Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب): https://arabiclexicon.hawramani.com/?p=39659#b366e2
الصَّيْد: الْحَيَوَان المتوحش فِي أصل الْخلقَة وَهُوَ نَوْعَانِ. بري وَهُوَ مَا يكون توالده وتناسله فِي الْبر. وبحري وَهُوَ مَا يكون توالده وتناسله فِي المَاء لِأَن المولد هُوَ الأَصْل والتعيش بعد ذَلِك فَلَا يعْتَبر بِهِ. وَفِي الاصطلاحات الشَّرِيفَة الشريفية الصَّيْد مَا توحش بجناحيه أَو بقوائمه مَأْكُولا كَانَ أَو غير مَأْكُول وَلَا يُؤْخَذ إِلَّا بحيلة. وَحل أَنْوَاع السّمك كالمارماهي والجريث وَغَيره وَلَعَلَّ الْإِطْلَاق قَول الشَّيْخَيْنِ فَإِن أَنْوَاعه حَلَال سواهُمَا عِنْد مُحَمَّد كَمَا فِي الْمُضْمرَات وَمَا قيل إِن الجريث من الممسوخات بَاطِل لِأَنَّهُ لَا نسل لما مسخ إِذْ لَا يبْقى بعد ثَلَاثَة أَيَّام كَذَا فِي شرح مُخْتَصر الْوِقَايَة لأبي المكارم رَحمَه الله فِي نَوَادِر الْفَتَاوَى (اكر ماهي ازغاية كرمي وسردي آب بميرد حَلَال بود) . فِي الْهِدَايَة وَفِي الْمَوْت بِالْحرِّ وَالْبرد رِوَايَتَانِ. فِي الْخَانِية فَإِن ألقِي السَّمَكَة فِي جب مَاء فَمَاتَتْ فِيهِ لَا بَأْس بأكلها لِأَنَّهُ فَاتَت بِسَبَب حَادث وَهُوَ ضيق الْمَكَان. فِي الظَّهِيرِيَّة وَلَو وجد سَمَكَة طافية وَفِي بَطنهَا سَمَكَة يحل مَا فِي بَطنهَا وَإِن كَانَ لَا يحل الطافي. وَفِي الْهِدَايَة وَالْأَصْل فِي السّمك عندنَا أَنه إِذا مَاتَ بِآفَة يحل كالمأخوذ وَإِن مَاتَ حتف أَنفه من غير آفَة لَا يحل كالطافي. وَفِي الذَّخِيرَة إِذا وجد السَّمَكَة ميتَة على وَجه المَاء وبطنه من فَوق لم يُؤْكَل لِأَنَّهُ طَاف وَإِن كَانَ ظَهره من فَوق أكله لِأَنَّهُ لَيْسَ بطاف وَلَكِن الأَصْل عندنَا هُوَ مَا ذكر فِي الْهِدَايَة. فِي فَتَاوَى الْأَسْرَار الدُّود الَّذِي يُقَال لَهُ بالهندية (جهينكه) حرَام عِنْد بعض الْعلمَاء لِأَنَّهُ لَا يشبه السّمك وَإِنَّمَا يُبَاح عندنَا من الصَّيْد البحري أَنْوَاع السّمك وَهَذَا لَا يكون من أَنْوَاع السّمك. وَقَالَ بَعضهم حَلَال لِأَنَّهُ يُسمى بأسماء السّمك. فِي الْيَنَابِيع يكره أكل السّمك الطافي هُوَ الَّذِي مَاتَ حتف أَنفه من غير آفَة وَإِن مَاتَ بمعالجة آدَمِيّ فَهُوَ حَلَال وَقَالَ أَبُو المكارم رَحمَه الله تَعَالَى فِي شرح مُخْتَصر الْوِقَايَة وَفِي الْمُحِيط لَا بَأْس بِأَكْل سَمَكَة صادها الْمَجُوسِيّ لِأَنَّهَا تحل بِدُونِ التَّسْمِيَة فالمجوسي وَغَيره فِيهِ سَوَاء.
وَاعْلَم أَن الصَّيْد الَّذِي اصطيد بالبندوق بِالتَّسْمِيَةِ يعلم بالقواعد الْفِقْهِيَّة أَنه حرَام وَإِن اشْتهر أَنه حَلَال لعدم الرِّوَايَة الصَّرِيحَة فِي حلّه وَلِأَنَّهُم شرطُوا فِي الذّبْح الِاخْتِيَارِيّ والاضطراري كليهمَا وحكموا بِحرْمَة صيد بندقة الغليل وعللوا حرمته بِأَن فعلهَا التدقيق لَا الْجرْح وَهَذِه الْعلَّة مَوْجُودَة فِي بندقة البندوق فَإِن فعلهَا تدقيق وتحريق وتخريق لَا جرح لعدم الحدة فِيهَا. صَرَّحُوا بِأَن أَنهَار الدَّم لَا بُد وَأَن يكون بِمَالِه حِدة وجرح يَعْنِي برش وَإِلَّا فأنهار الدَّم يحصل بِضَرْب الْخشب فَإِنَّهُ يكسر الْعظم وَاللَّحم وَالْجَلد ويشقه فَيجْرِي الدَّم بضربه والمقتول بالخشب حرَام بِنَصّ الْقُرْآن الْمجِيد فَإِن الموقوذة فِي قَوْله تَعَالَى {والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة} ، هِيَ الْمَقْتُول بالخشب.
فَيعلم من هَا هُنَا حُرْمَة ذَلِك الصَّيْد وَإِن سَمِعت من وَالِدي المرحوم حلّه وَأَيْضًا سَمِعت أَن رجلا عَالما كاشغريا يَقُول إِن سُبْحَانَ قليخان وَإِلَى التوران استفتى من الْعلمَاء فِي حلّه وَحرمه فَجمعُوا وأفتوا بحله وَلَكِن ذَلِك الرجل لم يذكر السَّنَد إِلَّا مَا أنهر الدَّم. وَقد علمت جَوَابه فَمَا لم تأت رِوَايَة صَحِيحَة صَرِيحَة فِي حلّه لَا يُؤْكَل وَيحكم بحرمته فَإِن الكليات الْفِقْهِيَّة وقواعدها تَقْتَضِي الْحُرْمَة، فَافْهَم الْمَسْأَلَة واحفظ اللِّسَان عَن الإبرام، فَإِنَّهَا مزلقة جسيمة وشبكة عَظِيمَة للإعلام.
(بسكه صيد لَا غرم فربه بشد بهلوى دَامَ ... )
(نارسائي هَا مرا شرمنده صياد كرد ... ) ( [حرف الضَّاد] )