشدته الأَبيات التي
أَوَّلها:
لجَجْنا ولَجَّتْ هذه في التَّغَضُّبِ
ورجل أَفَّافٌ: كثير التَّأَفُّفِ، وقد أَفَّ يَئِفُّ ويَؤُفُّ أَفّاً.
قال ابن دُريد: هو أَن يقول أُفّ من كَرْبٍ أَو ضَجَر. ويقال: كان فلان
أُفُوفةً، وهو الذي لا يزال يقولُ لبعض أَمره أُفّ لك، فذلك الأُفُوفةُ.
وقولهم: كان ذلك على إفِّ ذلك وإفَّانه، بكسرهما، أَي حِينه وأَوانه. وجاء
على تَئِفَّةِ ذلك، مثل تَعِفَّةِ ذلك، وهو تَفْعِلَةٌ. وحكى ابن بري
قال: في أَبنيةِ الكتاب تَئِفَّةٌ فَعِلَّةٌ، قال: والظاهر مع الجوهري
بدليل قولهم على إفِّ ذلك وإفّانِه، قال أَبو علي: الصحيح عندي أَنها
تَفْعِلةٌ والصحيح فيه عن سيبويه ذلك على ما حكاه أَبو بكر أَنه في بعض نسخ
الكتاب في باب زيادة التاء؛ قال أَبو عليّ: والدليل على زيادتها ما رويناه عن
أَحمد عن ابن الأَعرابي قال: يقال أَتاني في إفّانِ ذلك وأُفّان ذلك
وأَفَفِ ذلك وتَئِفَّةِ ذلك، وأَتانا على إفِّ ذلك وإفَّتِهِ وأَفَفِه
وإفَّانِه وتَئِفَّتِه وعِدَّانهِ أي على إبَّانِه ووَقْته، يجعل تَئِفَّةً
فَعِلَّةً، والفارسيّ يَرُدُّ ذلك عليه بالاشتقاق ويحتج بما تقدَّم. وفي
حديث أَبي الدرداء: نعم الفارسُ عَوَيْمِرٌ غيرَ أُفَّةٍ؛ جاء تفسيره في
الحديث غيرَ جَبانٍ أَو غيرَ ثَقِيلٍ. قال ابن الأَثير: قال الخطابي أَرى
الأَصل فيه الأقَف وهو الضَّجَرُ، قال: وقال بعض أَهل اللغة معنى الأُفّةِ
المُعْدِمُ الـمُقِلُّ من الأَفَفِ، وهو الشيء القليل.
واليأْفُوفُ: الخفِيفُ السريع؛ وقال:
هُوجاً يَآفِيفَ صِغاراً زُعْرا
واليأْفُوفُ: الأَحمقُ الخفِيفُ الرأْي. واليأْفُوفُ: الرّاعي صفة
كاليَّحْضُور واليَحْمُوم كأَنه مُتَهَيِّءٌ لرِعايته عارِفٌ بأَوْقاتِها من
قولهم: جاء على إفَّانِ ذلك وتَئِفَّتِه. واليأْفُوفُ: الخفيف السَّرِيعُ،
وقيل: الضَّعِيفُ الأَحمقُ. واليأْفُوفَةُ: الفراشةُ، ورأَيت حاشية بخط
الشيخ رَضِيِّ الدين الشاطبيّ قال في حديث عمرو بن معديكرب أَنه قال في
بعض كلامه: فلان أَخَفُّ من يأْفُوفَةٍ، قال: اليأْفُوفَةُ الفَراشةُ؛
وقال الشاعر:
أَرى كلَّ يأْفُوفٍ وكلَّ حَزَنْبَلٍ،
وشِهْذارةٍ تِرْعابةٍ قد تَضَلَّعا
والتِّرْعابةُ: الفَرُوقةُ. واليأْفُوفُ: العَييُّ الخَوَّار؛ قال
الرَّاعي:
مُغَمَّرُ العَيْشِ يأْفُوفٌ، شَمائِلُه
تأْبَى الـمَوَدَّةَ، لا يُعْطِي ولا يَسَلُ
قوله مُغَمَّر العَيْشِ أَي لا يكادُ يُصِيبُ من العَيْشِ إلا قليلاً،
أُخِذَ من الغَمَر، وقيل: هو الـمُغَفَّلُ عن كلِّ عَيْش.