نطف: النطَفُ والوحَرُ: العَيْب. يقال: هم أَهل الرَّيْب والنطَف. ابن
سيده: نطَفَه نَطْفاً ونطَّفه لطَّخه بعيب وقَذَفَه به. وقد نَطِف،
بالكسر، نَطَفاً ونَطافةً ونُطوفة، فهو نطِف: عابَ وأَرابَ. ويقال: مرَّ بنا
قوم نَطِفُون نَضِفون وحَرُون نَجِسُون كفَّار. والنطَف: التَّلَطُّخ
بالعيب؛ قال الكميت:
فَدَعْ ما ليس منك ولستَ منه،
هما رِدْفَين من نَطَفٍ قَرِيبُ
قال رِدْفين على أَنهما اجتمعا عليه مترادفين فنصبهما على الحال. وفلان
يُنْطَف بسُوء أَي يُلَطَّخ. وفلان يُنْطَف بفُجور أَي يُقْذَف به. وما
تنَطَّفْت به أَي ما تلطَّخْت. وقد نَطِف الرجل، بالكسر، إذا اتُّهم
بريبة، وأَنطفه غيره. والنَّطِفُ: الرجل المُرِيب. وإنه لَنطِف بهذا الأَمر
أَي متَّهَم، وقد نطِف ونُطِف نطَفاً فيهما. ووقع في نطَف أَي شرّ وفساد.
ونَطِف الشيءُ أَي فسد. ونطِف البعير نطَفاً، فهو نطِف: أَشرفت دَبَرَتُه
على جوفه ونَقَّبت عن فُؤاده، وقيل: هو الذي أَصابته الغُدّة في بطنه،
والأُنثى نطَفة. والنطَفُ: إشراف الشجَّة على الدماغ والدبَرة على الجوف،
وقد نطِف البعير؛ قال الراجز:
كَوْسَ الهِبَلِّ النَّطِفِ المَحْجوزِ
قال ابن بري: ومثله قول الآخر:
شدّاً عليّ سُرَّتي لا تَنْقَعِفْ
إذا مَشَيْتُ مِشْيَةَ العَوْدِ النَّطِفْ
ورجل نطِف: أَشرفت شَجَّته على دِماغه. ونطِف من الطعام يَنطَف نطَفاً:
بَشِم. والنَّطف: علة يُكوى منها الرجل، ورجُل نطِف: به ذلك الداء؛
أَنشد ثعلب:
واسْتَمَعُوا قَوْلاً به يُكْوى النَّطِفْ،
يَكادُ مَنْ يُتْلَى عليه يُجْتأَفْ
(* ورد هذا البيت في مادة جأف وفيه يجتئف بدل يجتأف.)
والنَّطْفُ: عَقْر الجُرح. ونطَف الجرحَ والخُراجَ نَطْفاً: عقره.
والنَّطَف والنُّطَف: اللؤلؤ الصافي اللون، وقيل: الصغار منها، وقيل: هي
القِرَطةُ، والواحدة من كل ذلك نَطَفة ونُطَفة، شبهت بقَطْرة الماء.
والنَّطَفة، بالتحريك: القُرط. وغلام مُنَطَّف: مُقَرَّط. ووصيفة مُنطَّفة
ومُتَنطِّفة أَي مُقَرَّطة بتُومَتَيْ قُرْط؛ قال:
كأَنَّ ذا فَدّامةٍ مُنَطَّفا
قَطَّف من أَعْنابه ما قَطَّفا
وقال الأَعشى:
يَسْعى بها ذو زُجاجاتٍ له نَطَفٌ،
مُقَلِّصٌ أَسْفَلَ السِّربالِ مُعْتَمِلُ
وتَنَطَّفَتِ المرأَة أَي تَقَرَّطت.
والنُّطْفة والنُّطافة: القليل من الماء، وقيل: الماء القليل يَبقى في
القِربة، وقيل: هي كالجُرْعة ولا فِعل للنُّطفة. والنُّطفة: الماء القليل
يبقى في الدَّلْو؛ عن اللحياني أَيضاً، وقيل: هي الماء الصافي، قلَّ أَو
كثر، والجمع نُطَف ونِطاف، وقد فرق الجوهري بين هذين اللفظين في الجمع
فقال: النُّطفة الماء الصافي، والجمع النِّطاف، والنُّطفة ماء الرجل،
والجمع نُطَف. قال أَبو منصور: والعرب تقول للمُويْهة القليلة نُطفة، وللماء
الكثير نُطفة، وهو بالقليل أَخص، قال: ورأَيت أَعرابيّاً شرب من رَكِيّة
يقال لها شَفِيَّة وكانت غزيرة الماء فقال: واللّه إنها لنطفة باردة؛ وقال
ذو الرمة فجعل الخمر نُطفة:
تَقَطُّعَ ماء المُزْنِ في نُطَفِ الخَمْرِ
وفي الحديث: قال لأَصحابه: هل من وَضوء؟ فجاء رجل بنُطفة في إداوة؛
أَراد بها ههنا الماء القليل، وبه سمي المنيُّ نُطفة لقلته. وفي التنزيل
العزيز: أَلم يك نُطفة من منيّ يُمْنى. وفي الحديث: تخيروا لِنُطَفِكم، وفي
رواية: لا تجعلوا نُطَفكم إلا في طَهارة، وهو حث على استخارة أُم الولد
وأَن تكون صالحة، وعن نكاح صحيح أَو ملك يمين. وروي عن النبي، صلى اللّه
عليه وسلم، أَنه قال: لا يزالُ الإسلامُ يزيد وأَهله ويَنْقُصُ الشِّرك
وأَهله حتى يسير الراكب بين النُّطْفتين لا يخشى إلا جوراً؛ أَراد بالنطفتين
بحر المشرق وبحر المغرب، فأَما بحر المشرق فإنه ينقطع عند نواحي البصرة،
وأَما بحر المغرب فمُنْقَطَعُه عند القُلْزم؛ وقال بعضهم: أَراد
بالنطفتين ماء الفُرات وماء البحر الذي يلي جُدّة وما والاها فكأَنه، صلى اللّه
عليه وسلم، أَراد أَن الرجل يسير في أَرض العرب بين ماء الفرات وماء
البحر لا يخاف في طريقه غير الضَّلال والجَوْر عن الطريق، وقيل: أَراد
بالنطفتين بحر الروم وبحر الصين لأَن كل نطفة غير الأُخرى، واللّه أعلم بما
أَراد؛ وفي رواية: لا يخشى جوراً أَي لا يخاف في طريقه أَحداً يجور عليه
ويظلمه. وفي الحديث: قطَعْنا إليهم هذه النُّطفةَ أَي البحر وماءه. وفي حديث
علي، كرم اللّه وجهه: وليُمْهِلْها عند النِّطاف والأَعْشاب، يعني الإبل
والماشية، النطاف: جمع نُطفة، يريد أَنها إذا وردت على المياه والعُشب
يدَعُها لتَرِد وترعى. والنطفة: التي يكون منها الولد.
والنَّطْفُ: الصبُّ. والنَّطْفُ: القَطْر. ونطَف الماءُ ونطَف الحُبُّ
والكوز وغيرهما يَنْطِفُ ويَنْطُف نَطْفاً ونُطوفاً ونِطافاً ونَطَفاناً:
قَطَر. والقِرْبة تَنْطف أَي تقْطُر من وَهْيٍ أَو سَرْبٍ أَو سُخْف.
ونَطَفانُ الماء: سَيَلانُه. ونطَف الماءُ ينطُف وينطِف إذا قطر قليلاً
قليلاً. وفي صفة السيد المسيح، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: ينْطِفُ
رأْسه ماء. وفي حديث ابن عمر، رضي اللّه عنهما: دخلت على حفصة ونَوْساتُها
تنطف. وفي الحديث: أَن رجلاً أَتاه فقال: يا رسول اللّه رأَيتُ ظُلَّة تنطف
سمناً وعسلاً أَي تقطُر. والنُّطافةُ: القُطارة. والنَّطُوف: القَطُور.
وليلة نطُوف: قاطرة تمطر حتى الصباح. ونطفَت آذان الماشية وتَنطَّفت:
ابتلَّت بالماء فقطَرت؛ ومنه قول بعض الأَعراب ووصف ليلة ذات مطر: تَنْطف
آذان ضأْنها حتى الصباح. والناطِفُ: القُبَّيط لأَنه يتَنَطَّف قبل
استِضْرابه أَي يقْطُر قبل خُثورته؛ وجعل الجعدي الخمر ناطفاً فقال:
وبات فَريق يَنْضَحُون كأَنما
سُقُوا ناطِفاً، من أَذْرِعاتٍ، مُفَلْفَلا
والتَّنَطُّف: التَّقَزُّزُ. وأَصاب كَنْزَ النَّطِف، وله حديث، قال
الجوهري: قولهم لو كان عنده كَنْزُ النَّطِف ما عدا؛ قال: هو اسم رجل من بني
يَرْبوعٍ كان فقيراً فأَغار على مال بعث به باذانُ إلى كِسرى من اليمن،
فأَعطى منه يوماً حتى غابت الشمس فضربت به العرب المثل؛ قال ابن بري: هذا
الرجل هو النَّطِفُ بن الخَيْبَري أَحد بني سَلِيط بن الحرث بن
يَرْبُوعٍ، وكان أَصاب عَيْبَتَيْ جوهر من اللَّطِيمة التي كان باذانُ أَرسَل بها
إلى كسرى بن هُرْمُزَ، فانتهبها بنو حَنظلةَ فقُتِلت بها تمِيم يوم
صَفْقة المُشَقَّر، ورأَيت حاشية بخط الشيخ رضيّ الدين الشاطبي، رحمه اللّه،
قال: قال ابن دريد في كتاب الاشتقاق: النَّطِف اسمه حِطَّانُ، قال ابن
بري: ويقال النطف رجل من بني يربوع كان فقيراً يحمل الماء على ظهره فينطف
أَي يقطر، وكان أغار على مال بعث به باذان إلى كسرى.