رقا: الرَّقْوةُ: دِعْصٌ من رَمْلٍ. ابن سيده: الرَّقْوةُ والرَّقْوُ
فُوَيْقَ الدِّعْصِ من الرمل، وأَكثرُ ما يكون إلى جوانب الأَودية؛ قال
يصف ظبية وخِشْفها:
لها أُمُّ مُوَقَّفة وَكُوبٌ،
بحيثُ الرَّقْوُ، مَرْتَعُها البَرِيرُ
(* قوله: وكنى بالكوب؛ هكذا في الأصل، ولم يرد في البيت وإنما ورد
وَكُوب).
أَراد لها أُمُّ مرتَعها البَريرُ، وكنى بالكُوب عن القلب وغيرهِ،
والمُوَقَّفة: التي في ذِراعَيْها بياضٌ، والوَكُوبُ: التي واكَبَتْ ولدَها
ولازَمَتْه؛ وقال آخر:
مِن البِيضِ مِبْهاجٌ، كأَنَّ ضَجِيعَها
يَبِيتُ إلى رَقْوٍ، من الرَّمْلِ، مُصْعب
ابن الأَعرابي: الرَّقْوة القُمْزَة من التراب تَجْتَمِع على شَفِير
الوادي، وجمعها الرُّقا.
ورَقِيَ إلى الشيءِ رُقِيّاً ورُقُوّاً وارْتَقى يَرْتَقي وتَرَقَّى:
صَعِد، ورَقَّى غيرهَ؛ أَنشد سيبويه للأَعشى:
لئنْ كُنت في جُبٍّ ثمانين قامَةً،
ورُقِّيت أَسْبابَ السماء بسُلَّم
ورَقِىَ فلانٌ في الجبل يَرْقَى رُقِيّاً إذا صَعَّدَ. ويقال: هذا
جبَل لا مَرْقىً فيه ولا مُرْتَقىً. ويقال: ما زال فلانٌ يتَرقَّى به
الأَمرُ حتى بَلَغ غايتَه. ورَقِيتُ في السُّلَّم رَقْياً ورُقِيّاً إذا
صَعِدْتَ، وارتَقَيْت مثلُه؛ أَنشد ابن بري:
أَنتَ الذي كلَّفْتَني رَقْيَ الدَّرَجْ،
على الكَلالِ والمَشِيبِ والعَرَجْ
وفي التنزيل: لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ. وفي حديث اسْتِراقِ السَّمْعِ:
ولكنَّهم يُرَقُّونَ فيه أَي يتَزَيَّدُون فيه. يقال: رَقَّى فلان على
الباطل إذا تقَوَّلَ ما لم يكن وزاد فيه، وهو من الرُّقِيّ الصُّعُودِ
والارتفاعِ، ورَقَّى شُدِّد للتعدية إلى المفعول، وحقيقة المعنى أنهم
يرتفعون إلى الباطل ويدَّعون فوق ما يسمعون. وفي الحديث: كنتُ رَقَّاءً
على الجبال أي صَعَّاداً عليها، وفعَّال للمبالغة.
والمَرْقاة والمِرْقاة: الدرجة، واحدة من مَراقي الدرَج، ونظيره
مَسْقاةٌ ومِسْقاة، ومَثْناةٌ ومِثْناة للحَبْل، ومَبْناةٌ ومِبْناة
للعَيْبة أَو النِّطَع، بالفتج والكسر؛ قال الجوهري: من كسَرَها شبَّهها بالآلة
التي يعمل بها، ومن فَتَح قال هذا موضع يفعل فيه، فجعَله بفتح الميم
مخالفاً؛ عن يعقوب. وترقَّى في العِلْم أَي رَقِيَ فيه دَرَجة درجة.
ورَقَّى عليه كلاماً تَرْقِيةً أَي رفَع.
والرُّقيْة: العُوذة، معروفة؛ قال رؤْبة:
فما تَرَكا مِن عُوذَةٍ يَعْرِفانها،
ولا رُقْيةٍ إلا بها رَقَياني
والجمع رُقىً. وتقول: اسْتَرْقَيْتُه فرَقاني رُقيْة، فهو راقٍ، وقد
رَقَاه رَقْياً ورُقِيّاً. ورجلٌ رَقَّاءٌ: صاحبُ رُقىً. يقال: رَقَى
الراقي رُقْيةً ورُقِيّاً إذا عَوَّذَ ونَفَثَ في عُوذَتِه، والمَرْقِيُّ
يَسْتَرْقي، وهم الراقُونَ؛ قال النابغة:
تَناذَرَها الرَّاقُونَ مِن سُوءِ سَمِّها
وقول الراجز:
لقد عَلِمْت، والأَجَلِّ الباقي،
أَنْ لَنْ يَرُدَّ القَدَرَ الرواقي
قال ابن سيده: كأَنه جمَع امرأَةً راقيةً أَو رجُلاً راقيةٌ، بالهاء
للمبالغة. وفي الحديث: ما كنَّا نأْبُنُه برُقْىة. قال ابن الأَثير:
الرُّقْية العُوذة التي يُرْقى بها صاحبُ الآفةِ كالحُمَّى والصَّرَع وغير ذلك
من الآفات، وقد جاء في بعض الأَحاديث جوازُها وفي بعضِها النَّهْيُ
عنها، فمنَ الجواز قوله: اسْتَرْقُوا لهَا فإنَّ بها النَّظْرَة أَي
اطْلُبوا لها من يَرْقِيها، ومن النهي عنها قوله: لا يَسْتَرْقُون ولا
يَكْتَوُون، والأَحاديث في القسمين كثيرة، قال: ووجه الجمع بينها أَن الرُّقَى
يُكره منها ما كان بغير اللسان العربي وبغير أَسماء الله تعالى وصفاتهِ
وكلامه في كتُبه المنزلة، وأَن يعْتَقدَ أَن الرُّقْيا نافعة لا مَحالَة
فيتَّكلَ عليها، وإياها أَراد بقوله: ما توَكَّلَ مَنِ اسْتَرْقَى،
ولايُكره منها ما كان في خلاف ذلك كالتعوّذ بالقرآن وأسماء الله تعالى
والرُّقَى المَرْوِيَّةِ، ولذلك قال للذي رَقَى بالقرآن وأَخَذَ عليه أَجْراً:
مَن أَخَذ برُقْية باطِلٍ فقد أَخَذْت برُقْية حَقٍّ، وكقوله في حديثج
ابر: أَنه، عليه السلام، قال اعْرِضُوها عليَّ فعرَضْناها فقال لا بأْس بها
إنما هي مواثِيقُ، كأَنه خاف أَن يقع فيها شيء مما كانوا يتلفظون به
ويعتقدونه من الشرك في الجاهلية وما كان بغير اللسان العربي مما لا يعرف له
ترجمة ولا يمكن الوقوف عليه، فلا يجوز استعماله؛ وأَما قوله: لا
رُقْىةَ إلا من عَيْنٍ أَو حُمَةٍ، فمعناه لا رُقْية أولى وأَنفعُ، وهذا كما
قيل لا فَتىً إلا عليٌّ، وقد أَمَر، عليه الصلاة والسلام، غير واحد من
أَصحابه بالرُّقْيةِ وسَمِعَ بجماعة يَرْقُونَ فلم يُنْكِرْ عليهم، قال:
وأَما الحديث الآخر في صفة أَهل الجنة: الذي يدخلونها بغير حساب وهم الذين
لا يَسْتَرقُونَ ولا يَكْتَوُون وعلى ربهم يتوكلون، فهذا من صفة
الأَولياء المعرضين عن أَسباب الدنيا الذين لا يلتفتون إلى شيء من علائقها،
وتلك درجةُ الخَواصِّ لا يَبْلُغها غيرُهم، جعلنا الله تعالى منهم بمنه
وكرمه، فأَما العوامُّ فَمُرَخَّصٌ لهم في التداوي والمُعالجات، ومن صبر
على البلاء وانتظر الفرجَ من الله بالدعاء كان من جملة الخواص
والأَولياء، ومن لم يصبر رخص له في الرقية والعلاج والدواء، أَلا ترى أَن
الصدّيق، رضي الله عنه، لما تصدق بجميع ماله لم ينكر عليه علماً منه بيقينه
وصبره؟ ولما أَتاه الرجل بمثل بيضة الحمامة من الذهب وقال: لا أَملك غيره،
ضربه به بحيث لو أَصابه عَقَره وقال فيه ما قال. وقولُهم: ارْقَ على
ظَلْعِكَ أَي امْشِ واصْعد بقدر ما تطيق ولا تَحْمِلْ على نفسك ما لا تطيقه،
وقيل: ارْقَ على ظَلْعِكَ أَي الْزَمْه وارْبَعْ عليه. ويقال للرجل:
ارْقَ على ظَلْعِكَ أَي أَصِْلحْ أوَّلاً أمرَكَ، فيقول قد رَقِيتُ، بكسر
القاف، رُقِيّاً. ومَرْقَيَا الأَنْفِ: حَرْفاه؛ عن ثعلب، كأَنه منه
ظَنٌّ، والمعروف مَرَقَّا الأَنْفِ.
أَبو عمرو: الرُّقَّى الشحْمة البيضاء النَّقِيَّة تكون في مَرْجِعِ
الكَتِف، وعليها أُخْرى مثلُها يقال لها المَأْتاةُ
(* قوله «يقال لها
المأتاة» هكذا هو في الأصل والتهذيب) .فكما يَراها الآكِلُ يأْخُذُها
مُسابَقةً. قال: وفي المثل يَضْرِبُه النِّحْرير للخَوْعَمِ حَسِبْتَنِي
الرُّقىَّ عليها المَأْتاة. قال الجوهري: والرُّقَيُّ موضع. ورُقَيَّة: اسم
امرأَة. وعبدُ الله بنُ قيسِ الرُّقَيَّات
(* قوله «وعبد الله بن قيس الرقيات»
مثله في الجوهري عبد الله مكبراً، وقال في التكملة: صوابه عبيد الله
مصغراً). إنما أُضيف قيسٌ إليهن لأَنه تزوج عدَّة نسوة وافق أَسماؤهن
كُلِّهِنَّ رقيَّةَ فنُسب إليهن؛ قال الجوهري: هذا قول الأَصمعي، وقال غيره:
إنه كانت له عدَّةُ جدّات أَسماؤهن كُلِّهنّ رُقَيَّة، ويقال: إنما أُضيف
إليهنّ لأَنه كان يُشَبِّبُ بعدّة نساء يُسَمِّيْن رُقَيَّة.